شبح الحرب يخيم على أوكرانيا بعد فشل المفاوضات مع روسيا

شبح الحرب يخيم على أوكرانيا بعد فشل المفاوضات مع روسيا

لا يزال سيناريو الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا قائما بقوة بعد فشل ثلاث جولات من المفاوضات التي يجريها الغرب مع موسكو لحل الأزمة مع كييف. وفي ظل تصلب مواقف جميع الأطراف بشأن سبل تجاوز الأزمة يرجح مراقبون أن ينصاع الغرب في نهاية المطاف إلى شروط روسيا التي أثبتت أنها لا تساوم إذا ما تعلق الأمر بفنائها الخلفي.

برلين – حث سفير أوكرانيا لدى ألمانيا أندريه ميلنيك الأحد برلين على تزويد بلاده بالسلاح، في ظل تصاعد احتمالية غزو روسيا لكييف، بعد فشل ثلاث جولات لمفاوضات غربية مع موسكو التي أرسلت المزيد من الجنود إلى الجبهة.

وقال السفير ميلنيك إن إحجام حكومة يسار الوسط الألمانية الجديدة عن تقديم الأسلحة “مخيب للآمال للغاية”، نظرا لاحتشاد القوات الروسية على الحدود.

وصرّح بأن “شعب أوكرانيا مصاب بخيبة أمل شديدة… الآن هي لحظة الحقيقة بشأن من هو الصديق الحقيقي”.

وتدعو أوكرانيا منذ أعوام إلى تزويدها بالأسلحة للدفاع ضد هجوم روسي محتمل، ولكن دون جدوى حتى الآن.

وانتهت ثلاث جولات من مباحثات أمنية غير مسبوقة بين روسيا والغرب دون تحقيق الهدف المنشود منها، حيث صرّح المسؤولون من الجانبين بأنه لم يتم إحراز تقدم كبير.

زبيجنيو راو: خطر الحرب في المنطقة أكبر من أي وقت مضى

ويقول الباحث مارك إيبسكوبوس إن المباحثات التي بدأت في العاشر من الشهر الحالي بين وفدي موسكو وواشنطن في جنيف بقيادة ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي، وسيرجي ريباكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، دار الجدل فيها حول أوكرانيا ومستقبل حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقد رفضت شيرمان مطالب روسيا الخاصة بالحصول على ضمانات رسمية بعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو مطلقا، مضيفة أن واشنطن “لن تسمح لأي أحد بإغلاق سياسة الباب المفتوح التي يتبعها الناتو”.

ومع ذلك أبدى الجانب الأميركي استعداده لبحث فرض قيود على أنظمة الصواريخ الغربية والتدريبات العسكرية في أوكرانيا وحولها. لكن ريباكوف أكد موقفه السابق بأن مطالب روسيا في مواجهة الولايات المتحدة والناتو ليست “قائمة طعام”، وإما أن تُقبل كليا أو تُرفض كليا.

ورفض ريباكوف مجددا الاثنين الماضي فكرة التوصل إلى تسوية أقل قدرا، وشدد على أنه من المهم تماما لروسيا “التأكد من أن أوكرانيا لن تكون، أبدا، أبدا، ومطلقا عضوا في الناتو”.

وبدا أن اجتماع الأربعاء الماضي بين روسيا والناتو لم يشهد جديدا، حيث عرض ينس ستولتنبرغ الأمين العام للناتو إجراء مباحثات في المستقبل بشأن الحد من التسلح، بينما رفض طلب روسيا الحصول على ضمانات قانونية ملزمة ضد المزيد من توسع الحلف شرقا.

وبدأت جولة ثالثة من المباحثات بين الناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في فيينا الخميس الماضي. ووصف المسؤولون الروس اجتماع المنظمة بأنه استعراض جانبي إلى حد كبير.

ولم يلتزم الجانب الروسي بإجراء مباحثات لاحقة، حيث ألمح ريباكوف إلى أن “واشنطن وموسكو وصلتا إلى طريق مسدود أو اختلاف في المواقف” بشأن قضية توسع الناتو.

وأعربت مصادر المخابرات الغربية والخبراء العسكريون الغربيون عن انزعاجهم إزاء ما تردد عن حشد القوات الروسية، وتحركاتها غير العادية على طول الحدود الروسية – الأوكرانية.

