أفاد مراسل الجزيرة بأن جموعا كبيرة احتشدت، اليوم السبت، في محيط مطار كابل وسط حالة من الفوضى وإطلاق نار متقطع، بينما أعلن مسؤول بحلف شمال الأطلسي (الناتو) أن عملية الإجلاء من مطار كابل تسير ببطء وأنها محفوفة بالمخاطر.
بدورها، طلبت السفارة الأميركية في كابل من رعاياها تجنب الوصول إلى مطار كابل وبواباته بسبب التهديدات الأمنية.
ويواصل آلاف الأفغان الراغبين بمغادرة بلادهم، الانتظار لليوم الخامس على التوالي، أمام بوابة مطار حامد كرزاي الدولي بالعاصمة كابل، على أمل تجاوز الحواجز المدعومة بالأسلاك الشائكة ودخول المطار لمغادرة البلاد، بعد سيطرة طالبان على مقاليد الحكم.
وتسمح القوات الأجنبية المسؤولة عن أمن المطار، بدخول فقط من يمتلك جواز سفر وتأشيرة.
ويعد الأطفال والرضع أكثر المتأثرين من الانتظار في ظروف صعبة للغاية، وسط قلة الطعام والماء، مع إصرار الكثيرين على المكوث في المكان حتى دخول المطار وإجلائهم إلى أي دولة أخرى.
وأقر مسؤول في الناتو ببطء عملية إجلاء الرعايا الأجانب والأفغان الراغبين في مغادرة البلاد، وأرجع السبب إلى أن الحلف لا يريد أي شكل من الصدام مع مسلحي حركة طالبان أو المدنيين خارج المطار.
وقال المسؤول في الناتو لرويترز إنه تم إجلاء نحو 12 ألف أجنبي وأفغاني يعملون لدى السفارات وجماعات الإغاثة الدولية من أفغانستان منذ سيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية.
وكان مسؤولون في الناتو وحركة طالبان قد أعلنوا أن ما لا يقل عن 12 شخصا لقوا حتفهم في المطار والمنطقة المحيطة به منذ يوم الأحد الماضي.
وفي سياق متصل، وصل إلى قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا مئات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من العاصمة كابل في طائرة نقل عسكرية.
وقال مسؤول أميركي إن “الدفعة وصلت إلى القاعدة جنوب شرق ألمانيا قادمة من دولة قطر وعلى متنها مئات الأشخاص، بينهم أطفال ونساء”، ووصف حالتهم بالجيدة، لكنهم يشعرون بالإرهاق.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن القاعدة العسكرية قادرة على استيعاب 5 آلاف شخص. ومن المتوقع أن يصل إليها المزيد من الرحلات المماثلة.
من جهته، أعرب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي عن قلقه من تقارير أفادت بأن مواطنين أميركيين تعرضوا للضرب من مسلحي طالبان خلال محاولتهم الوصول إلى مطار كابل.
وأشار إلى أن القوات الأميركية أخبرت الحركة بأن ذلك غير مقبول على الإطلاق.
بدورها، نقلت رويترز عن مسؤول في طالبان نفيه منع الأفغان من مغادرة البلاد عبر المطار، وأضاف أن الحركة تبعد فقط من ليست لديهم أوراق سفر قانونية. وشهد محيط مطار العاصمة الأفغانية إطلاق نار لتفريق مئات الأفغان الذين يحاولون دخول المطار سعيا لمغادرة البلاد.
وأعلنت الإدارة الأميركية، أمس الجمعة، أن من يتم إجلاؤهم سيُرسلون من العاصمة الأفغانية كابل إلى الولايات المتحدة، عبر رحلات ربط من بلدان عدة، بينها تركيا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة.
وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس الذي قال إن تركيا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والإمارات والدانمارك والبحرين وكازاخستان والكويت وطاجيكستان وأوزبكستان ستسهم في رحلات الركاب الذين سيتم إجلاؤهم من أفغانستان.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن مسؤولين أميركيين نفيهم إقلاع أي طائرة في رحلات إجلاء من كابل على مدى بضع ساعات أمس الجمعة، وذلك لعدم توفر مكان تتجه إليه، بعد زيادة التدفق في قاعدة العديد الجوية بقطر، ووصولها إلى طاقتها الاستيعابية القصوى، إذ تستضيف 8 آلاف من الأفغان الذين تم إجلاؤهم.
كما هبطت طائرة لسلاح الجو الملكي البريطاني تقل أكثر من 200 أفغاني في قاعدة عسكرية في مقاطعة أوكسفورد شاير.
