الاستهداف الممنهج لأبراج الكهرباء في العراق يعمق الشكوك نحو ميلشيات إيران

الاستهداف الممنهج لأبراج الكهرباء في العراق يعمق الشكوك نحو ميلشيات إيران

بغداد – يعمّق استمرار استهداف أبراج الكهرباء في العراق الشكوك حول الجهة المستفيدة من ذلك، رغم توجيه السلطات العراقية أصبع الاتهام نحو تنظيم داعش، لكن لم يمنع البعض من عدم التردد في إثارة الشكوك حول الميليشيات المدعومة من إيران التي كثيرا ما تقتضي مصلحتها وحسابات مشغّليها خلط الأوراق وتعقيد الأزمات كما هي الحال راهنا في فترة المسير نحو الانتخابات المبكّرة.

وأعلنت السلطات العراقية، الاثنين، تدمير 3 أبراج لنقل الطاقة الكهربائية في محافظة نينوى، شمالي البلاد، إثر استهدافها بعبوات ناسفة من قبل مجهولين.

وأفاد بيان لوزارة الكهرباء، بأن الهجوم أسفر عن “انقطاع خط كهرباء القيارة – سد الموصل غربي محافظة نينوى جراء سقوط 3 أبراج بفعل تفجيرها بعبوات ناسفة”.

وأضاف أن “منظومة نقل الطاقة الكهربائية الشمالية في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين، تعرضت إلى هجمات متكررة خلال الأسبوع المنصرم، ما تسبب بسقوط 20 برجاً وتوقف عدة خطوط، وضعف في تجهيز واستقرار الطاقة الكهربائية”.

وخلال الأسابيع الماضية، شهد العراق هجمات متصاعدة تستهدف أبراج نقل الكهرباء ومحطات التوليد، في بلد ينتج بين 19 و21 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بينما يحتاج أكثر من 30 ألفا، وفق مسؤولين في القطاع.

وتعرضت منظومة نقل الطاقة الكهربائية الشمالية في المحافظات (نينوى – كركوك – صلاح الدين) خلال الأسبوع الماضي إلى تفجير 20 برجاً، مما أدى إلى توقف عدة خطوط وضعف في تجهيز واستقرار الطاقة الكهربائية للمنطقة الشمالية.

وقالت وزارة الداخلية العراقية إن هجمات استهدفت 160 برجا لنقل الطاقة الكهربائية خلال 7 أشهر في البلاد.

وتتهم السلطات العراقية تنظيم داعش الإرهابي بالوقوف وراء الهجمات، التي تأتي بالتزامن مع تزايد الطلب على الطاقة بفعل ارتفاع الحرارة.

وتبنى داعش عشرات الهجمات على شبكة الكهرباء في العراق وهدد البنية التحتية الحيوية الأخرى وقالت قوات الأمن العراقية إنها أحبطت عدة محاولات أخرى.

وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت، الأحد، إحباط أكثر من 18 عملية لاستهداف أبراج الطاقة خلال أسبوعين، فيما أشارت وزارة الكهرباء إلى أن بعض الهجمات على أبراج الطاقة ممنهجة وأخرى عشوائية.

ويرى متابعون للشأن العراقي أن تواتر استهداف أبراج الكهرباء مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية قد يحمل بصمات قوى سياسية وفصائل مسلّحة مقرّبة من إيران معنية بقطع الطريق على التجديد لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على رأس الحكومة لعدم ثقتها فيه باعتباره في نظرها حليفا للولايات المتّحدة.

وعلى هذا الأساس لا يستبعد هؤلاء عمل تلك القوى على افتعال الأزمات الأمر الذي يضع الميليشيات الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في دائرة الاتّهام بالوقوف وراء تفجير أبراج الكهرباء.

وسبق أن اتهم الكاظمي في يوليو الماضي “قوى واهية”، لم يسمها، بالعمل على ألا تصل بلاده إلى الاكتفاء الذاتي في الطاقة الكهربائية والغاز.

وحسب بيان صادر عن مكتبه، قال الكاظمي خلال اجتماعه مع مسؤولي وزارة الكهرباء في العاصمة بغداد، إن “هناك قوى واهية تعمل على ألا يصل العراق إلى الاكتفاء الذاتي في الطاقة والغاز، وتحاول إعاقة هذه الجهود بكل وسيلة”.

ويكتسي موضوع الكهرباء أهمية استثنائية لحكومة الكاظمي الذي يسعى جاهدا لاستكمال الفترة الانتقالية التي يقودها بأقل الأضرار وصولا إلى موعد الانتخابات البرلمانية المبكّرة المقرّرة لشهر أكتوبر القادم وستنبثق عنها حكومة جديدة.

ولا يريد رئيس الوزراء أن يصبح هدفا مباشرا لغضب الشارع الذي يزداد تحفزّه للاحتجاج والتظاهر كل صيف مع تجدّد أزمة الكهرباء في الفصل الذي تصل فيه درجات الحرارة مستويات عالية تبلغ الخمسين درجة مئوية في بعض الأحيان.

ويعاني العراق أزمة نقص الكهرباء منذ عقود، جراء الحروب المتعاقبة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، فضلا عن استشراء الفساد.

وكثيرا ما مثّلت أزمة الكهرباء المُزمنة في العراق وعجز حكوماته المتعاقبة منذ أكثر من عقد ونصف العقد من الزمن عن تجاوزها رغم أنّ البلد من كبار منتجي النفط ومصدّريه في العالم، نموذجا عن الفشل في إدارة موارد الدولة وتجييرها لخدمة المجتمع وتلبية حاجاته الأساسية وانعكاسا لمدى تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة.

وأواخر العام الماضي توصلت لجنة تحقيق شكلها البرلمان إلى إنفاق واحد وثمانين مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2005 دون تحسن يذكر في الخدمة.

وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية في يوليو الماضي عن الاتفاق مع إيران لرفع اطلاقات الغاز وإعادة خطوط الكهرباء التي قطعتها عن مناطق عراقية وأشارت إلى ان وكيل الوزارة لشؤون الإنتاج عادل كريم بحث مع القائم بأعمال السفارة الإيرانية في العراق موسى علي زاده آخر تطورات العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة والوقود .

وكانت إيران قطعت خلال الأسابيع الأخيرة الطاقة الكهربائية عن مناطق بشرق العراق كما خفضت من اطلاقات غازها إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية في جارها الغربي الذي تطالبه بديون تبلغ 4 مليارات دولار عن قيمة الغاز والكهرباء الذي تزوده به.

ولجأت السلطات العراقية في الأسابيع الأخيرة إلى الاستعانة بالجيش لمواجهة معضلة الهجمات المتكرّرة على البنية التحتية للطاقة الكهربائية، بعد موجة من الاستهداف أدت إلى قطع التيار الكهربائي على مئات الآلاف من السكّان.

ورصدت السلطات العراقية مكافأة مالية مجزية للمتعاونين على إخبار القوات المنتشرة في قواطع العمليات من الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والشرطة المحلية وشرطة الطاقة، عن أي حالة استهداف للأبراج الكهربائية.

العرب