باريس – يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا لدى البعض صور الحربين السورية أو الشيشانية، ويثير مخاوف من حرب كاسحة، مع مشاهد القصف المكثف والمدمّر والاتهامات بارتكاب “جرائم حرب” واستخدام أسلحة محظورة.
ويقول محللون إن مدينتي غروزني الشيشانية وحلب السورية هاتان المدينتان الرمزيتان اللتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد، تعودان إلى الذاكرة، رغم اختلاف السياق.
وقال تشارلز ليستر خبير الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط، في تغريدة مرفقة بصور خاركيف التي تعرضت للقصف “كما لو أنها حلب من جديد”.
وتشهد العديد من المدن قصفا مكثفا، ويندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مثل العديد من المنظمات غير الحكومية والزعماء الغربيين، بارتكاب “جرائم حرب”، متهما موسكو بالسعي لـ“محو” أوكرانيا.
تشارلز ليستر: خاركيف التي تعرضت للقصف كما لو أنها حلب من جديد
وقال غاري كاسباروف بطل الشطرنج السابق والمنتقد لنفوذ السلطات في روسيا إن “جرائم الحرب على نطاق واسع ليست جديدة على بوتين. لم يكترث أبدا بشأن الضحايا المدنيين عندما قصف مواطنين روسا في الشيشان قبل أكثر من 20 عاما أو (بعد سنوات) مستشفيات في سوريا”.
وقالت ألكسندرا بريز المتحدثة باسم السفارة الأوكرانية في فرنسا “بدأ الأمر في خاركيف. إنهم يواصلون السيناريو الشيشاني… بما أنهم دمروا غروزني، نخشى جميعا أن بوتين ليست لديه حدود”.
وبدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير، على نحو غير معهود بالنسبة إلى النهج الاستراتيجي الروسي، بحسب إيلي تينينباوم الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، معتبرا أن موسكو “حددت ضرباتها” وتجنبت الأضرار الجانبية.
وأوضح “في الأيام الأولى استخدم الروس قدراتهم الحديثة، من ضربات بعيدة المدى بصواريخ كروز وصواريخ إسكندر الباليستية” وهي أسلحة تمت تجربتها قبل سنوات في “المختبر السوري”.
وتابع الباحث “لكنهم واجهوا مقاومة أوكرانية، بالإضافة إلى أن هذه المعدات باهظة الثمن ولا يملكون منها كمية غير محدودة”، مشيرا إلى أن الجيش الروسي يعود إلى “أساسياته”، أي دعم من المدفعية الثقيلة ومن الطيران المكثف.
ورأى أن “قوتهم النارية تتمثل في القنابل غير الموجهة. وهي تهدد بسحق القوات الأوكرانية وستتسبب في سقوط عدد هائل من الضحايا المدنيين وتزيد أعداد الفارين. ستتحول الأمور إلى حرب في صورتها الأكثر وحشية وعنفا”.
وأوضح تينينباوم “هل سيلجأون إلى أقصى الحدود التي استخدموها في حلب أو غروزني؟ لا أعتقد بوجود أي تردد خاص لدى هيئة الأركان العامة الروسية في إيقاع ضحايا من المدنيين، لكن ما يثير الجدل هو إثارة موضوع الجنود المقربين من السكان الأوكرانيين والذين سيشككون في شرعية” الغزو.
ويرى دبلوماسي أوروبي أن “أوكرانيا بالنسبة إلى الروس ليست مثل سوريا، فبسط القنابل هو أمر أكثر تعقيدا بالنسبة إليهم، إنهم أشخاص أقرباء وبعضهم لديه عائلة. ولهذا السبب وصفهم بوتين بالنازيين، لأن الروس لا يرون الأوكرانيين على أنهم أعداء”.
وأكد الباحث أنه يتعين إبراز أوجه التشابه بدقة مع الشيشان – غروزني التي دُمرت خلال الحرب الثانية (1999 – 2009)، وسوريا، حيث تدخلت القوات الجوية الروسية بشكل مكثف منذ عام 2015 من أجل مساعدة حليفها بشار الأسد في مواجهة الفصائل المقاتلة.
وأوضح “في الشيشان، كانت روسيا في أراضيها ولم يكن جيشها كما هو اليوم، 50 في المئة مهني. في سوريا، كانت الوحدة البرية الروسية محدودة للغاية، وفي الميدان كانت القوات السورية أو حزب الله أو الميليشيات التي شكلت وقودا للنار”.
والوضع ليس على هذه الحال في أوكرانيا حيث يشارك عشرات الآلاف من الجنود الروس وحيث يتمتع الخصم الأوكراني بوسائل ودعم دولي هائل.
وقتل أكثر من 350 مدنيا منذ بداية الحرب، وفقا للحصيلة الأوكرانية، وفر أكثر من 800 ألف شخص من البلاد، بحسب الأمم المتحدة.
العرب