مركز الروابط: وزارات عراقية تأخذ إجراءات صارمة ضد الصناعات الوطنية والاستثمارات

مركز الروابط: وزارات عراقية تأخذ إجراءات صارمة ضد الصناعات الوطنية والاستثمارات

الباحثة شذى خليل*

العراق يستورد ما قيمته 39 مليار دولار سنوياً من السلع التي يفترض تصنيعها فيه.
البرنامج الحكومي المعلن الذي اعدته الحكومة وصوت عليه مجلس النواب هو دعم القطاع الصناعي وهو نفس اتجاه الورقة البيضاء التي اعتبرتها الحكومة مسارا للنهوض بالاقتصاد العراقي.
لكن تلك الورقة فقط ورقة طويت في سجلات مجلس النواب، لتبين نية الحكومة غير الجادة في حل مشاكل القطاع الصناعي الذي ممكن وبشكل كبير ان يسهم في حل مشاكل البطالة والفقر وتنمية الاستثمارات الوطنية.
ما يجري حاليا ان وزارة النفط تضع القيود بوجه الصناعات العراقية
رفعت اسعار النفط الاسود على المصانع.
اوقفت تجهيز معامل الاصباغ بالنفط الابيض
سعر الكاز للمعامل ب700 دينار.
وزارة المالية /الهيئة العامة للجمارك
اوقفت معاملات الصناعيين لدخول المواد الاولية. وعندما يراجع صاحب المعمل يمنع من الدخول للدائرة.
وزارة الصناعة: منعت دخول المواد الاولية(النورة) الى معامل الثرمستون وتوقفت بسببها جميع معامل الثرمستون في العراق
وزارة البيئة: سحب السيد وزير الصحة صلاحيات منح الاجازات وجعلها حصرية بيد الوزير وليست من الموظف المختص كما نص القانون وتوقفت بسبب هذا القرار منح الاجازات

وزارة الداخلية:
اوقف دخول الخبراء الاجانب الى المصانع العراقية وعدم منحهم سمات الدخول(سمة متعددة) كخبير علما انهم مشمولون بقانون الاستثمار الصناعي ولديهم كتب رسمية من المديرية العامة للتنمية الصناعية وحددت الدخول كزيارة لشهر واحد فقط، بوجود هذه الاجراءات الظالمة وغيرها الكثير لا يمكن ان يكون هناك حديث عن صناعة وعن توفير فرص العمل.

