قمة بايدن-بوتين.. عودة إلى “حروب نابليون” أم فرصة لتحقيق الهدوء؟

قمة بايدن-بوتين.. عودة إلى “حروب نابليون” أم فرصة لتحقيق الهدوء؟

وصف ما يجري هذه الأيام بين روسيا وأوكرانيا بأنه غير منطقي ويشبه المسلسل التلفزيوني الذي لعب فيه فلاديمير زيلنسكي دور رئيس بلاده قبل أن يصبح رئيس بلاده، لا يعني أنه أمر لن يحدث. فالمسار البطيء، الذي فيه ما يهدئ الروع، لا يمنع صليل السيوف والاستفزاز الذي “يلزم” بالرد، وسوء الفهم الذي يؤدي إلى العنف.

ولكن مخافة المظلة السوداء لصاحبها نويل تشمبرلين، الذي عاد بها رئيس وزراء بريطانيا الذي آمن بأن المجنون النازي سيكتفي بإقليم السوديت، تمنع أصحاب القرار العقلانيين من اتخاذ قرارات عقلانية خوفاً من أن يلعب الطرف الآخر في ملعب آخر. الصعوبة الكبرى هي فهم ما يريده الآخر. فأحياناً يكون هذا الخلاف المنطقي على إقليم ما أو على مقدرات طبيعية. وبشكل عام، هذه ذكريات الماضي (مثل ذكريات حافظ الأسد الذي ذكر أنه كان ينزل قدميه في مياه بحيرة طبريا في طفولته) أو خلافات دينية حيث يكون أحد الطرفين أو كلاهما يعلن بأنها أرض مقدسة لا يمكن المساومة عليها بشكل علماني، والحسم ينقل إلى الرب.

والآن نحاول فهم ما الذي يريده فلاديمير بوتين، خصوصاً مع غياب أي استفزاز أوكراني، والتي ضمت روسيا إلى نفسها جزءاً من أرض أوكرانيا (بعد “استفتاء شعبي”، بالطبع). أهو خوف من انضمام أوكرانيا إلى الناتو، رغم أن أوكرانيا لا تسعى للانضمام، والناتو لا يسارع إلى قبولها؟ أهي طريقة لصرف الانتباه عن إخفاقات بوتين في السياسة الداخلية؟ أهو جنون اضطهاد لا يمكن تهدئته بتفسيرات منطقية؟ ولم العجلة؟ ما المواعيد النهائية هذه ليوم الأربعاء الماضي، لنهاية الأسبوع المقبل؟ ما الذي يجب حصوله في هذه المواعيد بالضبط؟

في الأوضاع التي علق فيها العالم الآن، حاولت الأسرة الدولية أن تعالجها بعد الحرب العالمية الثانية. هذا هو الاختبار الحقيقي للمنظمات الدولية. الصدام بين القوى العظمى على خلفية مطالب بوتين ستكلف ثمناً باهظاً وتدفع العالم إلى الوراء. أما قبول مطالبه فربما يؤدي إلى أثر دومينو، وهو يخيف دولاً مثل تايوان التي تخشى من خطوة قوة تقوم بها الصين. هذا سيكون استسلام العالم الديمقراطي للدول ذات الحكم المطلق ومحظور حدوث هذا.

ولكن الخوف من العودة إلى الديار مع مظلة سوداء، لا يجب أن يبرر سياسة سائبة في قمة بايدن – بوتين ويجب التوصل إلى حل. في 1815 عرف كونغرس فيينا كيف يجنب أوروبا حروب نابليون، حتى لو حملت حلوله طابعاً محافظاً. صيغة بروح تأجيل كل قرار بالنسبة لضم أوكرانيا إلى الناتو إلى جانب قرارات أخرى في مواضيع نزع أسلحة الدمار الشامل، كفيلة بتحويل الأزمة الحالية، عقب قمة الزعيمين، إلى فرصة تعد بالهدوء.

القدس العربي