الكويت: لجنة برلمانية تعد البدون بفرج قريب

الكويت: لجنة برلمانية تعد البدون بفرج قريب

الكويت – تتجه أنظار عشرات الآلاف من المواطنين البدون في الكويت إلى نتائج أعمال “لجنة غير محددي الجنسية” في مجلس الأمة التي يُنتظر أن تقدم تقريرها النهائي الأسبوع المقبل، وتعرض فيه توصياتها بعد إتمام المشاورات مع الحكومة.

وتنظر اللجنة في عدد من الاقتراحات المتعلقة بالحقوق المدنية والاجتماعية والقانونية والوظيفية للبدون، والتي قد تعني تقديم تسهيلات تسمح لهم بالعمل والدراسة وطلب العلاج، ولكن من دون أن تعني منحهم الجنسية. وهو أمر ما يزال قيد السجال بين رئيس البرلمان مرزوق الغانم والحكومة وعدد من النواب الذين يطالبون بتحقيق المساواة التامة وخاصة للبدون الذين ولدوا على أرض الكويت.

ووافقت اللجنة على 3 اقتراحات تتعلق بتحسين الوضع الوظيفي للمعلمين البدون وموظفي الصحة من أبناء الفئة الذين قدّموا خدمات تطوعية خلال جائحة كورونا. ولكن هذه المقترحات ما تزال أقصر من الحد الأدنى المطلوب وهو الاعتراف بالبدون كمواطنين وليس كأجانب يحق لهم العمل.

حماد النومسي: قانون “بيع البدون” يعيد للأذهان محاولات الإساءة لسمعة الكويت

وتشيع في الوسط البرلماني الكويتي فكرة أن الحلول المقترحة ستكون “جذرية”، وأن عمل اللجنة سيأتي بفرج قريب لحل مشكلة البدون. إلا أن سقف التوقعات ما يزال منخفضا، بالنظر إلى أن المقترحات لا تصل إلى جذر المشكلة بالفعل.

وأحد المقترحات التي يجري التداول بشأنها هو منح البدون “الذين يعلنون عن جنسياتهم الأصلية” إقامة لمدة 15 عاما قابلة للتجديد. إلا أن هذا المقترح يصطدم بحقيقة أن هناك أكثر من جيل واحد ممن ولدوا على أرض الكويت يؤكدون أنهم لا يملكون جنسيات دول أخرى، وطالما لا تستطيع الحكومة إثبات العكس فإنها لا تستطيع إجبارهم على تقديم ما لا يملكونه.

وهناك مقترحات أخرى تدور حول المفهوم نفسه الذي اعتمد عليه الغانم حين أعاد طرح الاقتراح بقانون مثير للجدل يطبق على البدون المقيدين في “الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية” الذي أنشئ في العام 2010، ومنها منح البدون الإقامة في دول أخرى، وهو ما يعتبره بعض النواب عملية “بيع”.

وقال النائب مرزوق الخليفة إنه “من المعيب والمخجل أن يعود رئيس المجلس لطرح قانون ‘بيع البدون’”. وأضاف أن “الاقتراح يحمل شبهة تنفيع السماسرة وتجار البشر الذين يريدون عقد الصفقات مع الدول الفقيرة تحت عنوان الجنسية الاقتصادية”.

ويقول الناشط السياسي حماد النومسي إن “قانون ‘بيع البدون’ يعيد للأذهان الكثير من محاولات الإساءة لسمعة الكويت وتوريطها بتجارة البشر وسماسرتها الذين يريدون ممارستها هذه المرة على الكويتيين البدون”.

وحسب اقتراح الغانم يمنح المقيم في دولة الكويت ما يؤكد انتماءه لجنسية محددة تصحيحاً لوضعه القانوني، “إقامة مميزة” في دولة الكويت (كأن يُصبح “كفيل نفسه”) لمدة 15 سنة قابلة للتجديد، وتشمل هذه الإقامة الزوجة والأولاد القصر.