تبين الدراسات والتقارير الاقتصادية المتخصصة ان المستثمرين في العراق لا يزالون يواجهون تحديات شديدة في حل المشكلات مع كيانات الحكومة العراقية، و لا تزال الصعوبات المتعلقة بالفساد واللوائح الجمركية والالتزامات الضريبية غير النظامية والمرتفعة وعدم وضوح إجراءات التأشيرات وتصاريح الإقامة والتطبيق التعسفي للوائح الإلكترونية والافتقار إلى آليات بديلة لتسوية المنازعات ونقص الكهرباء وعدم الحصول على التمويل شكاوى شائعة من الشركات العاملة في العراق.
%72 من الشركات المملوكة للدولة العراقية “خاسرة”بغداد: ميناء الفاو سيمهد لإنشاء قناة جافة وسيحقق إيرادات كبيرة للعراق ، لا شي ينفذ على ارض الواقع والمسؤولون عن إدارة هذا الملف الخطير بعيدون كل البعد عن الاستجابة للمعوقات التي تواجه الصناعة العراقية .
تؤكد مصادر رسمية من داخل وزارة الصناعة أن العدد الكلي للمصانع والمعامل في القطاع العام العراقي هو 288 مصنعا في كافة المحافظات، من بينها 83 متوقفة عن العمل، تتنوع بين القطاعات الدوائية والكيميائية والغذائية والنسيج وغيرها.
وفي آخر إحصائية لوزارة التخطيط صدرت عام 2018، فإن نسبة العاطلين عن العمل بلغت 14% للأشخاص النشطين اقتصادياً الذين يشكلون نسبة 56% من سكان العراق البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، و أن نسبة الفقر في العراق بلغت 26% أي بواقع 10 ملايين فقير، والواقع ان الأرقام تقرأ اكثر من هذه النسب.
ورغم أن الدولة أنفقت بحدود 120 تريليون دينار (101 مليار دولار) لتأهيل الشركات العامة للفترة من 2005 إلى 2014، وكان معظمها ممولا من الدول المانحة ووزارة المالية، فإنها أخفقت في إعداد دراسات جدوى اقتصادية وفنية فعّالة لأغلب عقود الشراكة التي أبرمتها مع الشركات الأجنبية والمحلية للنهوض بواقع المصانع العامة.
كما أنها لم تحقق نهضة نوعية بتلك التعاقدات تتناسب مع النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، بل تسببت أغلب تلك التعاقدات باستمرار خسارة الشركات العامة وعدم تحقيق أي أرباح تساعدها على النمو والتطور، حيث لا تزال تلك المصانع عاجزة عن تأمين رواتب موظفيها ويتم تغطيتها من خلال المنح التي تقدمها وزارة المالية.
وبلغ عدد الشركات الخاسرة التي لم تحقق أي أرباح منذ سنة 2003 اكثر من 46 شركة من أصل 67 تابعة لوزارة الصناعة، بالإضافة إلى خسارة جميع الشركات التابعة لوزارة الدفاع والمعنية بالصناعات الحربية وكذلك خسارة جميع الشركات العامة التابعة لوزارة الكهرباء.
في محافظة الديوانية مثلا أنشأت المدينة الصناعية قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وعلى مساحة تقدر بنحو 200 دونم وهي تضم عدة معامل لإنتاج الملح والمنظفات وتعبئة الشاي والحليب وتفريط وطحن الذرة، وغيرها من المعامل التي لم تر النور بسبب الإهمال وعدم توفر الخدمات الضرورية لتشغيلها.
يقول أحد أصحاب المعامل المتوقفة إن “هذه المعامل تابعة لبلدية محافظة الديوانية، وتم استئجار الأرض وفقا لعقد دائم بشرط بناء معمل حسب قانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم (20) لسنة 1998، وبعد أن أنشأنا عددا من المعامل التي كان من المؤمل أن تشغل أكثر من 500 عامل على الأقل، إلا أنها تعطلت بسبب عدم وصول الخدمات الضرورية ومن أهمها الماء والكهرباء التي كان يجب أن تتوفر وفقا للقانون أعلاه، ومع ذلك نحن مجبرون على دفع الإيجار والضرائب ومبالغ أخرى إلى الجهات الحكومية”.
وزارة الصناعة لا تملك رؤية إستراتيجية شاملة يتم إعدادها بالتنسيق مع وزارة التخطيط والوزارات الأخرى المعنية وفق احتياجات السوق وتحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة 2030، كما لم تواكب الوزارة طوال العقدين الماضيين متطلبات التطور الصناعي العالمي بإنشاء مصانع حديثة وصناعات جديدة وتأهيل كوادر بخبرات فريدة تواكب التغييرات المتسارعة في سوق الصناعات.
لا توجد سياسة لحماية منتج القطاع الخاص وعدم استقرار الوضع الأمني، حال دون توجه المستثمرين لإنشاء المشاريع الصناعية الكبيرة، وان وجدوا ستكون هناك عقبات وبيروقراطية الدولة التي تقف بوجه أي صناعة او تنمية ، فعلى مستوى القطاع العام تأثرت الصناعات بعد عام 2003 وتعرضت المصانع للتخريب والسلب، فتوقفت أغلب الصناعات الحكومية وأيضا لأسباب تقادم خطوط الإنتاج واعتماد الأساليب التقليدية في الإنتاج والتسويق وعدم توفير الطاقة والعزوف عن تبني استخدام التقنيات الحديثة في عمليات الإنتاج، مما تسبب بزيادة التكاليف وعدم القدرة على منافسة المنتجات المستوردة، فضلاً عن عدم التزام المؤسسات الحكومية بشراء المنتجات المحلية.
الفساد المالي والإداري هو احد اهم الآفات التي تقضي على الصناعات العراقية لمصالح شخصية ضيقة او مصالح خارجية ليس من مصلحتها النهوض من جديد بالصناعات العراقية وتوقف استيرادات السلع والبضائع الرديئة .
للفساد دوره وتأثيره على الواقع الاقتصادي، حيث استغلت بعض الشركات الحكومية الفرص الصناعية للتعاقد في مشاريع إنشاء بُنى تحتية لمؤسسات الدولة من خلال الاعتماد على المقاول الثانوي أو الاستيراد، بدلاً من تشغيل مصانعها وكوادرها، دون وجود محاسبة فاعلة.
و العامل السياسي اسهم في تهديم الصناعة العراقية نتيجة عدم وجود جدية من قبل القوى السياسية المهيمنة على مؤسسات الدولة في توحيد الجهود والاتفاق على النهوض بواقع الصناعة العراقية، وحل الإشكالات التي تحول دون التقدم الصناعي للبلد.
اما سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر ؛ صرحت حكومة العراق علنًا وبشكل متكرر عن رغبتها في جذب الاستثمار الأجنبي كجزء من الخطط الوطنية لتعزيز الصناعات المحلية والترويج للعلامة التجارية “صنع في العراق”. على الرغم من أن حكومة العراق دخلت في شراكة مع البنك الدولي والحكومة الكويتية لاستضافة مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق في فبراير 2018 ، إلا أن الحكومة العراقية لم تتابع بعد الالتزامات التي تم التعهد بها في المؤتمر لإصلاح العمليات واللوائح التي تعيق الاستثمار. كما زعم العراق أن البلدان لم تلتزم بتعهداتها المالية أيضًا، يعمل العراق بموجب قانون الاستثمار الوطني (قانون الاستثمار) ، المعدل في ديسمبر 2015. ويحدد قانون الاستثمار شروط استثمار محسنة للمستثمرين الأجانب ، وشراء الأراضي في العراق لمشاريع معينة ، وعملية ترخيص الاستثمار. لا يزال شراء الأراضي لأغراض التطوير التجاري أو السكني أمرًا بالغ الصعوبة. منذ عام 2015 ، كان العراق طرفًا في الاتفاقية الدولية لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول والدول الأخرى (ICSID).

