وسط ضغوط خارجية مكثفة على العسكر.. استئناف للرحلات الجوية والجيش يفتح الجسور والطرقات في الخرطوم

وسط ضغوط خارجية مكثفة على العسكر.. استئناف للرحلات الجوية والجيش يفتح الجسور والطرقات في الخرطوم

بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود تدريجيا للعاصمة السودانية الخرطوم، وسط استمرار حالة من الرفض الداخلي والضغوط الخارجية المكثفة على القادة العسكريين للتراجع عن قراراتهم الأخيرة.

وقال مراسل الجزيرة إن حركة الملاحة الجوية استؤنفت اليوم في مطار الخرطوم الدولي، حيث أقلعت طائرتان للمرة الأولى، بعد أن توقفت الاثنين الماضي.

وأضاف مراسل الجزيرة أن قوات الجيش فتحت عددا من الجسور الرابطة بين مدن العاصمة السودانية الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، دون تفتيش، واكتفت بوضع حواجز تراقب حركة المرور، في حين تستمر عمليات فتح الطرق المغلقة مثل شارع أفريقيا المشرف على مطار الخرطوم الدولي وشوارع وسط العاصمة.

وأشار إلى أن الحركة التجارية بدأت بالعودة تدريجيا إلى منطقة السوق العربي وسط الخرطوم، حيث فتحت بعض المحال التجارية أبوابها.

وذكر المراسل أن بعض الباعة المتجولين بدؤوا بعرض بضاعتهم في منطقة موقف جاكسون، أحد أهم مواقف المواصلات الرئيسية في السوق العربي، كما عادت حركة السير في شارعي أفريقيا وعبيد ختم، بعد أن كانت هذه الشوارع مغلقة بواسطة المتظاهرين الرافضين لقرارات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بشأن حل الحكومة.

ورغم العودة التدريجية لمظاهر الحياة الطبيعية، فقد استمرت حالة من الرفض والاحتجاج على القرارات الأخيرة للقائد العام للقوات المسلحة في السودان عبد الفتاح البرهان.

ودعا وزراء ائتلاف القوى المدنية، الشعب للاحتجاج حتى إسقاط الانقلاب، وموظفي الحكومة للانضمام إلى العصيان المدني، وقالوا إنهم يرفضون محاولة الانقلاب، ويطالبون العسكريين بالعدول عن الإجراءات غير الدستورية.

وأعلنت لجان أحياء بحري (شعبية) في السودان، الخميس، ما وصفته بجدول ثوري يتضمن مواكب ليلية وعصيانا مدنيا، رفضا للقرارات الأخيرة للبرهان.

وقال بيان صادر عن اللجان الشعبية بمدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، ونشرته صفحة تجمع المهنيين السودانيين، عبر موقع فيسبوك، إنها “تعلن عن جدول ثوري ممتد منذ اللحظة وحتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يضم مواكب ليلية، مخاطبات، متاريس مستمرة، بالإضافة إلى العصيان المدني الشامل حتى إسقاط الحكم الانقلابي”.

وفي السياق، قالت مصادر للجزيرة إن السلطات السودانية اعتقلت إيهاب الطيب بلة القيادي في لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، في حين وصل عدد القتلى في صفوف المتظاهرين إلى 7 على الأقل منذ الأحداث الأخيرة، وفق ما أعلن مدير الطب الشرعي السوداني هشام فقيري الخميس.

وقال فقيري لوكالة الصحافة الفرنسية “يوم الاثنين في الخرطوم، دخلت إلى المشارح 7 جثث لمتظاهرين وجثة جندي من قوات الدعم السريع.. في الأيام التالية، وصل عدد من الجثث بسبب أحداث العنف، وظهرت عليها آثار ضرب بأدوات حادة”.

من ناحية أخرى، نفى المدير العام السابق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة كامل إدريس، قبوله بمنصب رئيس وزراء السودان خلفا لعبد الله حمدوك.

وكتب إدريس عبر حسابه الرسمي على فيسبوك: “نؤكد أن كامل إدريس لم يلتق البرهان ولم يوافق على منصب رئيس الوزراء، بل ويطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين فورا، ووقف الهجوم على المتظاهرين أو إطلاق الرصاص عليهم”.

وكان ناشطون ووسائل إعلام قد زعموا أن إدريس التقى البرهان لترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، وأنه يحاول الحصول على دعم قوى سياسية أخرى.

بيان متوقع لمجلس الأمن
خارجيا، توقعت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إمكانية صدور بيان من مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، يعرب فيه عن القلق من إجراءات الجيش السوداني الأخيرة.

وقالت مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي للجزيرة إن بريطانيا توزع مسودة ثالثة لمشروع بيانها في المجلس بشأن السودان.

