عودة شيفرون الأميركية النفطية إلى العراق أكثر من مجازفة محسوبة

عودة شيفرون الأميركية النفطية إلى العراق أكثر من مجازفة محسوبة

بغداد- أعلنت الحكومة العراقية الثلاثاء أنها قررت تخويل شركة النفط الوطنية العراقية صلاحية التفاوض المباشر مع شركة شيفرون الأميركية بشأن تنفيذ خطط وزارة النفط لإنجاز مشاريع عملاقة في قطاعي النفط والغاز في الناصرية بمحافظة ذي قار، في خطوة قال مراقبون إنها تعطي إشارة قوية على عودة الشركات الأميركية إلى العراق بعد أن كانت تنسحب منه لاعتبارات تتعلق بالوضع الأمني والنفوذ الإيراني المتزايد هناك.

وقال بيان لوزارة النفط العراقية إن “المشروع يتضمن إنجاز مجموعة مشاريع عملاقة في قطاعي النفط والغاز وحقن الماء، بطاقة أولية مستهدفة تبلغ 600 ألف برميل من النفط الخام يوميا خلال سبع سنوات من بدء الأعمال”.

واعتبر خبراء في المجال أن استثمارا بهذا الحجم، وفي منطقة حقول يمكنها أن تنتج ما يعادل إنتاج بلد، يؤكد أن الشركات الأميركية غيرت نظرتها إلى العراق وصارت تقبل المجازفة بقطع النظر عن الأوضاع السياسية والأمنية التي لم تصل بعد إلى الاستقرار الذي تبحث عنه الشركات الكبرى مثل شيفرون.

وأضافوا أن مشروعا مثل هذا يؤكد أن الأميركيين الذين غامروا بغزو العراق في 2003 لن يتركوا ما يوفره من فرص اقتصادية لأجل تحديات أمنية أو صراعات سياسية داخلية بتحريك من إيران، وأن الانسحاب العسكري الذي أعلنته القوات الأميركية من بعض قواعدها لا يعني التخلي نهائيا عن العراق.

ويمكن أن يمثل النفط والغاز اللذان ستستخرجهما الشركة الأميركية من العراق عنصرَيْ توازن في السوق النفطية في المستقبل ويساهما في كسر القيادة الثنائية السعودية – الروسية على تكتل أوبك+ الذي بات يتحكم في الكميات المعروضة ويدفع نحو ارتفاع الأسعار بما يتناقض مع ما تسعى له الولايات المتحدة.

ويحتوي العراق على احتياطات هائلة من الغاز والنفط، فهو ثاني منتج للنفط بحسب منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، لكنه يواجه أزمة طاقة حادة ومزمنة تغذي الغضب الاجتماعي.

وبالتوازي مع مكاسب واشنطن من العودة إلى الساحة العراقية يعطي هذا العرض أيضا دفعا قويا للعراق الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة ويسعى للحصول على استثمارات خارجية. كما يساهم بشكل فعال في حل أزمة الكهرباء التي يعاني منها وجعلته مرتهنا لإيران.

وينتج العراق حاليا 16 ألف ميغاواط من الكهرباء وهذا أقلّ بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألف ميغاواط والتي تصل إلى 30 ألفاً في فصل الصيف. وتشهد البلاد انقطاعات متكررة للكهرباء لاسيما خلال الصيف حين تتجاوز الحرارة خمسين درجة.

وذكر بيان الوزارة أن الخطة تشمل إنشاء مشاريع الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، وتابع أنه “من المؤمل أن تسهم هذه المشاريع في تعزيز وإدامة الإنتاج الوطني، والنهوض بالبنى التحتية وتطويرها، وزيادة فرص التنمية لشركات القطاع الخاص بالمحافظة، فضلاً عن توفير فرص العمل”.

وكان العراق أعلن في سبتمبر الماضي عقداً مع مجموعة “توتال إينيرجيز” الفرنسية للاستثمار في مجال الغاز والنفط وفي استغلال الطاقة الشمسية بقيمة تبلغ 27 مليار دولار، في صفقة أثارت تساؤلات بشأن ارتباطها بزيارة سابقة قام بها الرئيس الفرنسي إلى بغداد وإطلاق تصريحات داعمة للحكومة العراقية.

وقال الرئيس التنفيذي لتوتال باتريك بويان خلال مراسم التوقيع إن الشركة ستبدأ باستثمار مبدئي حجمه عشرة مليارات دولار، مشيرا إلى أن الأعمال الهندسية ستبدأ “على الفور”.

ودفع حديث عن تفكير “بريتش بتروليوم” في الانسحاب من العراق بوزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار إلى التحذير في يوليو الماضي من أن البيئة العراقية لم تعد مناسبة لاستقطاب الشركات الكبرى.

العرب