لا يزال المستثمرون الأجانب يواجهون تحديات بيروقراطية وفساد وقطاع مصرفي ضعيف، مما يجعل من الصعب إبرام الصفقات الاستثمارية بنجاح. تعمل البنوك المملوكة للدولة في العراق في الغالب على تسوية كشوف رواتب القطاع العام في البلاد. كانت البنوك المملوكة للقطاع الخاص، حتى وقت قريب، تعمل بالكامل تقريبًا في مجال صرف العملات. بدأت بعض البنوك المملوكة للقطاع الخاص برامج الإقراض التجاري، لكن افتقار العراق إلى نظام مراقبة الائتمان، والضمانات القانونية غير الكافية للمقرضين ، والصلات المحدودة بالبنوك الدولية تعيق الإقراض التجاري.
هناك العديد من العوامل أثرت بشكل سلبي على تراجع البيئة الصناعية المحلية، أبرزها كثرة الإعفاءات الجمركية ورخص المنتجات المستوردة مقابل ارتفاع قيمة الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية، إضافة إلى تدفق البضائع بشكل غير قانوني، مع عدم سيطرة الحكومة على جزء كبير من المنافذ الحدودية ومنافذ إقليم كردستان بشكل خاص.
ولأهمية الصناعة الوطنية في الاقتصاد العراقي وتدخلها في مصير العراق ومستقبل اجياله، هنا نلخص اسباب ضعف الصناعة الوطنية، وكيفية معالجتها؟

١- ضعف القوانين التشريعية وعدم تطبيقها ومراقبتها خصوصا قانون حماية المنتوج الوطني وقانون التعريفة الجمركية وغيرها.

٢- الفساد المالي والإداري الذي يؤدي الى ارتفاع تكاليف انتاج الصناعات الوطنية وهذا ما يؤثر على اسعارها فينخفض الطلب عليها.

٣- المنافسة الاجنبية وممارسة سياسة الاغراق من قبل الدول المصدرة هذا ما يجعل انتاج الصناعات الوطنية ضعيفة وبتكاليف كبيرة تنعكس على المستهلك فيلجأ الى المستورد وهذا ما يثبط الصناعات الوطنية كنتيجة لغياب القوانين المهمة كما أشرنا في النقطة الاولى.

