لم يبق سوى أيام وتحديدا في السابع عشر من الشهر الحالي كي يتوجه الناخب المصري للإدلاء بصوته في المرحلة الـأولى من الانتخابات البرلمانية، بينما ستعقد المرحلة الثانية منها ابتداء من 21 تشرين الثاني/نوفمبر من الشهر القادم للإدلاء، إذ سيتم انتخاب 568 نائباً، منهم 448 بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم، ويجوز للرئيس وفق أحكام المادة(102) من الدستور المصري لعام2014م تعيين ما لايزيد عن 5 في المئة من النواب ليصل الأعضاء إلى نحو 596 نائباً.
وكما هو مقرر أيضا في المادة الدستورية المشار إليها آنفاً فإن الانتخابات البرلمانية الحالية ستجمع ما بين النظام الفردي والقوائم للانتخابات كما سيتم تقسيم جمهورية مصر إلى 205 دوائر فردية و4 دوائر للقائمة. وتهدف هذه الورقة في رصد الحالة الانتخابية في مصر والتي على ضوئها ستحدد شكل البرلمان القادم.
أولا: الأحزاب المشاركة في الانتخابات
الأحزاب المشاركة مجموع مقاعد الانتخاب على النظامين
الأحزاب المشاركة |
مجموع مقاعد الانتخاب على النظامين |
حزب الوفد |
300 |
الحركة الوطنية |
250 |
المصريين الأحرار |
227 |
مصر بلدي |
220 |
مستقبل وطن |
200 |
حزب النور |
186 |
السلام الديمقراطي |
183 |
حماة الوطن |
120 |
المؤتمر |
113 |
المصري الديمقراطي الاجتماعي |
100 |
حزب المحافظين |
60 |
التجمع |
24 |
التحالف الشعبي |
12 |
الجيل |
6 |
الشيوعي المصري |
4 |
الحزب الاشتراكي |
3 |
هذه الإحصائية تدلل على أنه لا توجد قوة سياسية أو حزبية في مصر تطمح الحصول على الأغلبية في البرلمان القادم. فالأكثر القدرة على انجاح مرشحيه لن يتجاوز تمثيله 20 في المئة من أعضاء مجلس النواب.
ثانياً: ترشح المستقلون
ويتوزع هذا النوع من الترشح على النحو الآتي:
المرشحون |
العدد |
ذو الصفة المستقلة |
4058 |
ذو الصفة الحزبية |
1879 |
وهذه الإحصائية تشير إلى استمرار عدم ثقة أغلبية المرشحين في الأحزاب المصرية، سواء التي نشأت قبل 25 يناير، أو التي تلتها.
ثالثاً: الحركات الشبابية
وتتمثل أهم الحركات الشبابية في الآتي
الحركات الشبابية |
عدد المرشحون |
حركة تمرد |
24 |
الجمهورية الثالثة |
12 |
أقباط 38 |
12 |
وتشير الاستطلاعات على الرغم من ترشح هذه الحركات على قوائم انتخابية كقائمة في حب مصر إلا أن حظوظها بالفوز ضعيف نظرا للصورة الذهنية السيئة التي طبعت في ذهن المصريين عن الشباب المصري بعد 25 يناير.
رابعاً: مرشحو العائلات
وتتوزع حسب الجدول التالي:
القطاعات الانتخابية |
عدد العائلات المتنافسة |
عدد دوائر التنافس |
قطاع القاهرة ووسط الدلتا |
50 |
29 |
قطاع غرب الدلتا |
16 |
14 |
قطاع شرق الدلتا |
17 |
11 |
قطاع جنوب ووسط شمال الصعيد |
89 |
47 |
إذ تشير استطلاعات بأن الانتخابات القادمة ستكون محاولة من جانب العائلات لردة هيبتها التي فقدتها أثناء حكم الاخوان لمصر.
