أعلنت روسيا اليوم الأربعاء إقامة جسر جوي لإجلاء رعاياها من أفغانستان. وفي حين أعلن الغربيون والأميركيون عزمهم إكمال انسحابهم مع نهاية الشهر الجاري، طلبت حركة طالبان العون من تركيا ودول أخرى وأمرت المسؤولين السابقين بالعودة لعملهم مؤكدة التزامها بأمنهم.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنها أقامت جسرا جويا الأربعاء لإجلاء نحو 500 روسي ورعايا دول مجاورة، من أفغانستان.
وتتم عمليات الإجلاء باستخدام 4 طائرات نقل عسكرية تتجه إلى مدينة أوليانوفسك الواقعة على نهر الفولغا، بحسب المصدر نفسه.
وتشمل هذه العمليات أكثر من 500 من الرعايا الروس ومن الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن المشترك (بيلاروسيا وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان) التحالف العسكري الذي تقوده موسكو، وأوكرانيين.
وهي أولى عمليات الإجلاء من أفغانستان التي أعلنت عنها روسيا.
ومنذ استيلاء طالبان على أفغانستان، اتخذت روسيا موقفًا توافقيا تجاه الحركة، معتبرة أنها ترسل “إشارات إيجابية” من حيث الحريات وتقاسم السلطة.
وحافظت روسيا على مكاتبها التمثيلية في البلاد، في حين كان الغربيون ينفذون عمليات الإجلاء وسط الفوضى.
وأشارت موسكو إلى أنها ستنظم رحلات جوية للرعايا الروس الراغبين في المغادرة، وأبدت استعدادها لإجلاء رعايا دول أخرى.
وتشعر روسيا التي تدعو إلى “حوار وطني” في أفغانستان، بالقلق على أمن الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، منطقة نفوذها الواقعة على سفحها الجنوبي.
وتخشى موسكو خصوصا من تدفق اللاجئين الذي قد يزعزع استقرار المنطقة في حال وصول مقاتلين.
الغربيون يرحلون
ويأتي قرار روسيا إجلاء رعاياها في وقت يواصل الغربيون نقل رعاياهم والمتعاونين من معهم من أفغانستان.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة تمضي نحو إنهاء مهمتها في أفغانستان بحلول نهاية الشهر الجاري،
وطلب الرئيس الأميركي من وزارتي الدفاع والخارجية وضع خطط طوارئ لتعديل الجدول الزمني إذا اقتضت الضرورة، وأشار إلى أن الولايات المتحدة أجلت أكثر من 70 ألف شخص من أفغانستان حتى الآن، وأنها قادرة على إكمال عمليات الإجلاء قبل نهاية الشهر الجاري.
وأكد بايدن أن الجسر الجوي الذي تقوده بلاده لإجلاء مواطني الدول الغربية والأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأجنبية يجب أن ينتهي قريبا، بسبب تزايد خطر الهجمات المحتملة على مطار كابل من قبل الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال “كل يوم نكون فيه على الأرض هو يوم إضافي نعرف فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية ولاية خراسان يسعى لاستهداف المطار ومهاجمة القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها”.
وأعلنت بريطانيا أنها ستكمل إجلاء رعاياها خلال الساعات القليلة المقبلة.
في السياق ذاته، طالبت حركة طالبان المسؤولين السابقين بالعودة سريعا لعملهم، وأكدت لهم حاجتها لخبرتهم والتزامها بأمنهم.
ويروي الخبير الاقتصادي بوزارة المالية الأفغانية أشرف حيدري أنه ينتظر على أحر من الجمر بمنزله عندما وصلته مكالمة هاتفية من أحد قادة الحركة يأمره بالعودة إلى عمله للمساعدة في إدارة شؤون البلاد بمجرد رحيل “الأجانب المعتوهين”.
ومثل آلاف غيره يعملون في الإدارة السابقة المدعومة من الغرب والتي أطاحت بها سيطرة طالبان على أفغانستان، قال حيدري إنه انتابه قلق من أن يغدو ضحية أعمال انتقامية.
لكن القائد الطالباني خاطبه قائلا “قال لا تفزع أو تحاول الاختباء فالمسؤولون يحتاجون لخبرتك في إدارة بلادنا بعد رحيل الأجانب المعتوهين”.
وفي المكتب استقبله 3 من مسؤولي طالبان، وأبلغوه أن زملاء آخرين سينضمون له قريبا، وأنهم بحاجة للتركيز على إرسال الأموال إلى الأقاليم.
وقال أحدهم لحيدري إنه مسؤول عن الأمن في الوزارة وإن استراحات الصلاة إجبارية.
وأضاف حيدري “لا يحملون أسلحة داخل المبنى وقال أحدهم يمكننا أن نتعلم من خبرتك”.
وعلى النقيض من بعض الأفغان المستميتين في السعي للرحيل عن البلاد يعتزم حيدري البقاء فيها.
وقال 3 من المسؤولين الماليين لرويترز إن طالبان أمرتهم بالعودة للعمل إذ تواجه البلاد فوضى اقتصادية ونقصا في السيولة.
وقد سعى متحدثون باسم طالبان إلى طمأنة الأفغان بأن الحركة لا تسعى للانتقام، وأنها ستسمح للنساء بالعمل ما دامت وظائفهن متماشية مع الشريعة الإسلامية.
غير أن تقارير عن تفتيش البيوت وإرغام نساء على ترك وظائف وأعمال انتقامية تستهدف مسؤولين أمنيين سابقين وأقليات عرقية أثارت خوف الناس، وتعهدت طالبان بالتحقيق في هذه الانتهاكات.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد “حان الوقت كي يعمل الناس من أجل بلدهم”. وأضاف أن طالبان تعمل لوضع ترتيبات لعودة الموظفات الحكوميات لأشغالهن، لكن عليهن البقاء في البيوت الآن لأسباب “أمنية”.
نريد العون
إلى ذلك، قال محمد نعيم وردك، المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان، إن الحركة تريد وتطلب من جميع الدول وبالأخص تركيا أن تساعد أفغانستان وشعبها.
وأضاف أن الحركة تعرضت لاستهداف إعلامي طوال 20 عاما، وأنها لم تملك الفرصة للتعبير عن نفسها إلا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ويوضح وردك في مقابلة مع وكالة الأناضول أن “تركيا دولة مهمة في العالم، والشعب التركي مسلم وشقيق وعلاقتنا علاقات تاريخية واجتماعية وثقافية”.
ويضيف طالبان تتواصل مع الدولة التركية، “ونريد إقامة علاقات جيدة وطيبة معها، ونريد توطيد وتطوير هذه العلاقات في المستقبل”.
وحول حاجة طالبان للدعم التركي يقول وردك “لا شك في ذلك، نريد هذا، فشعبنا بحالة حرب منذ 40 سنة ويحتاج إلى مساعدات، ونريد ونطلب من جميع الدول وبالأخص تركيا أن تساعد شعبنا وبلدنا”.
المصدر : الجزيرة + وكالات