واشنطن – تحظى الأنشطة الإلكترونية باهتمام كبير للغاية في كوريا الشمالية التي تعتبرها “سيفا لجميع الأغراض”، ويستغل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون القراصنة التابعين للدولة لأغراض التجسس السياسي والمالي على السواء.
ويعكس التحول نحو أنشطة الفضاء الإلكتروني الإجرامية الوضع الدولي المتغير والديناميكيات الجغرافية السياسية التي تواجه نظام عائلة كيم. وفي حقيقة الأمر تعتبر الجرائم الإلكترونية نشاطا مخاطره ضئيلة ومردوده مرتفع للنظام.
ويقول بنيامين آر. يونغ الأستاذ المساعد للأمن الداخلي والاستعداد للطوارئ بكلية الإدارة والشؤون العامة بجامعة فيرجينيا كومنولث في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأميركية إنه في وسط حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، حذر عدد لا حصر له من محللي الأمن القومي وخبراء الأمن الإلكتروني من أخطار الهجمات الإلكترونية الروسية المتزايدة على البنية التحتية الأميركية.
ويُعرف القليل عن العلاقات بين عناصر النشاط الإلكتروني للمتحدثين باللغة الروسية وحكومة كوريا الشمالية، ففي الثاني والعشرين مارس الماضي أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان هذه العلاقة للجميع عندما قال “أصبحت أنشطة كوريا الشمالية الإلكترونية واضحة في العالم، حيث تتعاون مع كافة أنواع المجرمين الإلكترونيين في أنحاء العالم، بما في ذلك المجرمين الإلكترونيين الروس”.
يتعين على الاستخبارات مواصلة المراقبة للصلات بين الإجرام الإلكتروني والقراصنة ذوي الصلة بكوريا الشمالية
ويؤكد تصريح سوليفان أن شبكة المجرمين الإلكترونيين الروس الغامضة عثرت على حلفاء لها في حكومة كوريا الشمالية، التي تستغل الأنشطة الإلكترونية للالتفاف على العقوبات الدولية الثقيلة، وتعزيز خزائن كيم جونغ أون.
ويضيف يونغ أن علاقات موسكو مع بيونغ يانغ في مجال الفضاء الإلكتروني ترجع إلى عام 2017، عندما تردد أن شركة اتصالات روسية بدأت في تزويد كوريا الشمالية بقدرات التمتع بخط اتصال ثان للإنترنت.
وقبل ذلك، كان بوسع كوريا الشمالية دخول الشبكة العالمية فقط عن طريق خوادم صينية. وفي عام 2020، اكتشفت شركة إنتيل 471 للأمن الإلكتروني أن لازاروس، وهي وحدة قرصنة كورية شمالية مميزة، تشارك في عملية برنامج روسي خبيث.
وأشارت شركة إنتيل في تقريرها أنه “من المرجح أن عناصر الخطر الكورية الشمالية نشطة في العالم السري للمجرمين الإلكترونيين وتربطهم علاقات وثيقة بمجرمين إلكترونيين روس”.
كما أوضح التقرير أنه تم عرض البرنامج الخبيث الذي أنتجته كوريا الشمالية للبيع في الأسواق السرية الروسية، وتردد أنه تم اكتشاف تعاون وحدة فضاء إلكتروني كورية شمالية في الشرق الأقصى الروسي.
ويضيف يونغ أنه نظرا لمهارتهم الفنية وقدرتهم على القيام بهجمات إلكترونية على المؤسسات الغربية، يرى الكوريون الشماليون العاملون في مجال الفضاء الإلكتروني أن المجرمين الإلكترونيين الروس شركاء مفيدون، فالكرملين يتسم بالسلبية تجاه عالم الإجرام الإلكتروني في البلاد وأحيانا يتعاون بالفعل مع المجرمين الإلكترونيين الروس.
وبالنسبة إلى القراصنة الكوريين الشماليين يوفر لهم التعاون مع المجرمين الإلكترونيين الروس فرصة لم يسبق لها مثيل للوصول إلى المؤسسات المالية الغربية، وفرصا دائمة لارتكاب جريمة مالية منخفضة المستوى.
وأيضا بالنسبة إلى عالم الجريمة الإلكترونية الروسي، يوفر التعاون مع القراصنة الكوريين الشماليين فرصة الحصول على مبالغ كبيرة من المال، فالقراصنة الكوريون الشماليون معروفون جيدا بقدرتهم على اختراق مؤسسات مالية نشطة وتدر إيرادات طائلة.
ويقول يونغ إن صلات كوريا الشمالية الراسخة منذ وقت طويل بالمنظمات الإجرامية الدولية تحولت الآن إلى الفضاء الإلكتروني. وقد تبدو العلاقات بين المجرمين الإلكترونيين الروس بنظام حكم عائلة كيم جديدة، ولكنها في حقيقة الأمر جزء من استراتيجية كورية شمالية طويلة المدى لمواءمة الجريمة المنظمة مع أولويات بيونغ يانغ. ففي نظام كوريا الشمالية، يأتي دعم كرامة القائد الأعلى وصونه في مقدمة كل الاهتمامات الأخرى.
وهناك مخاوف من احتمال أن تؤدي أنشطة كوريا الشمالية الإلكترونية إلى تحفيز دول مارقة أخرى على أن تحذو حذوها.
وتشير يانا بلاشمان الباحثة في مجال الأمن الإلكتروني إلى أن نموذج كوريا الشمالية في مجال الجريمة الإلكترونية يمكن أن يسفر عن مخطط للدول الأخرى لتطوير برامج مماثلة. وبدون إجراء دولي، يمكن أن يؤدي هذا إلى تصعيد حرب عصابات إلكترونية، مما يعرض كل الدول لخطر كبير.
ويضيف يونغ أنه نظرا للعقوبات الدولية الشديدة وإغلاق الحدود بسبب فايروس كورونا، أصبحت كوريا الشمالية الآن أكثر عزلة من أي وقت مضى. ورغم أن الكثير من هذا يرجع إلى قرارات كيم جونغ أون نفسه، فإنه يعني أن العمليات الإلكترونية الكورية الشمالية يعتبرها نظام الحكم بصورة متزايدة أحد المصادر القليلة للحصول على إيرادات خارجية لصالح نخبة حزب العمال الحاكم.
ويرى يونغ في ختام تقريره أنه يتعين على أجهزة الاستخبارات مواصلة المراقبة الوثيقة للصلات الناشئة بين عالم الإجرام الإلكتروني والقراصنة ذوي الصلة بكوريا الشمالية.
وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن نشهد انتشارا للتجسس الإلكتروني الكوري الشمالي الذي يتواءم مع الاستفزازات النووية للنظام.
العرب