ألمح رئيس الوزراء العراقي السابق، عادل عبد المهدي، أمس الإثنين، إلى إمكانية حدوث انفراج في الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق، تزامناً مع بوادر على تهدئة دولية تنعكس على العراق، وفيما يصرّ «الإطار التنسيقي» على تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، حفاظاً على حقوق «الشيعة»، رأى رئيس تيار «الحكمة» الوطني، عمار الحكيم، أن لا استقرار من دون «توازن».
ورجح قيادي في «الإطار التنسيقي» تفكك «التحالف الثلاثي» الذي يضم بالإضافة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، وتحالف «السيادة» السنّي، بزعامة خميس الخنجر، ومحمد الحلبوسي، مؤكداً أن «الإطار» يدعم برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية.
عبد المهدي يلمّح لانفراج سياسي مرتقب… والحكيم: لا استقرار دون توازن
وقال عائد الهلالي إن «الإطار استطاع أن يقدم مبادرة لاقت القبول ولاقت الرفض»، موضحاً أن «الشركاء في التحالف الثلاثي لا يستطيعون في هذه المرحلة التخلي عن السيد مقتدى الصدر، لكن ربما في قادم الأيام سنشهد حالة تفكيك في التحالف في اتجاه الإطار ومبادرته الوطنية وإعلانه إنشاء حكومة قوية تحقق رغبة المواطن بإنهاء الانسداد السياسي»، حسب إعلام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأضاف: «التحالف الثلاثي لا يتعامل لحد الآن مع مبادرة الإطار التنسيقي بشكل إيجابي»، مشيراً إلى أن «الإطار التنسيقي يطالب بالاتفاق بعد رفض التحالف الثلاثي التوافق وإغلاقه لأبواب الاجتماعات».
ولفت الهلالي إلى أن «الإطار التنسيقي يدعم برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، كما تم الاتفاق على المرشح لمنصب رئيس الوزراء (لم يسمّه)، وعلى الجانب الثاني أن يتفهم ولا يغالي برفع مطالبه لتفادي تعطيل العملية السياسية».
وأكد أن «مجلس النواب لن يعقد أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل 6 نيسان/ أبريل الجاري»، مشيراً إلى أن «القضاء سيتدخل وربما بعد مدة أخرى نصل إلى تفاهمات أكثر إيجابية».
يتزامن ذلك مع تحديد زعيم تحالف «الفتح»، هادي العامري، خياراً واحداً لإدارة المرحلة المقبلة، فيما أشار إلى أن ذهاب «الإطار التنسيقي» إلى «الثلث الضامن» جاء للحفاظ على المسار الديمقراطي في العراق.
وقال مكتب العامري في بيان إن الأخير «استقبل السفير الإيطالي لدى العراق ماوريتسيو كريكانتي، في مكتبه ببغداد، حيث أكد له ضرورة الاتفاق الوطني في إدارة المرحلة القادمة».
الثلث الضامن
وأضاف: «ذهبنا إلى الثلث الضامن للحفاظ على المسار الديمقراطي في العراق وحفظ حقوق المكون الشيعي والمبادرة الوطنية التي طرحناها جاءت لإنهاء الانسداد السياسي».
إلى ذلك، بين السفير الإيطالي بالقول: «علاقتنا مع بغداد جيدة جداً وإيطاليا داعمة دائماً إلى العراق منذ 2003 وفي حربها ضد الإرهاب وسيستمر هذا الدعم مع الاحترام الكامل لسيادة العراق».
وأثنى العامري على «الدور الإيطالي الداعم للعراق وسيادته»، معرباً عن أمله في «تطوير العلاقات في مجالات النقل البحري والجوي لما تتمتع به إيطاليا من خبرات في هـذين المجــالين».
وفي الوقت عيّنه، أكد أن «الإطار التنسيقي» لم ولن يتخلى عن تشكيل الكتلة الأكبر، وقال مكتب العامري في بيان ثانٍ إن الأخير «استقبل السفير الألماني لدى العراق مارتينيز ييغار، حيث أكد له أن الإطار الشيعي لم ولن يتنازل عن تشكيل الكتلة الأكبر لضمان حق المكون الشيعي». وأشار العامري إلى أنه «يجب أن يتحقق الاستقرار السياسي لأن ذلك ينتج حكومة قوية ومستقرة تكون قادرة على حفظ الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات للمواطنين».
إلى ذلك، أكد ييغار أن «ألمانيا لن تتدخل في العراق كما كان نهجها في السابق وستتعامل مع أي حكومة يشكلها العراقيون، وسيادة العراق مهمة لنا».
وأثنى العامري على «دور الحكومة الألمانية في دعمها للعراق واحترام سيادته، كما شدد على ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية والاستفادة من الخبرات الألمانية، لا سيما في مجال الطاقة الكهربائية».
في الموازاة، أكد القيادي في «الإطار التنسيقي»، الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، ترحيبه بأي دور إيجابي ينهي «الانسداد السياسي» في العراق، لا سيما من الدول العربية.
وجاء ذلك خلال استقبال الخزعلي، في مكتبه في العاصمة بغداد، السفير المصري لدى العراق، وليد إسماعيل، والوفد المرافق له، وفق بيان. وأكد الخزعلي، حسب البيان، أن «الإطار التنسيقي ليس مع الانسداد السياسي وتعطيل مصالح البلد، وإنما هو منفتح على الحلول الإيجابية البعيدة عن الإقصاء»، مردفاً بالقول: «نرحب بأي دور إيجابي لا سيما من الدول العربية الشقيقة».
ويحدث ذلك في وقتٍ رأى زعيم تيار «الحكمة» الوطني، عمار الحكيم، أن لا استقرار من دون توازن، مجدداً في الوقت عينه عدم مشاركته في الحكومة المقبلة.
وقال في لقاء مُتلّفز إنه «تشكل قبل سنة من الانتخابات، وأولهم كان التيار الصدري لضم كل القوى الشيعية.. لكن قبل الانتخابات جمد التيار حضوره وبعد النتائج لم يعودا ولم ينسحبوا، الإطار هو قوى اجتمعت للتنسيق، أما بعض التحالفات تشكلت عند ضغط اللحظة نتيجة ظروف».
وأوضح أن «ما سمعه المواطن الآن هو ترشيحات لمناصب لكن قيمة التشريحات حينما تكون ضمن رؤية واحدة تضمن تماسك التحالف»، مشيراً إلى أن «التحالف الثلاثي يعيش (شهر عسل) وهو حالة الاهتمام بتشكيل الحكومة لكنهم لم يخوضوا تحديات مشتركة ليظهر تماسكه مثل القضايا الحساسة والمنطقية، فإذا نجحوا بتشكيل الحكومة كيف سيواجهون القضايا البنوية والمحورية. ما وحدهم الآن هو كيف يصلون إلى الحكومة لكن ستظهر المشاكل في بداية تشكيل الحكومة».
وأضاف أن «مجلس الوزراء القادم أول مهمة له هو قانون الموازنة فكيف سيتعاطون مع الاستحقاقات وهناك بينهم آراء مختلفة، ومنهم من سيتنازل للآخر»، معتبراً أن «التحالف الثلاثي من وجهة نظر ورؤى مختلفة، يفترض أن يكون تحالفاً وفق تفاهمات ورؤى محددة».
ولفت الحكيم إلى أن «النخب السياسية والشعب العراقي حتى الآن لا يعرف خطة وبرامج التحالف الثلاثي لإدارة الدولة، أي تحالف يريد أن يشكل حكومة يجب أن يكون متصالحاً ومتفهماً مع نفسه حتى لا يتكسر في القضايا الحساسة والمصيرية لمواجهة التحديات».
وأكد أن «لا استقرار دون توازن ونحتاج إلى معادلة متوازنة.. لدينا واقع مجتمعي من مكونات لها أحجامها وتشكيل حكومة ما وتحول مكون كبير من أغلبية إلى أقلية فهذا يُحدث خللاً في التوازن».
وقال إن «حكومة الأغلبية الوطنية ضرورة في رأينا الشخصي، لكن أضيف لها صفة أخرى، حكومة أغلبية وطنية متوازنة، فحكومة أغلبية وطنية بلا توازن سيعني لا استقرار».
وبين أن «تحالفنا السابق في حكومة 2018 كان وفق هندسة متوازنة وحقوق المكونات فيها محفوظة وأي تحالف يشكل الحكومة فيجب أن يكون هناك توازن».
وشدد على عدم مشاركتهم في الحكومة، قائلاً: «أياً كان من سيشكل الحكومة سواء الإطار وحده، أو الكتلة الصدرية وحدها، أو كلاهما معاً في كل الأحوال ليس لنا نية المشاركة في الحكومة».
وأضاف أن «حقائق الزمان والمكان والواقعيات وتوقعات شعبنا تدفع الجميع إلى أن يبدي مرونة في منتصف الطريق، وثم تلتئم الأمور، وأعتقد هذا ما سيحصل، وهذه الأزمة ليست استثناء عن الأزمات السابقة، ونسبة كبيرة منها قابل للحل بإذن الله، وقد تحتاج إلى شيء من الوقت وتهدئة للنفوس، وفي ظل أجواء شهر رمضان وهو شهر عبادة وتفكير ومراجعة، وبالنتيجة ليس لنا إلا بعضنا».
وتابع أن «العراق جزء من منظومة إقليمية ودولية، يؤثر ويتأثر بها، وهناك تحولات إقليمية ودولية لها انعكاساتها الإيجابية على المنطقة وأمنها بشكل عام، والعراق ليس استثناء، فإذا أبرم الاتفاق النووي الإيراني، ونجح الحوار الإيراني السعودي، والخليجي السوري، هذه كلها خطوات ستعزز السلام الإقليمي، وأنا لا أتحدث عن تدخلات خارجية، بل عن واقع عراقي يؤثر ويتأثر ويتفاعل مع بيئته الإقليمية كما هو حال البلدان الأخرى».
وقدّم زعيم تيار الحكمة رؤيته حول «المدة» التي حددها الصدر لقوى «الإطار» من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، قائلاً إنهم في تيار الحكمة لا يريدون المشاركة في الحكومة. وقال: «بقاؤنا في الإطار لحماية التوازن والكتلة الأكبر وبذلك يمكن لنا تحقيق استقرار البلاد». واستطرد الحكيم: «قناعتي أن حكومة يغيب عنها الإطار أو التيار الصدري لا يمكن لها تحقيق الاستقرار. وأشار إلى أن «للصدر وجهة نظره وإصراره على الأغلبية يُحترم، لكن ظروف الساحة تقتضي المشاركة الواسعة في الحكومة الجديدة. وأكد الحكيم: «سأنصح الإطار بقواه كافة بضرورة بقاء جسور الرغبة لدعوة الصدر لمشاركة الصدريين في الحكومة القادمة»، مبيناً أن «هناك فرصة خلال رمضان لإيضاح برنامج الحكومة المقبلة بشكل واضح وباتفاق جميع الأطراف، من أجل حلحلة الأزمة».
تطورات متسارعة
وطرح رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، سيناريوهات عدة وصفها بـ»التصورات لفك الانسداد السياسي». وقال عبد المهدي في تدوينته له أمس، إن «أمام موقف (التحالف) وردة فعل (الإطار)، ما زال الطريق مغلقاً، فما هي الخيارات؟ وهل هناك تصورات لحلحلة الأوضاع؟».
وأضاف: «يمكن ترك الأمور تأخذ مجاريها، فالتطورات الخارجية المتسارعة خلال الأيام والأسابيع القادمة قد تفرض خيارات جديدة، تفتح آفاقاً لتفاهمات أفضل، لكن الرهان على ذلك لا يكفي، ولا بد من تصورات للتجسير بين مطلب الأغلبية الوطنية لـ»التحالف الثلاثي» و»الكتلة الأكبر» لـ»الإطار»، لفك الأزمة».
وأضاف: «لكن الرهان على ذلك لا يكفي، ولا بد من تصورات للتجسير بين مطلب الأغلبية الوطنية لـ»التحالف الثلاثي» و»الكتلة الأكبر» لـ»الإطار»، لفكفكة الأزمة».
وأشار عبد المهدي إلى «دعوة جميع نواب الأغلبية السكانية لاجتماع خارج اجتماعات البرلمان (مثال 2006 وانتخاب الجعفري مقابل عبد المهدي)، يضمن حضور 150-160 نائباً وأكثر، موالين ومعارضين ومستقلين (…) تُطرح الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء، فإن تقدم أكثر من اثنين، فتنظم جولة أولى لانتخاب فائزين اثنين، تعقبها أخرى لاختيار مرشح الكتلة الأكبر، فيحقق (الإطار) مطلبه، وسيضمن (التيار) مطلبه أيضاً (…) عند الحاجة، اتباع المكونات الأخرى نفس الآلية أو شبيهاً لها حسب أوضاعها وتوازناتها، مثال 2014 وانتخاب معصوم مقابل صالح».
واقترح أن «يعلن المعارضون من مختلف المكونات كتلة (الأقلية الوطنية)، مقابل ضمان توفير بعض المستلزمات والشروط (من بينها) الاتفاق على نظام داخلي. انتخاب رئاسة تمثلها. لا يشترط انضمام جميع المعارضين إلى الكتلة، لكن قد لا يتمتع من لا ينضم لكامل حقوقها»، مشيراً إلى أن «يكون للمعارضة -مثلاً- نائب رئيس لجميع لجان مجلس النواب وثلث أعضاء اللجنة، على الأقل. يحق للنائب أن يكون في أكثر من لجنة. يحق لنائب رئيس اللجنة أن يلتقي بالوزير المختص على الأقل مرة شهرياً، وعند الضرورة. وأن تستلم لجنته تقارير واستبيانات من الوزارات والهيئات لنشاطاتها وعقودها وتعييناتها، إلخ لتوفير مستلزمات الرقابة والتشريع».
ولحسن أداء الرقابة والتشريع، اقترح عبد المهدي أن «يحق لرئاسة الكتلة اللقاء برؤساء السلطات التنفيذية والقضائية مرة واحدة على الأقل شهرياً، وعند الضرورة، وأن تجتمع رئاسة الكتلة بهيئة رئاسة مجلس النواب ورئاسة كتلة الأغلبية مرة واحدة على الأقل شهرياً، وعند الضرورة لتنسيق عمل السلطة التشريعية أصولياً، ويتمتع أعضاء الكتلة بكل الحمايات والتسهيلات من الدوائر الحكومية وممثلياتنا الخارجية لأداء عملهم».
وأضاف: «وفق نظامها، تجتمع الكتلة دورياً وتتخذ قراراتها كـ(حكومة رقيبة وبديلة). وتدير المساءلات والاستضافات والاستجوابات منفردة -أو مع الأغلبية- أصولياً، ولإنضاج رؤاها وقراراتها يمكنها الاستعانة بعدد متفق عليه، من الخبراء والمستشارين من داخل الدولة وخارجها، ويتحمل مجلس النواب نفقاتهم أصولياً، (إضافة إلى) إمكانية الانتقال بين كتلتي الأغلبية والأقلية، ولا بد من آليات (أصولية) لما قد يستتبعه تغير (الأغلبية)، على صعيد السلطتين التشريعية والتنفيذية».
ووفقاً لعبد المهدي فإنه «يمكن للأغلبية النيابية الوطنية العابرة تنظيم نفسها وفق نظام داخلي يتضمن المنهاج الوزاري، وطرائق اتخاذ قراراتها، وحل الخلافات بين أجنحتها، وأساليب العمل داخل مجلس النواب ومع بقية السلطات»، منوهاً إلى أنه «في إطار «الأغلبية الوطنية»، وبعد الاتفاق على المنهاج الوزاري، يكون للطرف الآخر -عند اختيار مرشح «التيار» أو «لإطار» لرئاسة الوزراء- الحق في وزارات، أو مواقع وازنة منعاً من التفرد والتهميش، وقس عليه بقية الرئاسات، كذلك الأمر في لجان مجلس النواب والهيئات والمحافظات وغيرها».
ومضى يقول: «إذا شخصت الأغلبية والأقلية مواقعها ومناهجها بكتلتين كبيرتين، وأراد بعضهم البقاء خارجهما، فلا بد من إعطائهم أدواراً نيابية وغير نيابية، ليمارسوا أدوار الترطيب أو الحسم حسب الظروف. وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار، فلا يُخنَقون ولا يُعطِلون. فهدف العملية السياسية والانتخابية الوصول لحكم راشد وفاعل يخدم الشعب والبلاد».
وختم رئيس الوزراء العراقي السابق بالقول: «هذه تصورات شخصية لم استشر بها أحداً من القوى المتنافسة، وهي لا تمثل حلاً مثالياً، فالأمثل سيتلازم وقانون سليم للأحزاب والانتخابات، ليحسم الناخبون ابتداءً (كتلة الأكبر) و(الحكومة البديلة)، فلا تُترك للمساومات والتعطيلات اللاحقة، كما حصل ويحصل».
القدس العربي