بدعوة إلى تبني نموذج دولي يحفظ مصالح الأطراف في قطاع التعدين ويعزز مواجهة التحديات المستقبلية، انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس الأربعاء، فعاليات مؤتمر التعدين الدولي، بحضور أكثر من ألفي مشارك و150 من كبار المستثمرين من 100 دولة.
ويناقش المؤتمر واقع ومستقبل التعدين في المنطقة والعالم ومساهمة مشاريع التعدين في تنمية المجتمعات، واستعراض إمكانات وفرص القطاع في المملكة والإقليم، ويتزامن انعقاده مع الاجتماع التشاوري الثامن لوزراء الثروة المعدنية في الدول العربية.
وانطلق برنامج اليوم الأول من المؤتمر -أمس الأربعاء- مع جلسة بعنوان “إعادة تصور قطاع التعدين وتعظيم مساهمته في المجتمع”، تلتها جلسة “التعدين الذكي” المعنونة بـ”عرض التقنية والابتكار- دعم تعدين المستقبل”، في حين انعقدت جلستان إضافيتان، الأولى دارت حول “تسليط الضوء على دور التعدين الحاسم في الاقتصاد منخفض الكربون”، والثانية عن “دعم نمو المنطقة وتنميتها.. فرص العرض والتواصل”.
وتستمر جلسات المؤتمر، اليوم الخميس، بتسليط الضوء على السعودية في جلسة تحت عنوان: “أرض الفرص- قوة إقليمية”، وكذلك جلسات حوارية حول “فرص الاستثمار العالمية والوصول إلى رأس المال”، وتتناول جلسات اليوم الفرص الاستثمارية الكامنة في مجال التعدين في المملكة والمنطقة وطرق الاستفادة منها.
مستقبل المعادن
وكان وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر بن إبراهيم الخريف قد أكد -خلال الافتتاح- أن المؤتمر الذي يحمل عنوان “مستقبل المعادن” يهدف إلى رسم خارطة طريق مستقبلية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال توسيع دائرة إسهام هذا القطاع المهم والواعد.
وقدر الوزير السعودي قيمة الثروات المعدنية في المملكة بأكثر من 1.3 تريليون دولار، وهي تضم معادن الفوسفات والبوكسيت في الشمال الشرقي، والذهب والنحاس والرواسب الأرضية النادرة في الدرع العربي غربي المملكة.
وبين أن المملكة عملت على إيجاد أنظمة وتشريعات تسهم في نمو قطاع التعدين وجذب الاستثمارات النوعية فيه، بدءا من نظام الاستثمار التعديني الجديد، وصولا إلى تحقيق بيئة محفزة تراعي احتياجات الاستثمارات التعدينية التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة.
وكشف الخريف أن المملكة -في سبيل تحقيق مستهدفاتها في قطاع التعدين- حققت العديد من المكتسبات، أبرزها بدء العمل بنظام الاستثمار التعديني الجديد، وتدشين منصة “تعدين” الإلكترونية، وتيسير إجراءات إصدار الرخص التعدينية، وإطلاق قاعدة البيانات الوطنية لعلوم الأرض، والبدء في تنفيذ مشروع المسح الجيولوجي العام، الذي يغطي 600 ألف كيلومتر مربع.
تسهيل الاستكشاف
وأضاف أنه تم إطلاق مبادرة الاستكشاف المسرع، لإجراء المسوح، وتقييم مواقع المعادن الإستراتيجية، واستكشاف وتطوير مناطق المعادن الواعدة، وتأسيس شركة لخدمات التعدين بهدف الارتقاء بالخدمات المقدمة للقطاع وتعزيز قدرته التنافسية، وتحقيق متطلبات الامتثال والاستدامة.
وبين أن عدد الرخص التعدينية بلغ 1967 رخصة للاستطلاع، والكشف، والاستغلال لمختلف الخامات المعدنية؛ 25% منها صدر خلال عام 2021.
وأوضح أن المملكة وضعت مستهدفات طموحة لرفع إسهام قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من 17 مليار دولار، إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2030.
وتمهيدا للمؤتمر، عقد في الرياض اجتماعات الطاولة المستديرة التي ضمت أكثر من 30 دولة، بحضور الوزراء المعنيين بقطاع التعدين في الدول العربية وعدد من دول العالم، إضافة إلى منظمات إقليمية ودولية.
واتفق رؤساء الوفود خلال اجتماعهم على أهمية التعاون والتنسيق بين الحكومات وشركائها من القطاع الخاص والمجتمع المدني، للعمل معا من أجل التقدم في قطاع التعدين وتحقيق التطورات التعدينية المستدامة والمسؤولة والشاملة لتعزيز تحقيق المنافع المشتركة.
وتناولت مناقشات اجتماعات الطاولة المستديرة 3 مواضيع رئيسة، هي المساهمة التي يقدمها ويمكن أن يقدمها التعدين للدول والمجتمعات، وتعظيم فوائد قطاعات التعدين، بالإضافة إلى سلاسل التوريد لتحقيق الازدهار الاقتصادي.
كما ركزت المشاركات أيضا على الدور المهم الذي ستلعبه المعادن والفلزات في الانتقال العادل إلى مستقبل طاقة منخفضة الكربون، والدور الذي يمكن أن تلعبه كل دولة في المنطقة في تطوير سلاسل قيمة تعدينية مستدامة ومسؤولة.
فرص التعاون الإقليمي
وفي نهاية الاجتماع، ناقش الوزراء فرص التعاون في الشرق الأوسط ووسط آسيا وأفريقيا، حيث جرت مناقشات واسعة من خلال عروض تقديمية قدمها ممثلون من القطاع الخاص والمنظمات الدولية.
وأكد المشاركون أن التعدين وصناعة المعادن يملكان فرصا ليكونا محركا رئيسيا للتنمية في المنطقة، كما يمكن أن يزيد التعدين من فاعلية تنمية المجتمعات، وتحسين حياتهم لتمكينهم من المشاركة الفاعلة على المدى الطويل، مع الإشارة إلى أن الحكومات تلعب دورا مركزيا في التقريب بين قطاع التعدين والمجتمع من أجل تحقيق الفوائد المشتركة.
وأشار الوزراء والمشاركون -خلال اجتماعهم- إلى أن المعادن والفلزات توفر فرصا تنموية حيوية لتحقيق اقتصاد منخفض الكربون من خلال التقنيات الجديدة، بما في ذلك السيارات الكهربائية، وتخزين البطاريات، ومصادر الطاقة المتجددة.
المصدر : الجزيرة