وكان جون هيربست، وهو سفير سابق للولايات المتحدة في أوكرانيا وأحد كبار مديري مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، قد قال في وقت سابق “إن موسكو متموضعة بشكل جيد للغاية ويمكنها التحرك بسرعة بالغة… ومن المؤكد أنهم يمثلون تهديدا. وهم في وضع يمكنهم القيام بما يريدونه إذا أرادوا”.

ويضيف إيبسكوبوس أنه مع ذلك يواصل المسؤولون الروس تأكيدهم على أنه ليست لدى روسيا خطط لمهاجمة أوكرانيا، وأن لهم الحق غير القابل للتفاوض في نشر القوات ونقلها إلى حدودها حسبما يتراءى لها.

وقالت ليندا توماس – جرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، “أتمنى أن أصدق ذلك، وأتمنى أن يكون حقيقيا أنه ليست لديهم خطط، ولكن كل ما شاهدناه حتى الآن يوضح أنهم يقومون بتحركات في هذا الاتجاه”.

وقد ألمح البيت الأبيض الجمعة الماضي إلى احتمال قيام موسكو بتدبير عملية سرية في شرق أوكرانيا كمبرر لغزو كل البلاد أو جزء منها.

وجاء في رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها مسؤول أميركي لم يذكر اسمه أن “روسيا تمهد لأن يتوفر لديها خيار تلفيق مبرر للغزو، بما في ذلك من خلال أنشطة تخريبية وعمليات معلوماتية، باتهام أوكرانيا بإعداد هجوم وشيك ضد القوات الروسية في شرق أوكرانيا”.

وأضاف المسؤول أن العناصر الروسية “يجري تدريبها على حرب المدن واستخدام المتفجرات لتنفيذ أعمال تخريب ضد القوات التي تعمل بالوكالة لصالح أوكرانيا”.

شيرمان يرفض مطالب روسيا الخاصة بالحصول على ضمانات رسمية بعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو

ووصف جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، التقييم بأنه “قابل للتصديق للغاية”.

وقال إيبسكوبوس إنه رغم نفي موسكو لأي نية هجومية تجاه أوكرانيا، فإنها تقول إنها تعتزم الرد بقوة إذا ما رفض الغرب مطالبها الأمنية.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حديث هاتفي مؤخرا مع الرئيس جو بايدن من أن أي فرض للمزيد من العقوبات الأميركية على روسيا يمكن أن يؤدي إلى قطيعة كاملة في العلاقات الثنائية.

وقال ريباكوف إن الكرملين يستعرض مجموعة من الخيارات العسكرية في حال فشل المباحثات. وأضاف لشبكة تلفزيون “أر.تي.في.آي” أنه لا يستبعد نشر تجهيزات عسكرية روسية في كوبا أو فنزويلا.

وكان المسؤولون والمعلقون الروس قد ألمحوا في وقت سابق إلى أن الكرملين قد يبحث أيضا إمكانية نشر أنظمة أسلحة تكتيكية واستراتيجية في بيلاروسيا وصربيا.

وكان كبار المسؤولين الروس قد أكدوا طوال المفاوضات أن الكرملين لن يسكت على الوضع الراهن في ما يتعلق بتواجد الناتو في شرق أوروبا.

وقال أليكسندر لوكاشيفيتش، ممثل روسيا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الخميس الماضي إن “روسيا دولة محبة للسلام . لكن لا نحتاج السلام بأي ثمن… وإذا لم نسمع ردا بناء على مقترحاتنا خلال إطار زمني معقول واستمر السلوك العدائي تجاه روسيا، فإننا سوف نتخذ الإجراءات الضرورية لضمان التوازن الاستراتيجي والقضاء على التهديدات غير المقبولة بالنسبة لأمننا القومي”.

وأعلن وزير الخارجية البولندي زبيجنيو راو في أعقاب المباحثات أن “خطر الحرب في منطقة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أكبر الآن من أي وقت مضى خلال الثلاثين عاما الماضية”.

واستبعد البيت الأبيض وضع جنود أميركيين على الأرض في حالة أي سيناريو لغزو أوكرانيا، ولكنه يقول إنه على استعداد للرد على أي “عدوان” روسي محتمل بمجموعة كبيرة من العقوبات، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكييف، وإجراء تغييرات بالنسبة لوضع قوات الناتو في منطقته الشرقية.

العرب