وكالة الأناضول تسعى لفرض خارطة خَبرية عربيا وعالميا

وكالة الأناضول تسعى لفرض خارطة خَبرية عربيا وعالميا

أنقرة- قال المدير العام لوكالة الأناضول التركية سردار قره غوز إن الوكالة اختارت أن تنافس على الساحة الدولية، وأن تكون واحدة من أكبر ثلاث وكالات أنباء في العالم. وأكد أنه تماشيا مع هذا الهدف ستركز الوكالة أكثر على أنشطة الصحافة في الساحة الدولية.

وتشمل مساحة تغطية وكالة الأناضول بقعة جغرافية واسعة تمتد من آسيا إلى أوروبا، ومن الأميركتين حتى أفريقيا، ومن الشرق الأوسط إلى البلقان. ويمكن النظر إلى تطور الأناضول على أنه نتيجة ملموسة للتقدم نحو أهداف تركيا لعام 2023، حيث أن عملها الصحافي بـ13 لغة يتوافق مع أهداف تركيا.

وهذا الوضع الجديد وفّر لتركيا إمكانية أن تظهر نفسها بلغات مختلفة، وتشكل “القوة الناعمة” للحملات التي تقودها أنقرة في مجالات الاقتصاد والسياسة الخارجية والصناعات الدفاعية، لذلك فإن وكالة الأناضول تعد أكثر من وكالة أنباء من أجل تركيا، بل هي أرضية للكفاح؛ حيث تعمل الوكالة على رسم خارطة طريق لإنتاج مادة خبرية موجهة لقراء الداخل والخارج، وتخطو خطوات متسارعة لسد الفجوة التي تفصلها عن المنافسين العالميين. وبالفعل يمكن القول إن العلامات الإيجابية بدأت تبرز في هذا الإطار.

النظام التركي وظّف تغطية وسائل الإعلام الناطقة بالعربية في شنّ حرب علاقات عامة على بعض البلدان، حيث جعلها في خدمة غايات سياسية بحتة

لقد تمكنت وكالة الأناضول من كسر هيمنة جميع وكالات الأنباء العالمية التي تقدم أخبارها من زاوية نظر واحدة.

ولفت قره غوز -على هامش ورشة عمل نظمتها وكالة الأناضول تحت شعار “نتغير ونزداد قوة” للتعريف بمشاريعها الدولية التي ستعمل على تنفيذها خلال المرحلة المقبلة- إلى أن الوكالة ستعمل أيضًا في الفترة القادمة على مكافحة الإسلاموفوبيا وحملات التضليل. واستعرض معلومات تتعلق بالمشاريع والتطبيقات التي ستنفذها الوكالة في الفترة القادمة. ويقول مراقبون إن مصطلح “مكافحة الإسلاموفوبيا” مصطلح فضفاض وأن قره غوز يقصد “المزيد من نشر مشروع الإسلام السياسي دوليا وعربيا”.

ويتناغم ما ذكره قره غوز مع ما حدده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كأهداف للوكالة في رسالة التهنئة التي نشرها بمناسبة ذكرى تأسيس وكالة الأناضول عام 2018، إذ ركز على موضوعي “الكفاح” و”الاستمرارية”.

وتُعد وكالة الأناضول من أقدم الوكالات الإخبارية في المنطقة، إذ تأسست عام 1920 قبيل إعلان الدولة التركية الجديدة التي أنهت وجود الخلافة العثمانية، ثم تحولت إلى شركة تركية مساهمة في عام 1925، حيث تلقت دعمًا كبيرًا من مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة. وهي الوكالة الرسمية لتركيا، وتخضع لملكية الدولة التي تشرف عليها عبر أجهزتها المختلفة، شأنها في ذلك شأن كل الوكالات الرسمية للدول.

الوكالة أصبحت قادرة على نقل الأحداث بموجب المعادلة الخاصة لكل دولة عربية على حدة

وتقول دراسات إنها تحولت في ظل أردوغان إلى وكالة رسمية له ولحزبه بدلًا من أن تظل وكالة رسمية للدولة، وعملت على خدمة مشروع أردوغان وحزب العدالة والتنمية، ويظل التطور الأهم في ذلك السياق هو إطلاق النسخة العربية من الوكالة، الذي تم في عام 2012، أي بعد مضي 92 عامًا على تأسيسها.