وأضافت المصادر أن مشروع البيان يعرب عن قلق مجلس الأمن العميق حيال استيلاء الجيش السوداني على السلطة، عوضا عن إدانته وفق المسودتين السابقتين.

كما يدعو مشروع البيان السلطات العسكرية في السودان إلى إعادة إرساء الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين على أساس الوثيقة الدستورية.

وتأتي الخطوة البريطانية بعد أن أثارت روسيا اعتراضات على تضمين بيان المجلس أي إدانة لإجراءات الجيش السوداني.

وفي حال لم تعترض أي دولة بحلول العاشرة من صباح اليوم الخميس بتوقيت نيويورك (17:00 بتوقيت مكة) سيُعتمد البيان تلقائيًّا.

وتشير المصادر إلى وجود فرصة معقولة لصدور البيان بصياغته الأخيرة المطروحة حاليا، حيث خلا النص من أي إشارة إلى وقوع انقلاب عسكري بالسودان، ولم يتضمن إدانة لإجراءات الجيش.

وقال ممثل السودان في الأمم المتحدة محمد محمود محمد إنه من المهم أن يواصل مجلس الأمن الدولي دعم الشعب السوداني في هذه المرحلة التي وصفها بالمهمة والمفصلية.

ودعا محمد محمود مجلس الأمن للعب دور بنّاء في تقريب المواقف بين المدنيين والعسكريين في بلاده، مؤكدا وجوب الحفاظ على مكاسب العامين الماضيين في البلاد بما يتسق مع مبادئ الوثيقة الدستورية.

بيانان أميركيان وآخر روسي
وقال بيان للخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن بحث في اتصال مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي الوضع في السودان، وإن بلينكن رحب بقرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية السودان.

وأضاف البيان أن بلينكن وفكي اتفقا على ضرورة عودة السودان إلى القيادة المدنية، وأنهما أكدا حق السودانيين في التعبير عن مطالبتهم بالحكم المدني من دون استخدام القوة ضدهم.

وقال بيان آخر للخارجية الأميركية إن بلينكن جدد خلال اتصال مع وزيرة الخارجية السودانية (المعزولة) مريم الصادق المهدي إدانة واشنطن لاستيلاء الجيش على السلطة في السودان، وفق تعبير البيان.

وأضاف البيان أن بلينكن بحث مع مريم الصادق المهدي الخطوات التي يمكن أن تتخذها واشنطن لدعم السودانيين.

وأعلنت الخارجية الروسية أن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي ناقش في اتصال هاتفي الوضع في السودان مع المبعوث الأميركي الخاص جيفري فيلتمان.

وقالت الخارجية الروسية -في بيان- إن الطرفين بحثا آخر التطورات، حيث أكد الجانب الروسي عدم جواز التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لهذا البلد.

وأضاف البيان أن الجانب الروسي شدد على ضرورة تحقيق استقرار الوضع وتسوية التناقضات القائمة بين الأطراف السودانية من خلال حوار شامل بمشاركة جميع القوى السياسية.

وبحث القائد العام للقوات المسلحة في السودان عبد الفتاح البرهان مع السفير السعودي في الخرطوم علي حسن بن جعفر تطورات الأوضاع السياسية في البلاد.

وقال المكتب الإعلامي للبرهان إن اللقاء تناول الجهود المبذولة لحل الأزمة من خلال التشاور مع كافة الأطراف ذات الصلة.

وأكد السفير السعودي لدى الخرطوم حرص بلاده على تحقيق الاستقرار بالسودان ودعمها في كل ما يؤدي إلى تحقيق الوفاق بين القوى السياسية، حسب بيان مكتب قائد الجيش.

وفي تطور آخر، أعفى البرهان 6 سفراء من مناصبهم، بعد رفضهم قراره حل مجلسي الوزراء والسيادة.

وذكر التلفزيون الرسمي السوداني -أمس الأربعاء- أن القائد العام للجيش أعفى كلا من سفراء السودان لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي، ولدى الاتحاد الأوروبي عبد الرحيم خليل، ولدى قطر عبد الرحيم صديق، ولدى الصين جعفر كرار، ولدى فرنسا عمر مانيس، فضلا عن رئيس البعثة السودانية بجنيف علي الجندي.

وردا على ذلك، قالت وزارة الخارجية في حكومة حمدوك المعزولة إن السفراء الرافضين للانقلاب هم الممثلون الشرعيون للسودان.

وكان مصدر دبلوماسي قال لرويترز -أمس الأول الثلاثاء- إن سفراء السودان لدى 12 دولة -منها الولايات المتحدة والإمارات والصين وفرنسا- رفضوا استحواذ الجيش على السلطة في السودان الاثنين الماضي، وحل عدد من مؤسسات الحكم الانتقالي.

المصدر : الجزيرة + وكالات