التمرد الداخلي في الصين

التمرد الداخلي في الصين

ققققق

 

الباحث رافييلو بانتوشي/ المعهد الملكي للخدمات المتحدة RUSI

ترجمة مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

بعد مرور خمس اعوام على أعمال العنف التي شهدتها الصين منذ عقود، بدت بيجين اليوم عاجزة عن تشكيل استراتيجيتها نحو مقاطعة شينجيانغ، خصوصاً وان مشاكل هذه المقاطعة آخذة بالتزايد، ما يتطلب نهجاً وقائياً شاملاً لحلها.

وأعمال الشغب في أورومتشي التي حدثت عام 2009 تعد حداً فاصلاً لسياسة الحكومة الصينية تجاه المنطقة، حيث جرى تجاهل مطالب هذه المقاطعة، التي كانت تدار من قبل الحاكم “وانغ له تشيوان”، الذي اتسمت سياسته بالقوة والشدة. على ان ما حدث في شينجيانغ الزم الرئيس الصيني السابق “هو جين تاو” مغادرة “قمة مجموعة الثمانية” التي كانت تعقد آنذاك في إيطاليا. اعقبها اقالة العديد من كبار مسؤولي الأمن في المقاطعة.

وفي عام 2010، أعلنت الحكومة الصينية عن استراتيجية جديدة تجاه مقاطعة شينجيانغ، وركزت بشكل كبير على الاستثمار الاقتصادي وتنمية الروابط التجارية في المقاطعة مع دول آسيا الوسطى. ورغم ذلك لم تستطع هذه الاستراتيجية انهاء العنف في المنطقة، ففي الجزء الجنوبي منها (حيث يعيش شعب الايغور وهم من الاقلية التركية المسلمة) ابدى هؤلاء سخطهم على الحكومة، وشنوا عدداً من الهجمات في بيجين ومدينة كونمينغ ومدينة قوانغتشو. كما وقعت حوادث في نيسان/أبريل وأيار/مايو في المقاطعة، تمثلت في القاء القنابل في أورومتشي واستهداف الحشود في محطة للقطار.

وليس بالإمكان الجزم اذا ما كان العنف الحاصل في المقاطعة يجري بتدبير خارجي، وحتى الآن يبدو أن الأدلة التي قدمتها الحكومة الصينية تشير إلى أن التواصل بين المعارضين الايغور مع الخارج يقتصر على شبكة الانترنت. وأبعد من ذلك، يبدو ان أقوى دليل ملموس على وجود ربط بين ما يحدث في المقاطعة، والتأثيرات الخارجية، هو حوادث الفرار المتكررة من البلاد التي يقوم بها الايغور.

ففي أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، قتل أحد عشر شخص من الايغور في قيرغيزستان في اشتباك مع حرس الحدود. وفي آذار/مارس الماضي القي القبض على حوالي 200 شخص الايغور في تايلند، ادعوا انهم اتراك، وطالبوا بإعادتهم بلادهم، ثم في أواسط نيسان/ أبريل الماضي تم القبض على مجموعة من الايغور الذين عبروا الحدود إلى فيتنام، هاجموا حرس الحدود بعد محاولة اعادتهم الى الصين.

الاستثمار والقبضة الامنية المشددة

ومن الواضح ان قوات الأمن الصينية لا تمتلك رؤية واضحة في كيفية التعامل مع مشاكل المقاطعة، وركزت انتشارها المكثف في المدن الكبرى، وفي المواقع الحساسة الحكومية والاقتصادية، وفي وسائل النقل العام. تحسباً لاي هجوم محتمل. وتشير التقارير، الى ان مدينة أورومتشي، شهدت اشتباكات بين معارضين وقوات حكومية هناك، مما تطلب تكثيف الوجود الامني.

كما ركزت الحكومة جهودها على السيطرة على شبكة الإنترنت، وأقنعت اعضاء “منتدى شنغهاي” وهو تجمع إقليمي يضم حتى الآن كلاً من: الصين وروسيا وكزاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، على التعاون معاً عبر الإنترنت وحظر نشر المعلومات التي من شأنها التحريض على اعمال العنف.

وعلى المستوى الاستراتيجي، في حزيران/يونيو الماضي، عقدت الحكومة مؤتمراً حول الاستثمار الاقتصادي الواسع النطاق في المقاطعة، على خلفية حل المشاكل في المقاطعة، واعلن رئيس المؤتمر اهتمام الحكومة الصينية بتحقيق التكامل العرقي الإقليمي والوطني، وتحسين التحصيل التعليمي، مؤكداً أيضاً على أهمية التسامح الديني، والتركيز على الفوائد الاقتصادية التي تجنيها الأقليات في المقاطعة في حال استتباب الامن، وغيرها من الرسائل التي يبدو أنها تشير إلى رغبة حكومة بيجين في تجاوز نهج المسار التقليدي المزدوج القائم على الاستثمار الاقتصادي، المقترن بالقبضة الامنية القوية.

ومن غير الواضح ان هذه الرسائل الحكومية ستكون ذات مفاعيل على الارض، مع ما رشح من معلومات تفيد بمنع السلطات الحكومية المسؤولين المسلمين في المقاطعة من الصيام خلال شهر رمضان، وهو امر مخالف لنهج التسامح مع الاديان، اضف الى ذلك فانه ليس من الواضح ان تعتمد الشركات العاملة في المنطقة، نهجاً من العمل الإيجابي فيما يتعلق بتوظيف الأقليات.

تعميق الحرمان من الحقوق

وتوحي المؤشرات على الأرض، فيما يتعلق بالهجمات أو تقارير من الناس الذين يحاولون الفرار، واللقاءات التي اجريت مع السكان المحليين في أورومتشي، انهم يعانون من الحرمان والاهمال وعدم الاعتراف بحقوقهم القومية، أن الكثير منهم يشعر بنفور من سياسات الصين حيال الاقليات.

https://www.rusi.org/analysis/commentary/ref:C53CFAAF5CC377/#.U9Dd8WbdBdh