خامساً: التحالفات الانتخابية
إذ اعتمدت اللجنة العليا للانتخابات 7 قوائم بينها 3 قوائم في دائرة الصعيد وهي قوائم: في حب مصر، وكتلةالصحوة الوطنية المستقلة، ونداء مصر، وفي عرب الدلتا 4 قوائم هي: في حب مصر، وحزب النور، وفرسان مصر، وتيار الاستقلال وائتلاف الجبهة المصرية. وتعد قائمة في حب مصر من أقوى القوائم لجهة أنها ظلت متماسكة وترشحت على جميع القطاعات في الانتخابات القادمة.
وبعد هذا العرض الموجز لخارطة القوى السياسية المشاركة في الانتخابات والتي في معظمها مؤيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي بما فيهم أعضاء الحزب الوطني الذين رشحوا ضمن أحزاب وقوائم ومستقلين يمكن القول أن نتائج الانتخابات محسومة سلفاً لصالح برلمان موال له.
سادساُ: الاحتمالات المستقبلية
وبناء على هذه النتيجة يمكن استنتاج ثلاث احتمالات في هذا السياق:
الاحتمال الأول: تعزيز حكم الرئيس، بمعنى أن يمارس البرلمان دور الظهير السياسي لرأس السلطة التنفيذية وتغيب جدول أعماله التشريعي والرقابة الجادة. إذ قد يقدم البرلمان الجديد على تعديل الدستور لتعزيز صلاحيات الرئيس بذريعة محاربة الإرهاب وتحفيز عملية التنمية ومن ثم برلمان موال تماما لرئيس الجمهورية، وبالتالي سيحرم عليه مناقشة قضايا هامة كمحاسبة الرئيس أو فتح بعض الملفات الحساسة مثل دور الجيش في الحياة العامة أو مثل السياسية الخارجية للبلاد. وستترك للبرلمان مناقشة بعض القضايا الهامشية لينشغل بها.
السيناريو الثاني: اللجوء إلى العنف، إما في حال فشل حزب النور في استقطاب أعداد كبيرة من مقاعد البرلمان فان الرئيس عبدالفتاح السيسي سيكون أكبر الرابحين في هذه الإنتخابات، باعتباره نجح في إبعاد جميع خصومه من الساحة الرئاسية والبرلمانية، وهذا ما سيولّد العنف مجددا في البلاد، وذلك بسبب أن شريحة كبيرة من المجتمع المصري ستعتبر نفسها مهمشة، وغير ممثلة في الحكومة والبرلمان علی حد سواء.
أو عودة البرلمان”النيو الليبرالي” الذي كان سائدا في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وكان من أسباب الانتفاضة على حكمه، إذ سيحاول رجال الأعمال عبر أحزابهم الفائزة في المقاعد النيابية الحفاظ على مصالحهم من خلال تشريع قوانين تخدمهم، وهذا سيكون له ارتداداته السلبية على المجتمع المصري الذي يعاني قطاعات كبيره منه الفقر والبطالة مما سيعمق الفجوة بين أغنياء وفقراء مصر ويؤسس لمرحلة عنف جديدة.
السيناريو الثالث: تفضيل الاستقرار على الفوضى، قد يقبل المواطن المصري تعزيز صلاحيات الرئيس، ويتكيف مع برلمان ضعيف، ويستوعب على مضض تراجع الأداء الاقتصادي الوطني لكنه وعلى الرغم من ذلك سيفضل الاستقرار على محاولات تكرار نسخة25 يناير، لأن واقع مصر والمشرق العربي قد تغير، فالمصري لا يود أن تنسحب حالة الإقليم على بلاده كالحالة العراقية والسورية واليمنية والليبية لما فيها من ويلات ودمار، حيث يمارس هنا الاعلام المصري تذكير الشعب بمآسي تلك الشعوب كي تطبع في العقل الجماعي المصري.
والأرجح والأقرب إلى الواقع هو السيناريو الثالث، لأن الشعب المصري يريد أن يخرح من حالة الفوضى والحروب الأهلية العربية وما يحدث في سيناء الذي امتد الى بعض المحافظات المصرية بأقل الأضرار الممكنة.
معمر فيصل خولي
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية