السعودية تستكمل حلقات القوة الاقتصادية في المنطقة بشركة طيران

السعودية تستكمل حلقات القوة الاقتصادية في المنطقة بشركة طيران

الرياض – تستمر السعودية في تجميع عناصر القوة الاقتصادية في المنطقة بعد الإعلان عن شركة طيران جديدة للمنافسة على جذب الملايين من المسافرين، وذلك ضمن رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تعمل على تقليص اعتماد البلاد على إيرادات النفط وخلق بدائل بالتركيز على السياحة والترفيه والنقل وجذب الشركات العالمية الكبرى.

ومن شأن ظهور الشركة الجديدة أن يزيد من حدة التنافس بين شركات الطيران الإقليمية على الفوز بثقة مسافري الترانزيت الذين يقصدون المنطقة.

ويأتي قرار استحداث شركة الطيران الجديدة، التي قد تتخذ من العاصمة الرياض مقرا لها، كتتويج لقرارات سابقة بدأت بمطالبة المملكة الشركات الدولية، التي لها تعاملات مع القطاع العام السعودي، بأن تكون مقراتها الإقليمية موجودة في السعودية، وإلا فإنه سيتم إيقاف التعاقد معها بحلول عام 2024، في خطوة قال مراقبون إن الهدف منها هو جعل السعودية مركزا اقتصاديا إقليميا.

وبدأت هذه الخطة القائمة على المنافسة الإقليمية تتجسد من خلال سلسلة من الخطوات العملية من بينها التخطيط لتنفيذ مشروع مدينة نيوم العملاقة على البحر الأحمر، وهي مدينة تقوم على التكنولوجيا الذكية وبتكلفة 500 مليار دولار. وكذلك إنشاء مطار جديد في الرياض بهدف تعزيز قدرة المملكة على جذب 100 مليون سائح سنويا، بحلول عام 2030، بعد أن وصل العدد إلى 40 مليونا في 2019.

وضاح الطه: موقع السعودية يؤهلها لتطوير صناعة الطيران في السوق الدولية

وأعلن ولي العهد السعودي عن دفعة لقطاع النقل واللوجستيات يوم الثلاثاء بهدف أن تصبح المملكة خامس أكبر مركز عالمي لحركة الترانزيت.

وقال الأمير محمد بن سلمان إن استراتيجيته لتطوير خدمات النقل “تستهدف النهوض بالمملكة العربية السعودية لتصبح في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية، إلى جانب إطلاق ناقل وطني جديد، بما يمكّن القطاعات الأخرى مثل الحج والعمرة والسياحة من تحقيق مستهدفاتها”.

وتمثل هذه الاستراتيجية تحولا للسعودية التي تشغل بقية شركات الطيران بها، مثل السعودية المملوكة للدولة ووحدتها التابعة للطيران منخفض التكلفة طيران أديل، خدمات سفر محلية في الأغلب ورحلات من وجهة إلى أخرى فقط من المملكة وإليها.

ومن شأن الخطوات السعودية الجديدة أن تهدد المنافسين التقليديين في المنطقة مثل شركة الطيران العمانية ومشروع الدقم (الميناء اللوجستي) في سلطنة عمان، وكذلك طيران الإمارات ومدينة دبي كمقر للشركات وجبل علي للوجستيك. كما من شأنها أيضا أن تنافس الخطوط القطرية وموانئ أقيمت بحجة كأس العالم لكنها الآن ستكون محدودة الأثر.

بالمقابل، لا تأثيرات مهمة للاستراتيجية السعودية الجديدة على البحرين والكويت لأنهما في الأصل تعملان بإمكانيات متواضعة في مختلف المجالات السابقة.

ويهدد التوسع السعودي بزيادة حدة المعركة على الركاب في الوقت الذي تضرر فيه السفر بفعل جائحة كورونا. ومن المتوقع أن تستغرق الرحلات طويلة المدى مثل تلك التي تشغلها طيران الإمارات والخطوط القطرية وقتا أطول لكي تتعافى.

وقال وضاح الطه المحلل الاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار إنه “في ظل رؤية 2030 تسعى السعودية لتنويع مصادر الدخل وزيادة نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي”، مضيفا أن أنشطة الخدمات تحتل دورا مهما في تنويع الاقتصاد السعودي وتخفيض معدل البطالة خصوصا بين الشباب.

وأشار الطه في تصريح لـ”العرب” إلى أن موقع المملكة يؤهلها لتطوير صناعة الطيران خصوصاً السوق الأفريقية والأوروبية والآسيوية، مشيرا إلى أن الموضوع لا يرتبط فقط بتوسيع أسطول الطيران بل بالمنظومة الأوسع التي تتضمن المطارات المؤهلة لاستقبال الرحلات الخارجية والطرق المؤدية إلى المطارات لمنع الاختناقات المرورية.

من جهتها، اعتبرت سالمة الموشي الكاتبة السعودية في صحيفة “الرياض” الحكومية أن “ظهور المملكة كإحدى أهم الدول في حركة الترانزيت بات مطلبا اقتصاديا ليس لأنه إحدى أهم السياسات الاقتصادية التي وضعتها رؤية 2030 بل لأن السعودية هي مركز حضاري وقاري هام، بل وتمثل منطقة ذات تأثير سيادي عالمي”.

سالمة الموشي: ولي العهد السعودي يدير حركة اقتصادية فعلية لتحقيق أهداف المملكة

وقالت الموشي في تصريح لـ”العرب”، “آن للدولة وهي تصبو بشكل مباشر إلى خدمة التحول الاقتصادي الذي كان أحد أهم منطلقات رؤية 2030، إعادة هيكلة بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية مستدامة”.

ويتخوف مراقبون ورجال أعمال من أن يتسبب التوسع في هذه القطاعات بتخمة طيران وخدمات لوجستية في منطقة تأثرت كثيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية، ثم بأزمة كورونا، مما يعني أن لا أحد سيخرج رابحا من هذه المنافسة.

وقال روبرت موجيلنيكي الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية “المنافسة التجارية في صناعة الطيران كانت دوما شرسة، المنافسة الإقليمية تحتدم. يلوح في الأفق بعض الاضطراب في العلاقات الإقليمية”.

وأعلنت دبي، أكبر مركز لرحلات السفر الجوي الدولية في العالم، عن خطة أجلها خمس سنوات لزيادة مسارات السفر والشحن الجوي بنسبة 50 في المئة ومضاعفة الطاقة السياحية على مدى العامين المقبلين.

وتحتاج أيّ شركة طيران إلى رأسمال كبير، ويحذر خبراء من أنه إذا كانت السعودية تطمح إلى التنافس على رحلات الترانزيت فإنها قد تضطر إلى مواجهة خسائر لسنوات.

وأعلنت طيران الإمارات تكبد خسارة قياسية بقيمة 5.5 مليار دولار الشهر الماضي فيما أجبرت الجائحة دبي على التدخل بتقديم دعم حكومي بقيمة 3.1 مليار دولار للشركة.

العرب