الهيئة “التنسيقية” تلمح بالتصعيد ضد القوات الأمريكية

الهيئة “التنسيقية” تلمح بالتصعيد ضد القوات الأمريكية

ينذر بيان “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية” التابعة للميليشيات الصادر في 22 أيار/مايو، بفترة أخرى من التصعيد في المساعي المستمرة لـ “المقاومة” لطرد القوات الأمريكية. ويكتسي نص البيان صيغة قانونية، ويركّز على القانون المحلي وحق “المقاومة” المتصوّر في مقاومة التحالف في العراق.

في 22 أيار/مايو، أصدرت “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية” (“التنسيقية”) بياناً جديداً طويلاً جاء فيه:

“قاتلوهم، يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين” [الآية 14 من سورة التوبة]

“بعد عدة وساطات من بعض السياسيين العراقيين منحت فصائل “المقاومة” أكثر من فرصة واحدة للحكومة العراقية، التي تجري مفاوضات مع الجانب الأمريكي بشأن مصير القوات الأجنبيّة [في العراق]، ولكن ما نتج عن جولتيْ المفاوضات – ولا سيما المهزلة التي كانت عليها الجولة الثانية – كان سيئاً ومؤسفاً للغاية.

“ومما زاد الطين بلة، أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين قالوا إنه لا يوجد جدول زمني وشيك لانسحاب قواتهم، وأن الحكومة العراقية هي التي طلبت منهم البقاء، ولم يصدر نفي من الحكومة الحالية لهذه التصريحات.

“وهذا يدفعنا إلى القول إن هذه الحكومة ليست صادقة، ولا مؤهلة، وغير قادرة على تحقيق إرادة الشعب العراقي بإخراج قوات الاحتلال من أرضهم، وحفظ سيادتهم، والدفاع عن دستورهم.

“إن ما نتج عن جولتيْ المفاوضات مع الجانب الأمريكي مرفوض بشكل كلي وتام، ولم يكن أكثر من محاولة تسويف ومماطلة. لذلك، نؤكد أن أبناء العراق الأحرار هم الذين يحق لهم بالكلمة الفصل، بما يضمن أولوية تحقيق مصالح العراقيين وأمنهم.

“إن استمرار وجود قوات الاحتلال الأمريكي بقواعدها على الأرض، وسيطرتها على السماء، هو انتهاك مستمر للدستور العراقي الذي يمنع ذلك صراحة، وهو عدم احترام إرادة الملايين من أبناء هذا البلد، ومخالفة صريحة لقرار مجلس النواب العراقي.

“إن الإدارة الأمريكية برفضها خروج قواتها قد بعثت إلينا برسالة واضحة مفادها أنها لا تفهم إلا لغة القوة.

“لذلك، تؤكد المقاومة العراقيّة استعدادها الكامل لأداء واجبها المشروع، والوطني، والقانوني، لتحقيق هذا الهدف، وأن عملياتها الجهادية مستمرة؛ بل ستأخذ منحى تصاعدياً ضد الاحتلال، وبما يرغم [هذه القوات] – بعون الله وبجهود مقاتلي “المقاومة” البواسل – على الخروج مطرودين ومهزومين كما هُزموا من قبل”.

يبدو أن هذا البيان ينذر بفترة أخرى من التصعيد في المساعي المستمرة لـ “المقاومة” لطرد القوات الأمريكية. ويكتسي نص البيان صيغة قانونية، ويركّز على القانون المحلي وحق “المقاومة” المتصوّر في مقاومة التحالف في العراق على حدّ سواء. وكان فريق “الأضواء الكاشفة للميليشيات” قد وثّق سابقاً هوس “المقاومة” بالقانون. كما ركزت البيانات السابقة لـ “التنسيقية” على “الحق القانوني والوطني والدعم الشعبي” الذي تحظى به “المقاومة” لشنها هجمات على القوات الأمريكية. ويحمل هذا البيان بعض الإدعاءات الإضافية.

الإدعاء الأول: الوجود الأمريكي في العراق هو “انتهاك مستمر للدستور العراقي الذي يمنع ذلك صراحةً”. هذه حجة واهية تستخدمها الميليشيات بشكل متكرر، علماً أنه لا يوجد بند في الدستور العراقي يمنع القوات الأجنبية من العمل على الأراضي العراقية بناء على دعوة من الحكومة. فقوات التحالف تعمل في العراق بناء على دعوة الحكومة المحلية ووفقاً للاتفاقيات المختلفة بين الحكومات والمتعلقة (من بين أمور أخرى) باستخدام القوة وقواعد الاشتباك وعدد القوات في البلاد، وما إلى ذلك. وتبقى حكومة العراق المعترف بها دولياً ذات سيادة. وبِحكم التعريف، يعني مثل هذا الترتيب أن القوات الأمريكية ليست قوة احتلال.
الإدعاء الثاني: الوجود الأمريكي في العراق هو “انتهاك واضح لقرار مجلس النواب العراقي”. يشير هذا الادعاء إلى محاولة بعض النواب في 5 كانون الثاني/يناير 2020 إصدار قرار بطرد القوات الأمريكية في أعقاب مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. وكان التصويت غير ملزم، حيث لم يكتمل النصاب القانوني في البرلمان وفقاً للمادة 59 (1) من الدستور. وفي الوقت الحالي، يبقى رئيس الوزراء و “مجلس الوزراء” برئاسته السلطة التنفيذية المباشرة المسؤولة عن السياسة العامة للدولة، ويبقى هو القائد العام لقواتها المسلحة. ويشمل ذلك صلاحية التفاوض وتوقيع الاتفاقات والمعاهدات الدولية (المادة 80).
وبغض النظر عن عن مساعي “المقاومة” لإضفاء طابع قانوني على أنشطتها، يُعتبر بيان “التنسيقية” لافتاً أيضاً لإشارته إلى “قوات الاحتلال الأمريكية بقواعدها على الأرض، وسيطرتها على السماء”. وقد يدل ذلك على أن “التنسيقية” وداعميها الإيرانيين مهتمون على نحو متزايد باستخدام التحالف للمجال الجوي العراقي – ليس فقط من أجل تنفيذ الإجراءات الحركية، بل لأغراض المراقبة أيضاً.

باختصار، قد يشير بيان الثاني والعشرين من أيار/مايو إلى مزيد من التصعيد ستنفذه “المقاومة” في الفترة اللاحقة. وجاء بيان مماثل في أعقاب الهجمات الأمريكية على البوكمال في شباط/فبراير، وردْ «كتائب حزب الله» الانتقامي على “قاعدة الأسد الجوية” في الثالث من آذار/مارس. ويأتي البيان الحالي بعد شهور من تبني هجمات على مواكب، وإطلاق نار غير مباشر بين الحين والآخر على قواعد جوية، وحملة جديدة لهجمات انتحارية مستهدفة باستخدام طائرات بدون طيار.

كريسبين سميث

معهد واشنطن