الأهداف الإيرانية بين التهديد والوعيد

الأهداف الإيرانية بين التهديد والوعيد

تظهر طبيعة السياسة الإيرانية في العراق في منعطفات وإتجاهات تفضي الى أبعاد مهمة لتحقيق المصالح الإيرانية متمثلة في الإستمرار بوضع أليات لإستراتيجية بعيدة المدى في التوغل الإيراني داخل العراق وتحقيق المصلحة الذاتية في إعتبار الأراضي العراقية منصة للإنطلاق نحو تحقيق الغايات الإيرانية وعدم مراعاة لطبيعة العلاقات السياسية بين الدول واحترام القانون الدولي وقواعده في عدم التدخل بالشؤون الداخلية لبلدان العالم واحترام سيادة النظم السياسية القائمة وتشكل التهديدات الأخيرة التي أطلقها قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني العميد محمد بأمور يوم الاثنين ٦ ايلول ٢٠٢١ الحكومة العراقية وإقليم كردستان تهديدا سافرا وبعيدا عن العلاقة التي تربط البلدين وتؤثر على أمن وسلامة واستقرار الأوضاع الأمنية داخل العراق .

تبرز أبعاد السياسة الإيرانية في مجملها من خلال إستخدامها لطبيعة البيئة العراقية سواءا السياسية منها أو الإجتماعية أو الأمنية كونها تشكل قاعدة إستراتيجية لتنفيذ المشروع الإيراني من حيث وجود الأدوات المتعاونة معها التي تتمتع بعلاقة وثيقة مع جميع المؤسسات الإيرانية ذات الإرتباط الفكري التي تحقق بدورها ما يتطلبه الدور الإيراني من أهداف وتطلعات ميدانية ،وتزايد التأثير الفعلي والميداني للعديد من المليشيات المسلحة التي تتمتع بنفوذ من قبل الحرس الثوري الإيراني وقيادة فيلق القدس الذي يشرف على العديد من معسكرات التدريب والتأهيل للعناصر المليشياوية التي تشكل أداة فعالة في تنفيذ المهام الموكلة لها من قبل الأجهزة الأمنية والإستخبارية الإيرانية بما يديم فعالية وإستمرار أهداف السياسة الإيرانية في العراق.
جاءت هذه التصريحات أثناء زيارة ميدانية للمسؤول الإيراني لإحدى الوحدات العسكرية التابعة للحرس الثوري والمتواجدة بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية في رسالة واضحة وخطاب عدائي وسلوك يبتعد عن حقيقة ما يدعيه النظام الإيراني بأن علاقته مع العراق تتمثل بالتعاون المشترك والعلاقات المتميزة والتنسيق العالي ضمن قواعد العمل الدبلوماسي والعلاقة مع البلدين والعمل على إظهار سياسة القوة والتهديد التي تشكل المحور الاساسي في الخطاب الإيراني واحدى مرتكزات السياسة الميدانية للنظام الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، رغم ما تعلنه الأوساط الرسمية في طهران بأن علاقتهم مع العراق هي شراكة دائمية وعلاقات اقتصادية متطورة وثوابت قائمة على حسن الجوار.
حديث قائد القوات البرية في الحرس الثوري تنافي جميع هذه الخطابات وتؤكد ان الأهداف والغايات الإيرانية في العراق هي الهدف الاستراتيجي للخطط والوسائل التي تتبعها قيادات فيلق القدس والحرس الثوري في تنفيذ مهامها الأمنية والاستخبارية رغم وجود العديد من الاتفاقيات واللجان المشتركة ولكن طبيعة واسلوب النظام الإيراني التي لم تتغير رغم جميع التحولات الإقليمية والدولية التي شهدتها المنطقة وما يعانيه النظام من أزمات اقتصادية واجتماعية نتيجة العقوبات الأمريكية الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.
كان على المسؤولين الإيرانيين أن يلتزموا بقواعد العلاقات الدولية ويبتعدون عن الخطاب التهديدي لبغداد واربيل ويتبعون الصيغ الدبلوماسية في اللقاء والتحاور مع الجهات الأمنية والعسكرية العراقية لمعالجة أي حالة تهد الأمن الوطني والقومي للبلدين والتنسيق في عمليات مكافحة ومواجهة أي حالة تربك العلاقات بين البلدين ، دون استخدام صيغ التهديد المباشر والترويع لأبناء الشعب العراقي بتوجية ضربات جوية وميدانية للمناطق القريبة من منازلهم وأماكن تواجدهم كونها قريبة من مقرات الإرهابيين وحسب ما يدعيه قائد القوات البرية وكأن العراق لا يمتلك مؤسسات ودوائر أمنية لها متابعتها وخصوصيتها على الأوضاع الأمنية في البلاد .
يشكل تهديد محمد باكور علامة فارقة في العلاقات السياسية بين العراق وإيران ويؤكد حقيقة التدخل والنفوذ والهيمنة الإيرانية ودليل على استمرار النظام الإيراني في سياسة التهديد وستخدام القوة في حل الأزمات التي تتعلق بطبيعة العلاقة بين بلدان العالم.

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية