مؤتمر دولي عن المياه في العراق المهدد بالجفاف

مؤتمر دولي عن المياه في العراق المهدد بالجفاف

بغداد – يسود القلق العديد من الدول في العالم وخصوصا العراق جراء تحديات موارد المياه الناجمة عن تداعيات ظاهرة التغير المناخي العالمي، حيث أصبحت البلاد مقبلة على جفاف محتمل، تتزايد خطورته مع تشييد أنقرة سدودا لحسر تدفق مياه نهري دجلة والفرات نحو العراق وتحويل طهران مسار الأنهار وتعمدها الإضرار بحصته المائية، وهو ما سيتطرق إليه المؤتمر الدولي الثاني للمياه الذي تحتضنه بغداد.

وانطلقت السبت فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للمياه في بغداد برعاية رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تحت شعار “المياه والتغيرات المناخية”، بمشاركة دول عربية وأجنبية.

ويهدف المؤتمر إلى تحقيق التنمية المستدامة للمياه والتنسيق مع دول الجوار المتشاطئة على نهري دجلة والفرات لتقليل الضرر نتيجة شح المياه، إضافة إلى مناقشة التغيرات المناخية وأثرها على الموارد المائية والاستجابة العالمية لهذا الموضوع.

وسيناقش المؤتمر أيضا موضوع تبادل الخبرات، والتغلب على شح المياه، واستدامة المياه السطحية والجوفية، والحفاظ على تنوع الأحياء، وتطور السياسة المائية بما ينسجم مع التطورات المناخية في العالم.

وأكد رئيس الوزراء العراقي في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير التخطيط خالد البتال خلال المؤتمر السبت، أن الأمن المائي وتغيرات المناخ يجب أن يوضعا ضمن استراتيجيات الدول.

أشار الكاظمي إلى أن “العراق أكثر البلدان تعرضا لتأثير التغير المناخي”، مبينا أن “تحسين إدارة الموارد المائية وتقاسمها بشكل منصف يحقق أهداف التنمية المستدامة”.

وأضاف أنه “يجب التأكيد على التنسيق بين الدول المتشاطئة لإدارة الأزمات وتقاسم الضرر”، مشيرا إلى أن “مجلس الوزراء ألّف لجنة للإشراف على إعداد وصياغة الورقة الخضراء المتعلقة بالبيئة”.

ونهاية العام الماضي دقّ العراق ناقوس الخطر عندما أعلن مستشار وزارة الموارد المائية العراقية عون ذياب عبدالله أن إيران قطعت المياه بشكل كامل عن بلاده، مما أثر بشكل مباشر على المناطق الحيوية المهمة في مناطق بمحافظة ديالى (شرقي البلاد)، إضافة إلى شط العرب.

وسبقها إعلان لوزارة الزراعة والموارد المائية في إقليم كردستان العراق أن إيران قطعت إمدادات المياه عن الإقليم بنسبة 100 في المئة.

واعتبرت تصرفات طهران مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية، فضلا عن استغلالها المياه في أعالي الحوض وعدم مراعاة مصلحة مناطق المصب، حيث بدأ المخزون المائي يتناقص في سد حمرين المقام على نهر ديالى، الذي شارفت مياهه على الجفاف بسبب قلة هطول الأمطار وقطع إيران مجموعة من الأنهار المغذية لنهر ديالى.

وجراء انخفاض مناسيب المياه الواردة للعراق من كل من تركيا وإيران، فضلا عن انحسار سقوط الأمطار منذ 3 أعوام، كانت وزارة الزراعة العراقية قد أعلنت تخفيض خطتها الزراعية للعام الحالي بنسبة 50 في المئة.

وقبل أشهر حذر البنك الدولي من أن العراق قد يشهد انخفاضا بنسبة 20 في المئة في موارده المائية بحلول العام 2050 مع استمرار ظاهرة تغير المناخ، مشيرا إلى الانعكاسات السلبية خاصة على النمو والتوظيف. وأضاف أن “ندرة المياه” بدأت تتسبب في “تهجير قسري محدود النطاق” خاصة جنوبي العراق.

وأوضح أن “الوضع الحالي للبنية التحتية أدى إلى تملح يؤثر على 60 في المئة من الأراضي المزروعة، وانخفاض بنسبة تتراوح بين 30 في المئة و60 في المئة في مستوى المحاصيل”.

وفي سبتمبر الماضي، دعا وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني إلى ضرورة العودة إلى اتفاقية الجزائر الموقعة منذ عام 1975 والمتعلقة بتقاسم مياه نهر شط العرب، لحل مشكلة شح تدفق المياه من إيران، ورأى أن ممارسات إيران بتحويل مجرى المياه مخالفة صريحة للمواثيق الدولية.

وقال الحمداني إن بلاده فعّلت مذكرة تفاهم مع تركيا أبرمت عام 2009 وعدلت عام 2014، وتتيح للعراق الحصول على حصة كاملة، لافتا إلى أن هناك لجنة مشتركة مع تركيا مقرها العراق للتنسيق بشأن مسألة المياه.

وسبق أن أعلن الرئيس العراقي برهم صالح عن تضرّر سبعة ملايين عراقي -من نحو أربعين مليونا- من “الجفاف والنزوح الاضطراري” بسبب نقص المياه.

وقال في كلمة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة “ملف المياه يستوجب حوارا صريحا وبناء بين العراق وتركيا وإيران وسوريا يستند على مبدأ عدم الإضرار بأي طرف، وتحمل المسؤولية المشتركة”.

وتراجعت الإطلاقات المائية القادمة من إيران نحو العراق إلى ما دون نسبها في فترات الجفاف، بعد أن قامت إيران بتحويل مسار الكثير من الأنهار منها الزاب الأسفل.

وحفرت إيران ثلاثة أنفاق لتحويل مجرى نهر سيروان إلى بحيرة داخلية، أحدها يقع على بعد عشرين كيلومترا فقط من الحدود العراقية.

وأصبح واضحا أن قطع إيران لمياه الأنهار عن العراق يتم وفق خطة حكومية بدأت منذ عام 2003، حيث أقدمت السلطات الإيرانية على قطع المياه عن أكثر من 42 رافدا وجدولا موسميا كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند والزاب الصغير وسيروان، وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية.

العرب