وتواصل بريطانيا إجلاء رعاياها والأفغان الذين تعاونوا مع قواتها طوال الـ20 عاما الماضية عبر مطار كابل، وينتظر أن تسير لندن مزيدا من الرحلات لنقل مزيد من الأفغان بعد إعلانها الالتزام بمنحهم حق اللجوء.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني أجلى نحو ألفي شخص من مطار كابل.
وأكدت الخارجية الإندونيسية أنها أجلت 33 شخصا من رعاياها ومن رعايا الفلبين وعددا من الأفغان من كابل، على متن طائرة تابعة لسلاح الجو الإندونيسي. وبذلك تغلق إندونيسيا سفارتها في كابل.
وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مارسودي، إنها أجرت في الأيام الأخيرة اتصالات بشأن الوضع في أفغانستان مع وزراء خارجية كل من قطر وتركيا والنرويج ومسؤولين من باكستان وهولندا والولايات المتحدة وحلف الناتو.
وكانت الحكومة الإندونيسية قد دعت إلى أن يكون الحل السياسي في أفغانستان شاملا لكل الأفغان ويقوده الأفغان أنفسهم، وعبرت جاكرتا عن استعدادها للمساهمة في تقديم العون لترسيخ السلام والتنمية.
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن مصدر مطلع لم تكشف عنه اليوم السبت قوله إن أوزبكستان استقبلت نحو 400 لاجئ إضافي من أفغانستان في مقر إيواء مؤقت قرب الحدود الأفغانية.
ولم يتضح بعد عدد الأفغان الذين عبروا الحدود إلى أوزبكستان، إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق، مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، لكن حكومة طشقند نفت أن من بين اللاجئين شخصيات أفغانية بارزة مثل الزعيم الأوزبكي عبد الرشيد دستم.
ونقلت وكالة تاس عن المصدر قوله إن نحو 650 عسكريا أفغانيا من وحدات يقودها دستم موجودون في مقر الإيواء ذاته، وهو مرفق طبي.
وقالت أوزبكستان أمس الجمعة إنها أعادت 150 لاجئا أفغانيا إلى بلدهم في إطار اتفاق مع طالبان وبعد طلبات من اللاجئين أنفسهم.
عرض كندا
في هذا السياق، قال وزير الهجرة الكندي ماركو مينديسينو أمس الجمعة إن بلاده تدرس قبول لاجئين أفغان إضافيين نيابة عن الولايات المتحدة أو حلفاء آخرين إذا طُلب منها ذلك.
وأضاف مينديسينو في مقابلة “يجب أن نبقي الباب مفتوحا لجميع الاحتمالات”.
وقال “إذا كان هناك أفغان ساعدوا شركاء الائتلاف خلال المهمة واستوفوا أيضا معايير برنامجنا لإعادة التوطين لأسباب إنسانية، فأعتقد أن علينا أن نكون مستعدين للنظر في مثل هذا الترتيب”.
وسحبت كندا الجزء الأكبر من قواتها من أفغانستان في 2011 لكنها شاركت في مهمة حلف شمال الأطلسي لتدريب الجيش الأفغاني حتى عام 2014.
وفي كلمة له من البيت الأبيض أمس الجمعة، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بإجلاء كل أميركي يريد الخروج من أفغانستان، وأشار إلى أن الولايات المتحدة أجلت 13 ألفا من أفغانستان منذ 14 أغسطس/آب الجاري، و18 ألفا منذ يوليو/تموز الماضي، فضلا عن آلاف في رحلات خاصة نظمتها الحكومة الأميركية.
وقال بايدن إن “هذه واحدة من أكبر وأصعب عمليات الإجلاء الجوي في التاريخ، والدولة الوحيدة في العالم القادرة على تلك الطاقة في أقصى العالم بهذا القدر من الدقة هي الولايات المتحدة الأميركية”.
وتابع “سنفعل كل ما بوسعنا وكل ما يمكن لتوفير إجلاء آمن لحلفائنا من الأفغان وشركائنا، ولمن قد يستهدفون من الأفغان بسبب ارتباطهم بالولايات المتحدة”.
وقال بايدن إن المسؤولين الأميركيين على اتصال مستمر بطالبان، وحذرها من أن أي هجوم على قوات بلاده أو تعطيل عملياتها في المطار “سيُقابل برد سريع وقوي”.
وذكر حلف شمال الأطلسي أن الدول الأجنبية أجلت في الإجمال ما يزيد على 18 ألفا منذ استيلاء حركة طالبان على كابل الأحد الماضي.
المصدر : الجزيرة + وكالات