“تقدم تاريخي” في الاندماج النووي: العلم يقترب من إنتاج طاقة صديقة للبيئة غير مكلفة

“تقدم تاريخي” في الاندماج النووي: العلم يقترب من إنتاج طاقة صديقة للبيئة غير مكلفة

واشنطن – أعلن مختبر أميركي عام عن “تقدم تاريخي” بعدما نجح في إنتاج الطاقة بكميات أكبر من أي وقت مضى بفضل الاندماج النووي، ما أثار حماس علماء كثيرين في العالم.

والهدف بعيد المدى من بحوث الاندماج هو تسخير هذه العملية للمساعدة في تلبية الاحتياجات المستقبلية للطاقة، حيث ستكون مصدرا لتوفير الطاقة الآمنة والصديقة للبيئة دون أي تكاليف مادية، ما يعني وقف استخدام النفط المتهم الأول بالتسبب في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأشار الباحثون في بيان إلى أن التجربة التي أجريت في الثامن من أغسطس في مركز “ناشونال إيغنيشن فاسيليتي” (أن أي أف) في ولاية كاليفورنيا “كانت ممكنة من خلال مستوى تركيز ضوء الليزر -لا يقل عن 192- على هدف بحجم رصاصة صيد”.

ستيفن روز: هذا أهم تقدم في الاندماج بحصر القصور الذاتي منذ بدايته عام 1972

وأفضى ذلك إلى “إنتاج بقعة ساخنة بقطر شعرة وتوليد أكثر من 10 كوادريليون (مليون مليار) واط عن طريق الاندماج خلال 100 تريليون (مليون مليون) جزء من الثانية”. وهذه طاقة أكبر بثماني مرات من تلك المنتجة خلال التجارب الأخيرة التي أجريت في الربيع.

وقال البيان إن “هذا الاختراق يقرّب الباحثين بدرجة كبيرة من عتبة الاشتعال”، أي اللحظة التي تتجاوز فيها الطاقة المنتجة تلك المستخدمة في إثارة التفاعل.

وثمة استعدادات جارية حاليا لإعادة إجراء هذه التجربة وستستغرق “عدة أشهر”، بحسب البيان الذي أوضح أنه سيتم نشر بيانات تفصيلية عن هذه التجربة في مجلة علمية.

وقال مدير مختبر “لورانس ليفرمور” الوطني -الذي يتبع له مركز “أن أي أف”- كيم بوديل إن “هذه النتيجة تشكل خرقا تاريخيا على صعيد الأبحاث المتعلقة بالاندماج بحصر القصور الذاتي”.

وعلق البروفيسور ستيفن روز -وهو المدير المشارك لمركز الأبحاث في هذا المجال بجامعة “إمبريال كولدج” في العاصمة البريطانية لندن- قائلا إن فرق مركز “ناشونال إيغنيشن فاسيليتي” أنجزت “عملا غير عادي”. وأضاف “هذا أهم تقدم في الاندماج بحصر القصور الذاتي منذ بدايته عام 1972”.

غير أن المدير المشارك للمركز ذاته في لندن جيرمي شيتندن قال إن “تحويل هذا المفهوم إلى مصدر للطاقة الكهربائية المتجددة قد يكون عملية طويلة الأمد وسيتطلب التغلب على تحديات فنية كبيرة”.

ويشكل الاندماج النووي طاقة المستقبل بحسب المروجين له، خصوصا لأنه ينتج القليل من المخلفات ولا تنبعث منه غازات مسببة للاحتباس الحراري.

وهو يختلف عن تقنية الانشطار المستخدمة حاليا في محطات الطاقة النووية والتي تقوم على كسر روابط النوى الذرية الثقيلة لتوليد طاقة.

أما الاندماج فهو العملية العكسية، إذ يتم خلاله “تزويج” نواتين ذريتين خفيفتين لإنشاء نواة ثقيلة. في هذه الحالة يؤدي تمازج نظيرين (متغيرات ذرية) للهيدروجين إلى توليد الهيليوم. وهذه العملية تحصل في النجوم، بما يشمل الشمس في مجموعتنا الشمسية.

وفي فرنسا يهدف مشروع “إيتر” الدولي أيضا إلى التحكم في إنتاج الطاقة عن طريق اندماج الهيدروجين. وبدأ تجميع المفاعل قبل عام في مقاطعة بوش دو رون جنوب البلاد.

وتأتي هذه التجارب في وقت تتزايد فيه التحذيرات من انعكاسات تزايد انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وذلك مع تزايد الكوارث الطبيعية التي تشهدها مختلف مناطق العالم مثل الفيضانات في ألمانيا وحرائق الغابات في أوروبا وشمال أفريقيا وكندا والولايات المتحدة.

وتقول الأمم المتحدة إنه من أجل الحفاظ على مناخ صالح للعيش، يجب خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050.

العرب