٤- لا توجد خطط وتنسيق بين القطاعين العام والخاص، وبما ان القطاع العام في الغالب لا يأخذ معيار الكلفة مقابل الربح، سيكون أكثر كلفة واقل ربحا هذا من جانب، والتأثير على مسيرة القطاع الخاص من جانب آخر الآخذ بمعيار الكلفة مقابل الربح، فعند شيوع مشاريع القطاع العام الذي لا يستطيع الاستمرار وفق المعايير الاقتصادية سيزاحم القطاع الخاص ويقلل من شأنه وهذا ما يؤثر على الصناعات الوطنية بشكل عام.

٥- لا توجد بنى تحتية رصينة ممكن ان تكون أساسا للصناعات وقاعدة قوية لانطلاق الصناعة العراقية من جديد، إذ بدون البنى التحتية سترتفع تكاليف الانتاج وتنخفض كفاءتها التنافسية ولا تستطيع المقاومة.

هناك بعض العلاجات والاستراتيجيات المطروحة من قبل المختصين للنهوض بالصناعة العراقية من أهمها:
محاربة ومنع الفساد من خلال تفعيل الجهات المعنية وبالخصوص مجلس النواب وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والقضاء لمنع وقوع الفساد من جانب ومحاربته عند وقوعه من جانب آخر.

تفعيل الجانب القانوني والتشريعي بخصوص حماية الصناعات الوطنية دور مهم وكبير تشريعا ومراقبة.
فسح المجال امام القطاع الخاص ليأخذ دوره الفعال في قيادة الاقتصاد والنهوض به لأنه أكثر كفاءة وأكثر التزاماً بالمعايير الاقتصادية.

٤- الاهتمام بالبنى التحتية من خلال توجيه الاستثمار نحوها سواء كان محليا أم أجنبي، حتى تؤدي دورها في تخفض تكاليف انتاج الصناعات الوطنية ومن زيادة كفاءتها التنافسية.

الصناعة الوطنية تمثل اقتصاد العراق الذي يخفيه الفاسدون، ليتمكنوا من سرقة الأموال والصفقات الوهمية ونذكر بعض اسباب تراجع الصناعات المحلية: – عدم وجود تخطيط سليم وغياب البرامج التطويرية.
وجود ارادات داخلية وخارجية لتعطيل عجلة الصناعة الوطنية لفسح المجال لتوفير سوق لصناعات الدول الاخرى.

حتاما الصناعة الوطنية هي ضحية الاهمال الحكومي منذ سنوات والاعتماد على المنتوج المستورد، والاسباب عديدة في هذا المجال اهمها غياب التخطيط الاستراتيجي، والنظرة الضيقة للأحزاب الحاكمة التي تركز على احكام قبضتها على السلطة، متناسية اهم الركائز السيادية للدولة والمتمثلة بالصناعة الوطنية التي يمكن ان تحقق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المنتجات، ولا يمكن لهذه المشكلة ان تحل في القريب المنظور أو حتى المتوسط، لان اليات الحكم لا تزال نفسها قائمة، واذا لم تتغير فان البلد قد يستورد حتى الموظفين، لان غياب المصانع يعني عدم وجود تدريب حتى في المجالات الادارية التي لا نجيدها ايضا.

العراق في الوقت الحالي عبارة عن منطقة تفوح منها رائحة الفساد والظلم والمحسوبية بكافة اشكالها، لذا عندما تريد معرفة اسباب ضعف الصناعات المحلية عليك أن تبحث عن مصدر هذا الضعف، ونعلم أن الطبقة السياسية هي السبب الرئيس، عدم تشجيع الصناعات المحلية والوقوف معها لمحاوله استرجاع المصانع المحلية وعمليات البيع في الاسواق المركزية، ومن الاسباب المهمة في هذا الخصوص عدم وجود اشخاص اكفاء لدراسة هذه المواضيع الهامه وعدم التأثير على الدولة بالأفكار الجديدة، ستكون هذه الدراسات عبارة عن حبر على ورق، وتواجد التدخل الخارجي بالصناعات المحلية ومحاولة القضاء على الاقتصاد العراقي.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية