السؤال الأهم في الشرق الأوسط: أين جو بايدن؟

السؤال الأهم في الشرق الأوسط: أين جو بايدن؟

كان ذلك واحدا من بين أهم الأسئلة التي أعيد تكرارها هنا وهناك، وبعد مرور عام كامل على استقرار الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض. ومع أن السؤال يحمل دلالته الزمنية بشأن المؤشرات التي يمكن قراءتها في السنة المنقضية. إلا أنه يتعلق أيضا بسيد البيت الأبيض، للتحقق من أيّ من الوعود تحقق بعد انقضاء عام في الحكم.

السؤال يطلق في الولايات المتحدة بنفس الدرجة التي يتم تداوله في بلدان الشرق الأوسط، دعك من الصين وروسيا فلا شيء يدعو إلى تعافي العلاقات، وتلك قصة أخرى تكشف عن اتساع الفجوة. مع ذلك سنحصل على حزمة إجابات مفيدة لقراءة ما يجري في المنطقة عندما يسأل الإسرائيليون، أين بايدن، مثلما يتكرر نفس السؤال بين الدول الخليجية المتضررة من إيران، كما في اليمن وسوريا البلدين اللذين لا يعلمان استراتيجية بايدن الحقيقية في مستقبل أوطان تعيش مأزقها.

دول الإقليم بدأت تهتم بشؤونها، وفق بوصلة القرار الإقليمي، من دون أن يكون الاتجاه مركزا باتجاه واشنطن، فهزيمة الإدارة الأميركية في أفغانستان ما زالت ماثلة للعيان، فمن يمنع تكرارها هنا وهناك.

الأسبوع الماضي كان اهتمام الإسرائيليين بمساعد الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان، أثناء زيارته إلى تل أبيب، ملفتا للانتباه، بما أن بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ضعيفان من الناحية الدبلوماسية، حيث يرغبان في تحويل تركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة عن الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي ينطلق سؤال أين بايدن في المنطقة العربية من دون ترقب إجابة شافية، كشف الرئيس الأميركي أنه يخطط للترشح لولاية ثانية في انتخابات 2024، حال كانت صحته “جيدة” آنذاك. وهذا خبر يعني أن بوصلة السياسة في دول المنطقة مستمرة في عدم التعويل على الإدارة الأميركية، سواء ترشح بايدن أم لم تساعده صحته على ذلك، وسواء فاز أو لم يفز.

مثل هذه القراءة في الشرق الأوسط تجد ما يماثلها داخل المجتمع الأميركي، فقد أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست وقناة “إيه.بي.سي نيوز” أن نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأميركي تراجعت.

وبلغ معدل التأييد العام للرئيس 41 في المئة، مقارنة بـ44 في المئة في استطلاع أجري في سبتمبر الماضي.

بعد سنة كاملة اكتشف الأميركيون أنهم أساؤوا تقدير الرجل الذي دفعوه إلى البيت الأبيض. بينما الحلفاء الاستراتيجيون للولايات المتحدة في المنطقة لم يعودوا يعولون عليه

آخر الأخبار السيئة لبايدن، ما وجهه متصل أميركي من إهانة إلى الرئيس عندما قال له عبر الهاتف جملة “هيا بنا يا براندون”، وهي عبارة مشفرة يستخدمها أنصار دونالد ترامب لشتم الرئيس، وذلك خلال مناسبة خاصة بعيد الميلاد في البيت الأبيض.

وأجاب بايدن دون أن يبدو عليه أي رد فعل “هيا بنا يا براندون، أنا أوافق”. لكن بعض أمارات الدهشة ظهرت على وجه السيدة الأولى جيل في هذه اللحظة!

فالأميركيون، بمن فيهم الكثير ممن صوتوا لبايدن، ليسوا سعداء به. يريدون منه أن يكون رئيسا مختلفا، كما يكون شخصا مختلفا، بعد أن كان يدفعهم هدف واحد يتمثل في التخلص من سلفه دونالد ترامب، الذي أدار تجربة سياسية مثيرة على مدار أربعة أعوام.

وبعد سنة كاملة اكتشف الأميركيون أنهم أساؤوا تقدير الرجل الذي دفعوه إلى البيت الأبيض. بينما الحلفاء الاستراتيجيون للولايات المتحدة في المنطقة لم يعودوا يعولون عليه، وهم يراقبون مسلسل الاسترضاء المستمر الذي يقدمه إلى إيران.

لقد تبددت المشاعر الأولية التي كانت تنظر إلى بايدن بعد فوزه على ترامب بأنه يدير سياسة مفعمة بشعور “العزم الهادئ”، بعد الهروب المخزي للقوات الأميركية من أفغانستان. بينما يتساءل العالم عما ينتظر طبيعة الاتفاق مع إيران بعد مقدار التنازلات التي قدمت لها ثمنا لغطرستها كدولة مارقة على المجتمع الدولي.

قد تبدو هزيمة أفغانستان من الماضي بالنسبة إلى إدارة بايدن، لكنه نوع من الماضي الذي سيبقى حاضرا، ولن يموت في كل قرار يتخذه حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط يتعلق بالثقة المتوخاة من الإدارة الأميركية. وهو سؤال يتم تداوله ولا يبدو مفرطا في المبالغة، عما إذا كان أفول نجم الولايات المتحدة إحدى علامات حقبة بايدن؟

هناك تصور قائم بأن الرئيس الأميركي ليس منتجا حتى وإن كان يعمل بصمت، سواء في الملفات التي تعني الناخب الأميركي أو ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي تنظر فيها دول المنطقة إلى واشنطن بوصفها الفاعل الأكثر تأثيرا في حسمها. ذلك ينطبق كثيرا على إسرائيل التي لم تعد تعول على بايدن كثيرا عندما يتعلق الأمر بإيران.

وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بقوله إن بلاده ليست مضطرة لأن تحذو حذو الولايات المتحدة في كل خطوة تتخذها بعد مفاوضات إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. مؤكدا على أنه لم يتعهد للولايات المتحدة بسياسة “صفر مفاجآت” ضد إيران.

تصريح بينيت خلاصة ما سبق وأن فسره لنا رونين بيرغمان في مقال ملفت بصحيفة يديعوت أحرنوت قبل أسابيع بالقول “فور قيام إدارة بايدن، أعلنت بأنها تريد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وهذا الأمر نبع من رغبة في شطب تراث ترامب. في نظر الكثيرين في الإدارة الأميركية الحالية: كل ما فعلته إسرائيل في تلك الفترة بالتعاون مع الولايات المتحدة مصاب بسم ترامب، وعليه فينبغي التخلص منه. هذا الفكر، ولعله حتى أكثر من كل اتفاق مع إيران، هو الذي ينبغي أن يقلق إسرائيل”.

العرب