توسيع مشاريع الطاقة القطرية في قبرص: براغماتية أنقرة أم انتهازية الدوحة

توسيع مشاريع الطاقة القطرية في قبرص: براغماتية أنقرة أم انتهازية الدوحة

الدوحة – التزمت تركيا الصمت حيال الاتفاقية التي وقّعها تحالف طاقي يضم “قطر للبترول”، مع الحكومة القبرصية لاستكشاف الغاز والتنقيب عليه في منطقة سبق وأن اعتبرتها أنقرة امتدادا لجرفها القاري.

وقالت أوساط سياسية إن صمت تركيا كان متوقعا، حيث إن أنقرة حريصة على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الدوحة، في ظل حاجتها الماسة إلى الدعم أمام تدهور وضعها المالي، وبالتالي لا تريد إثارة أي توترات معها.

وتشير الأوساط إلى أن الأوضاع تغيرت في المنطقة، فقطر لم تعد ترى أهمية في الأخذ بالاعتبار ردود فعل حليفها التركي في الخطوات التي تقدم عليها، بعد حصول المصالحة الخليجية في بداية العام الجاري.

ووقّع تحالف مكون من “قطر للبترول” و”إكسون موبيل” اتفاقية مع الحكومة القبرصية، للاستكشاف والتنقيب والمشاركة بالإنتاج في المنطقة رقم خمسة الواقعة جنوب شرق جزيرة قبرص.

وهذه هي ثاني منطقة استكشاف لقطر للطاقة في جمهورية قبرص، حيث تم توقيع اتفاقية للاستكشاف والتنقيب والمشاركة بالإنتاج عام 2017 في المنطقة رقم عشرة لنفس التحالف، والتي أثمرت اكتشاف حقل غاز “غلاوكوس” الذي تم الإعلان عنه في فبراير 2019، والذي يقدر حجمه بما يتراوح بين 5 و8 تريليونات قدم مكعبة من الغاز بناء على المعطيات الأولية.

وقال المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة، والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، “نحن سعداء بتوقيع هذه الاتفاقية، والتي ستوسع من تواجدنا في قبرص، حيث نعتقد أنها منطقة واعدة لاستكشاف الهيدروكربونات”.

وبموجب الاتفاقية الجديدة، ستمتلك “قطر للبترول” حصة تبلغ 40 في المئة في المنطقة رقم خمسة، بينما ستمتلك “إكسون موبيل” حصة تبلغ 60 في المئة وستكون المشغل في المنطقة.

وأعاد الكعبي التذكير بالاكتشاف المهم في المنطقة رقم عشرة، مضيفا “نتطلع إلى الاستمرار بالتعاون مع الجهات الحكومية القبرصية، جنبا إلى جنب مع شريكنا الاستراتيجي إكسون موبيل، للمساهمة في استكشاف الثروات الطبيعية في جمهورية قبرص وتعزيز محفظة أصولنا الدولية المتنامية”.

وتغطي المنطقة رقم خمسة، والتي تقع إلى جوار المنطقة رقم عشرة، مساحة تبلغ 4500 كيلومتر مربع في أعماق مياه تبلغ 2500 متر.

ولا يبدو أن الرئيس التركي نجح في إقناع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعدم السير في الاتفاقية، وسط اعتقاد المراقبين بأنه اضطر إلى القبول بالأمر الواقع، أمام حزمة الإغراءات المالية التي يأمل في الحصول عليها من الزيارة.وسبق وأن أبدت تركيا تحفظات على الاتفاقية قبل أن يجري التوقيع عليها، وكشفت مصادر تركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيثير المسألة خلال زيارته التي جرت الأسبوع الجاري للدوحة.

وكانت وزارة الخارجية التركية أصدرت بيانا قبل أيام خصت فيه بالانتقاد قبرص لنيتها توقيع الاتفاقية، دون أن تتعرض في بيانها لقطر، على خلاف اتفاقيات سابقة جرى إبرامها بين قبرص وقوى إقليمية.

وقالت الخارجية التركية إن “الأنباء المتعلقة بمنح ترخيص لكونسورتيوم بين شركة ‘إكسون موبيل’ و’قطر للبترول’ للتنقيب عن الغاز الطبيعي، في ما يسمى بالمنطقة الخامسة التي حددتها إدارة قبرص من جانب واحد وبشكل يتجاهل حقوق بلادنا وحقوق القبارصة الأتراك، تُظهر مجددا وبوضوح من يؤجج التوتر في شرق المتوسط”.

وأضافت “إن الترخيص المذكور ينتهك جزءا من الجرف القاري لتركيا، ومن جهة أخرى، تتجاهل هذه الخطوة الأحادية حقوق القبارصة الأتراك الذين هم شركاء في ملكية جزيرة قبرص”.

وتابعت الخارجية في بيانها “لم تسمح تركيا في السابق لأي دولة أجنبية أو شركة أو سفينة بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق الصلاحية البحرية التابعة لها دون ترخيص منها، ولن تسمح بذلك مستقبلا، وستواصل الدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق المتوسط”.

ويكاد يجزم المراقبون بأن التهديد التركي المبطن لن يلقى طريقه إلى التنفيذ، حيث إن أنقرة ليس في وارد اتخاذ أي موقف عملي طالما أن للأمر علاقة بقطر.

العرب