ويتهم أكاديميون وكالة الأناضول بأنها أصبحت نقطة الانطلاق في حروب المعلومات التي تخوضها تركيا. فعلى مدى السنوات الست الماضية تراجعت عن موضوعيتها التحريرية في سبيل تقديم وجهات النظر الموالية للحكومة بحماسة، ويصف المعارض التركي طورجوت ديبك وكالة الأناضول بأنها “مجرد أداة في يد أردوغان”.

وأشارت دراسة مصرية صدرت العام الماضي إلى أنه يُمكن اعتبار إطلاق النسخة العربية من وكالة الأناضول تطورًا طبيعيًّا يُعبّر عن تطلع الوكالة إلى المزيد من الانتشار عبر البث بلغات مختلفة، إلا أن ذلك الإطلاق يعود بالأساس إلى أسباب سياسية وليست إعلامية؛ إذ ارتبط بصعود “المشروع الإسلامي” في المنطقة العربية منذ عام 2011، وتطلعات أردوغان نفسه لإعادة إنتاج العثمانية بحلة جديدة يكون فيها السلطان أو خليفة المسلمين، ومن ثم كان لا بد أن يكون هناك جسر بينه وبين العرب، وهو الدور الذي سعت للعبه الوكالة بنسختها العربية التي عدّها رئيس مجلس إدارة الوكالة “همزة الوصل التي ستربط تركيا بالشعوب العربية بعدما كانت لسنوات طويلة تصل أخبارنا إليهم -والعكس صحيح- عن طريق وكالات أجنبية”.

وفي الوقت الذي تحقق فيه هذه الوكالة اختراقات كبيرة عربيا ودوليا لا تزال وكالات الأنباء العربية حبيسة الخارطة المحلية ويبدو دورها محصورا برؤية ضيقة إذ يعتمد على الترويج ونقل صورة إيجابية عن الجوانب الرسمية، بينما تبدو شبه غائبة عن الأحداث المهمة التي تحتاج إلى الخروج عن الدور الرسمي والبيانات الحكومية.

وفي حين يفترض أن تكون الوكالات الرسمية مرجعا لوسائل الإعلام الدولية والوكالات الأجنبية التي تبحث عن إجابات أو توضيحات للأحداث المهمة، فإنها لا تقدم أكثر من تصريحات المسؤولين وبيانات مقتضبة لا تتضمن حقائق وردودا تستجيب لتطلعات الرأي العام.

ويؤكد خبراء إعلام أن آليات العمل في غالبية وكالات الأنباء العربية متشابهة، وتحتاج إلى إحداث نقلات على مستوى المضمون والشكل والتقنية، وتغيير أساليب العمل وتحديث أدوات ووسائل العمل حتى تنسجم مع سوق الإعلام التي أصبحت سوقا واسعة جدا وضاغطة ومؤثرة بشكل كبير على الرأي العام العربي.

مساحة تغطية وكالة الأناضول تشمل بقعة جغرافية واسعة تمتد من آسيا إلى أوروبا، ومن الأميركتين حتى أفريقيا، ومن الشرق الأوسط إلى البلقان

وفي سياق آخر باتت وكالة الأناضول قادرة على نقل الأحداث بموجب المعادلة الخاصة لكل دولة عربية على حدة. ووظّف النظام التركي تغطية وسائل الإعلام الناطقة بالعربية في شنّ حرب علاقات عامة على بعض البلدان، حيث جعلها في خدمة غايات سياسية بحتة، أبعدت الإعلام عن قيم المصداقية والحياد التي من المفترض أنه يرتكز عليها في مختلف تغطياته الإعلامية.

وحجبت وزارة الإعلام السعودية على سبيل المثال العام الماضي موقع وكالة الأناضول في المملكة، “بعدما دأبت على الإساءة إليها”. وتقود الوكالة والقنوات الإعلامية والمئات من الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حروب تركيا السياسية.

العرب