الأرضية المصرفية العراقية غير مؤهله لتداول البتكوين، وتحذيرات المركزي من التداول.

الأرضية المصرفية العراقية غير مؤهله لتداول البتكوين، وتحذيرات المركزي من التداول.

الباحثة شذى خليل*

“البيتكوين” عملة رقمية لا مركزية معتمدة على تكنولوجيا سلسلة الكتل أو “بلوكتشين”، ويتميز هذا النظام بمحدودية عدد عملاته وعدم وجود أي مدير له، وأصدر بنك الاستثمار “جيه بي مورغان” تقريرا قال فيه إن عملة “البيتكوين” برزت كمنافس للذهب، وقد يجري تداولها عند مستويات تصل إلى 146 ألف دولار إذا ترسخت كأصل استثماري آمن.
وتعد “البتكوين العملة الرقمية، نظام دفع عالمي يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية، من أبرزها أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط”، و أنها “أول عملة رقمية لا مركزية – فهي نظام يعمل دون مستودع مركزي أو مدير واحد، أي أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها حيث تعمل بنظام peer-to-peer”.
وحسب تقارير عالمية فإن “قيمة البتكوين ارتفعت من 6 سنتات قبل 11 عاما إلى ما يقارب 33 ألف دولار لغاية الآن، وتبلغ أعداد وحدات البتكوين 18،590،169 وحدة، أي القيمة السوقية للبتكوين 630 مليار دولار وتتجاوز قيمة البتكوين شركات عالمية مثل فيزا وماستر وباي بال، وتحتل المركز التاسع عالميا من حيث القيمة السوقية، كما بدأت شركات عالمية الاستثمار في عملة البتكوين مثلا شركة رافر البريطانية استثمرت بمبلغ 745 مليون دولار كما وقد سمحت شركات اخرى بالتعامل مع البتكوين مثل باي بال مما يجعل الطلب عليها يزداد”.

أما في العراق فالبنك المركزي أبدى تخوفه من التداول بهذه العملة التي ليس لها وجود مادي وتستخدم للشراء عبر الانترنت وتدعم الدفع باستخدام بطاقات البتكوين، او قد تحول الى العملات التقليدية في بعض الأحيان وبالتالي فهي تنطوي على مخاطر عدة قد تنجم عن تداولها لاسيما فيما يتعلق بالقرصنة الالكترونية والاحتيال، وعلى الرغم من عدم وجود رواج لها داخل العراق، حذر البنك المركزي العراقي عبر موقعه الرسمي من التعامل بالعملات الرقمية الافتراضية (البتكوين) لما فيه من مخاطر كبيرة لا سيما ما يتعلق بالقرصنة الإلكترونية والاحتيال.
ومن مخاوف المركزي أيضا هو ان أغلب المواقع الرسمية التي تقوم ببيع هذه العملة اضافة العراق الى قائمة الحظر لذلك حاليا يتم شرائها من خلال بعض الوسطاء الثقة من خارج العراق او داخله، وقد يكون المستثمر العراقي في الفترة المقبلة عرضة لعمليات النصب والاحتيال من قبل أشخاص او مواقع وهمية”.

حيث تم إصدار المركزي التعميم بإخضاع المتعاملين بها لأحكام قانون غسل الأموال رقم (39) لسنة 2015، والقوانين ذات العلاقة بهذا الخصوص.
وواصلت أسعار البتكوين ارتفاعها الى أعلى مستوياتها منذ مطلع مايو/أيار الماضي، بنحو 55 ألف دولار، ويبدو أن موجة الارتفاع الحاد بلغت كافة العملات الرقمية الاخرى.
المختصون في العملات الرقمية يعارضون قرار البنك المركزي العراقي؛ لأنه لم يضع بديلا عن التعامل الرقمي المشفر، كون الكثير من العراقيين يستثمرون ويتداولون بالعملات الرقمية المشفرة، بما يقدر بملايين الدولارات عبر المنصات العالمية -وفقا لقوله- والتي أصبحت عابرة للحكومات والحدود نتيجة التكنولوجيا الحديثة والعولمة الاقتصادية.
المختصون دعو أيضا البنك المركزي العراقي إلى التخطيط لإصدار عملة رقمية تسمى “الدينار الرقمي” وليست عملة رقمية مشفرة، وذلك من أجل التخلص من البيروقراطية النقدية الورقية، وكذلك للحد من تزوير العملات بدل الذهاب لمعاقبة من يتداول العملة الرقمية بجريمة غسيل الأموال.

العملات الرقمية تعرف بأنها العملات التي تصدرها الدولة عن طريق البنوك المركزية، وهي ذات نظام أمن مختلف عن العملات الرقمية المشفرة التي تعرف بأنها “عملات اللا دولة”، التي تصدرها الشركات والأفراد، وهي غير جاهزة للحصول عليها إلا عبر عملية التعدين التي يتم من خلالها إدخال العملات الجديدة في التداول، عبر أجهزة كمبيوتر متطورة تحل مشاكل حسابية معقدة للغاية.
دول الاقتصادات العظمى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي بدأت دراسة إصدار العملات الرقمية الخاصة بها قريبا من قبل البنوك المركزية، والتعامل بها.
إن إصدار البنك المركزي العراقي هكذا تعميم او” قرار” يجعل المتداول او المتعامل بالعملة الافتراضية غير قانونية في البلد بسبب المخاوف من القرصنة الالكترونية والاحتيال وعلى الرغم من عدم وجود رواج لها داخل العراق كونها عملة إصدار او بمعنى أصح تعدين العملة تحتاج الى حاسبات متطورة والى كهرباء مستمرة 24 ساعة والى استخدام تكنلوجيا مطورة والى تحديث مستمر، ونحن نعرف الأزمات الكثيرة التي يمر بها العراق والتي هي عبارة عن أزمات متراكمة وتشكل عرقلة امام أي تطور. حيث تعتمد التعاملات الرقمية كليا على منظومة إلكترونية متطورة تخضع لأعلى معايير الأمن السيبراني، في الوقت الذي تحتاج فيه المنظومة المصرفية العراقية إلى تحديث تكنولوجي مستمر.

ومن الشركات التي تتداول بها حاليا هي شركات الفوركس العالمية والعراقية ولكن التداول أكثر صعوبة من خزن العملة الذي يحتاج لدراسة وتعلم ومن ثم الانطلاق في التعامل مع منصات الفوركس.

ارتفعت عملة “البيتكوين” بحوالي 200% منذ العام الماضي 2020، مدعومة بالطلب من كبار المستثمرين، الذين جذبتهم العملة على أمل تحقيق مكاسب سريعة، وبفضل توقعات بأن تصبح طريقة دفع سائدة في العالم.
ويقول بعض المختصين في العراق إن أكثر من 80 مصرفا حكوميا وخاصا (تجاريا وإسلاميا)، إضافة إلى فروع لمصارف أجنبية تتمتع بمنظومة إلكترونية غير مطورة، بنفس مستوى ما وصل إلية العالم في القطاع المصرفي .
وان التدفق النقدي الأكبر والذي يصل إلى 80% ينحصر في مصرفي “الرافدين والرشيد” الحكوميين اللذين يتعاملان حتى الآن بالسجلات الورقية في توثيق تعاملاتهم المصرفية، إذن كيف لها أن تتعامل مع العملات الرقمية التي تحركت قيمتها أيام لتصل 50 ألف دولار للعملة الرقمية الواحدة، ويؤكد المراقبون عن وجود ضعف لدى بعض المصارف العراقية من ناحية عدم الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية، التي تحتاج لتطوير ومتابعة بسبب التحديث المستمر على المتطلبات والتطور بالمعايير الدولية، إلا أن ذلك لن يؤثر على عمل القطاع المصرفي العراقي.

ويعاني الاقتصاد العراقي بشكل عام من الآثار السلبية لجرائم غسل الأموال وتمويل الجماعات المسلحة والخارجة عن القانون ؛ فقد سعى البنك المركزي العراقي -وفق المختصين في الشأن المصرفي العراقي إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الرادعة وتطبيق القوانين المختصة بمكافحة جرائم غسل الأموال التي تهدد الاستقرار المالي في العراق.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مكتب شمال امريكا

مركز الراوبط للبحوث والدراسات الاستراتيجية