بغداد – تفاقمت معاناة العامل لطيف كاظم (59 عاما) بسبب ارتفاع الأسعار الجنونية للمواد الغذائية من جانب وغياب أغلب مفردات البطاقة التموينية من جانب آخر. وأوضح كاظم للجزيرة نت أن السلع الغذائية المشمولة ضمن البطاقة التموينية المدعومة من الحكومة، وبالرغم من قلتها تشكل مصدرا رئيسا لغذاء عائلته المكونة من 7 أفراد.
وأشار إلى أن وكلاء التموين يستقطعون مبلغ 1500 دينار (1 دولار)، لكل فرد في العائلة عن 4 مواد غذائية هي الطحين والرز والزيت والسكر التي تشهد تفاوتا في توفرها خلال أشهر السنة.
وقال المستشار الاقتصادي الأسبق لرئاسة البرلمان العراقي الدكتور علاء الدين القصير للجزيرة نت إن النظام الحاكم قبل عام 2003 كان يمتلك السيطرة والبرامج المدروسة لتوفير مواد البطاقة التموينية بشكل انسيابي لجميع المواطنين في وقت يعاني العراق من حصار دولي.
وأضاف أن ما جرى بعد 2003 لمفردات تلك البطاقة هو عشوائية اختيار المسؤول عن تنفيذ البرنامج الغذائي الذي كان سببا بضياع المعايير والبرامج الاقتصادية السابقة ما أدى لظهور أسماء وهمية بالملايين تتسلم المواد الغذائية.
ومن ناحية أخرى يرى القصير أن المآرب السياسية التي ولدت الفساد المالي والإداري أيضا كانت وراء عدم توزيع المواد الغذائية رغم توفر تخصصيها المالي ضمن الموازنة العامة.
الاستجواب البرلماني
وهناك سببان يحددهما عضو البرلمان العراقي عارف الحمامي في عدم فتح ملفات وزارة التجارة العراقية بما يخص مفردات البطاقة التموينية الغذائية وعدم توفرها شهريا للمواطن.
وأوضح للجزيرة نت أن السبب الأول يعود لارتباط استجواب المسؤولين عن البطاقة التموينية بالإرادة السياسية وجدية الكتل في مجلس النواب لتدارك الأزمة الغذائية الحاصلة.
فيما كان السبب الثاني وفق الحمامي هو عدم تصويت البرلمان على لجانه الذي يقف حائلا دون استجواب الوزير ومتابعة الملفات التي تتعلق بالأمن الغذائي للعراق.
البديل النقدي
ويرى المستشار الاقتصادي لغرفة تجارة بغداد الدكتور علي هادي جودة في استبدال الدعم السلعي للبطاقة التموينية إلى الدفع النقدي للخروج من الأزمة.
وقال للجزيرة نت إنه في حال تم الاستبدال فعلى الجهات الحكومية مراجعة المبلغ المخصص كبديل عن برنامج الدعم السلعي في البطاقة التموينية شهريا وربط مقداره بحجم التضخم الشهري وأسعار السلع الأساسية والقوة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة.
وعلى إثر ذلك يتم تقييم حجم الدعم النقدي وفق هذه المؤشرات لحماية سلة الغذاء الأساسية للأسر محدودة الدخل وفق جودة.
الحلبوسي يؤيد تحويل ملف البطاقة التموينية إلى القطاع الخاص العراقي (الجزيرة نت)
القطاع الخاص
ويقترح الباحث الاقتصادي عمر الحلبوسي حلا آخر للمشكلة يساعد الحكومة بشأن البطاقة التموينية من خلال تحويلها إلى القطاع الخاص العراقي.
وأوضح للجزيرة نت أن القطاع الخاص أكثر مرونة في الاستجابة للطلب والقدرة على توفير المتطلبات شرط مراقبته لتوفيرها بالوقت المناسب وبالنوعية الجيدة والأسعار المناسبة.
كما يرى الحلبوسي ضرورة عدم احتكار الأمر بيد بمجموعة من الشركات التابعة لجهات سياسية حتى لا تستغل حاجة المواطن في قضايا سياسية لتجعله في دوامة ارتفاع الأسعار بشكل تصاعدي كلما حدث طارئ.
التخزين الغذائي
وكانت وزارة التجارة العراقية قد أكدت بداية مارس/آذار الجاري -وفق وكالة الأنباء الرسمية (واع)- عدم وجود أي شح في المواد الغذائية داخل مخازنها، مبدية استعدادها لتوزيع حصتين ضمن البطاقة التموينية قبل رمضان المبارك.
فيما عد منار العبيدي رئيس مؤسسة “عراق المستقبل للدراسات الاقتصادية” تصريحات الوزارة غير صحيحة.
وقال للجزيرة نت إن الخزين الغذائي لمادة الطحين -إحدى أهم مفردات البطاقة التموينية- يكفي لشهر واحد فقط، إضافة إلى أن أزمة زيت الطعام متأتية من سبب خارجي هو الحرب الروسية على أوكرانيا وآخر بسبب عدم توفر التخزين في العراق.
ارتفاع الفقر
ووفقا لدائرة الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية فإن عدد الفقراء في العراق يربو على 10 ملايين نسمة، من أصل أكثر من 40 مليون عراقي، حيث إن أكثر من 5 ملايين شخص مشمولون برواتب الرعاية الاجتماعية.
وحذر العبيدي من ارتفاع عدد الفقراء نتيجة عدة أسباب، منها مرتبط بارتفاع أسعار السلع الإستراتيجية عالميا، وداخليا لارتفاع أسعار المواد الغذائية داخل السوق المحلية إضافة لقلة فرص العمل التي تقابلها نمو سكاني.
المصدر : الجزيرة