نور سلطان – يكتفي المسؤولون الأتراك بالتعبير عن أملهم بعودة الاستقرار إلى كازاخستان لكن دون أيّ تحرك ميداني فعلي لدعم الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف بالرغم من أن عضويتها في منظمة الدول الناطقة بالتركية تتيح لأنقرة التدخل لدعمها سياسيا وعسكريا.
ويعتقد مراقبون ومحللون سياسيون أن صمت تركيا تجاه ما يجري لدولة حليفة مثل كازاخستان يعود إلى سبب رئيسي وهو خشيتها من الصدام مع روسيا التي سارعت بإرسال قوات إلى كازاخستان لدعم الرئيس توكاييف، في رسالة واضحة على أن موسكو لن تتخلى عن الدول التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي لأجل أيّ جهة بما في ذلك تركيا.
ويشير هؤلاء إلى أن التدخل الروسي في كازاخستان قطع الطريق على منظومة “العالم التركي” التي يعمل الرئيس رجب طيب أردوغان على تحويلها إلى أمر واقع في المنطقة، والاستفادة مما توفره من فرص استثمارية واقتصادية كبرى تساعد على إخراج الاقتصاد التركي من أزماته المعقدة.
الخطاب المتشابه لأبرز قيادات تركيا وجهاتها السيادية يؤكد وجود قناعة لدى أنقرة بأنه لا مجال لمشاغبة روسيا
وبتشكيلها منظمة الدول الناطقة بالتركية أو ما تسميه بـ”العالم التركي” كانت أنقرة تخطط لتوسيع نفوذها سياسيا واقتصاديا في مختلف الجمهوريات، مستفيدة من حاجة هذه الدول إلى دعم متعدد الجوانب لتثبيت نفسها، وهو ما بدا بشكل أوضح من خلال التدخل العسكري المباشر إلى جانب أذربيجان في الحرب مع أرمينيا، والتي حسمتها الطائرات المسيّرة التركية، ما قوى رهانات أردوغان على تعميق النفوذ التركي في المنطقة.
وتشابهت ردود المسؤولين الأتراك تجاه ما يجري في كازاخستان، حيث تم التركيز على متابعة الوضع، وتأكيد دعم الرئيس الكازاخي، والتعبير عن الأسف والحزن لما يجري، دون أيّ موقف واضح بشأن شكل الدعم الذي يمكن أن تقدمه أنقرة لنور سلطان، وغاب عن البيانات والتصريحات التأكيد على استعداد تركيا لتقديم الدعم الكافي، والتغني بالماضي المشترك، وكل ما في خطاب الدعم التركي لأذربيجان.
وبحسب بيان دائرة الاتصال بالرئاسة التركية أجرى أردوغان محادثات هاتفية مع الرئيس الكازاخي، معلنا تضمان بلاده مع كازاخستان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن “نشعر بحزن عميق من تطورات الأحداث وسقوط الضحايا في كازاخستان. إن السلام والاستقرار والهدوء في كازاخستان تمثل الأولوية الأساسية بالنسبة إلينا. تركيا ستقف دائما إلى جانب كازاخستان”.
وأعربت وزارة الخارجية التركية الأربعاء عن ثقتها التامة في قدرة الإدارة الكازاخية على تجاوز أزمة الاحتجاجات.
من جهته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار السبت “أشقاؤنا في كازاخستان سيتغلبون على كل الصعوبات بوسائلهم وقدراتهم الخاصة، ونقف دائما إلى جانبهم”.
كما أعرب رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب عن ثقته بإمكانية كازاخستان حكومة وشعبا على تجاوز الأزمة الحالية القائمة في البلاد.
واعتبر المراقبون أن الخطاب المتشابه لأبرز قيادات تركيا وجهاتها السيادية يؤكد وجود قناعة لدى أنقرة بأنه لا مجال لمشاغبة روسيا أو السعي لمنافستها كما جرى من قبل في سوريا وليبيا وفي أذربيجان، معتبرين أن أردوغان بات يعرف جيدا المزاج الصعب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أظهره في أوكرانيا وتلويحه بخوض الحرب من أجل حماية الأمن القومي لبلاده متحديا الضغوط الغربية المختلفة.
ويشير هؤلاء إلى أن تركيا ما كانت لتترك الفرص الواعدة التي توفرها كازاخستان كأكبر دولة نفطية في المنطقة، وثاني أكبر منتج لليورانيوم في العالم، لولا الخطوط الحمراء التي رسمتها روسيا للجميع من خلال إرسال قوات إلى كازاخستان وإظهار دعمها التام للرئيس توكاييف.
ويحمل هذا الموقف رسالة قوية إلى تركيا بشأن رهانها على تركيز نفوذها في الدول الناطقة باللغة التركية، وخاصة التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي.
وخلال عام 1998 تم التوقيع على إعلان أنقرة الذي أكد فيه رؤساء دول أذربيجان وجورجيا وكازاخستان وتركيا وأوزبكستان على أهمية مد أنابيب تصدير النفط عبر بحر قزوين والقوقاز.
ويقع المقر الرئيسي لمنظمة الدول التركية في إسطنبول وتضم كلا من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، إلى جانب المجر وتركمانستان بصفة مراقب.
وتأسست المنظمة (المجلس التركي سابقا) في الثالث من أكتوبر 2009، وتهدف إلى تطوير التعاون بين الدول الناطقة بالتركية في العديد من المجالات بينها التعليم والتجارة.
العرب