ويقضي اقتراح الغانم بأن “يعامل المقيم الذي لم يصحح وضعه القانوني خلال مهلة محددة معاملة الأجنبي المخالف للقانون، وتطبق عليه أحكام قانون الإقامة وغيرها من التشريعات ذات الصلة، ولا يتمتع بأيّ من المزايا المنصوص عليها في هذا القانون، كما لا يجوز منحه الجنسية الكويتية مستقبلاً”.

وأعلن عضو “لجنة غير محددي الجنسية” في مجلس الأمة، الصيفي مبارك الصيفي، رفضه لاقتراح الغانم. وأكد أن “معالجة قضية البدون تتطلب حلولاً إنسانية بالدرجة الأولى، لا اقتراحات عنصرية الغرض منها تكسّب انتخابي على جراح إخواننا وأخواتنا البدون وآلامهم وهم الذين ضحى بعضهم بأرواحهم دفاعاً عن الكويت”.

وما يزال من غير المطروح أن يجري حل الأزمة بمنح البدون حقوقا متساوية أو جنسيات على اعتبار أن “الجنسية شأن سيادي”.

وتقتصر جهود “لجنة غير محددي الجنسية”، على هذا الأساس، على تحسين الأوضاع الإنسانية للبدون، وتوفير إطار قانوني يبعد عنهم أشباح التهديد بالطرد ويخفف مظاهر التمييز في الحصول على وظائف أو تلقي العلاج أو السفر إلى الخارج بـ”وثيقة سفر” لا ترقى إلى مستوى جواز سفر ولا تعتبر هوية شخصية.

وما تزال هذه الوثيقة قيد البحث حول مواصفاتها وحدود صلاحياتها. ومن غير المعروف ما إذا كان يمكن لدول العالم أن تقبل الاعتراف بها بالنظر إلى المخاوف من أن تكون وثيقة سفر بلا عودة، أو أن تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان عندما يتبين أنها مصممة لمواطني بلد لا يعترف هو نفسه بمواطنيتهم ولا يمتلكون وثائق هوية تثبت جنسياتهم.

وتواجه الكويت انتقادات منظمات حقوقية في الخارج تدعوها إلى الكف عن أعمال التمييز والحرمان من الحقوق الأساسية، ومنها الاعتراف بهم كمواطنين شرعيين.

وتعود مشكلة البدون إلى العام 1961 عندما حصلت الكويت على استقلالها، فتم تسجيل أبناء بعض القبائل بينما تم إهمال غيرهم، أو لأنهم لم يتقدموا بطلبات للحصول على الجنسية.

ويُصدر “الجهاز المركزي” بطاقات أمنية للبدون، يجري تجديدها دوريا، من دون أن تعتبر هذه البطاقة هوية شخصية لحاملها. ولذلك لا يتم قبولها في المستشفيات ولا الأجهزة الحكومية الأخرى، كما لا تتيح لحاملها الحق في الحصول على وظيفة أو حتى الحق في التعليم.

ولم ينجح الجهاز في الحد من الانتقادات التي تتعرض لها الكويت في الخارج، من جانب المنظمات الحقوقية الدولية والبرلمانات وهيئات الدفاع عن حقوق الإنسان.

ونددت منظمة العفو الدولية بإجراءات الجهاز المركزي قائلة إنه “حرم البدون بشكل متواصل من حقوقهم من خلال حرمانهم من وثائق الهوية الضرورية”.

وتثير الأزمة انتقادات داخل الكويت، حيث يطالب بعض نواب البرلمان بحلول ترفع الظلم عن هؤلاء المواطنين، لاسيما وأن عددهم محدود قياسا بحجم الأزمة الحقوقية وتفاعلاتها والانتقادات الناشئة عنها.

ويعترف الجهاز المركزي بوجود 71 ألفا من البدون، بينما أعدادهم الحقيقية قد تصل إلى أكثر من 100 ألف إنسان. وهو ما قد يُبقي أكثر من 30 ألف إنسان قيد الظروف العسيرة نفسها.

العرب