الانسداد السياسي في الكويت يحيي مشروع تغيير النظام الانتخابي

الانسداد السياسي في الكويت يحيي مشروع تغيير النظام الانتخابي

تبحث القيادة السياسية في الكويت عن حلول من خارج الصندوق لتسوية الأزمة المزمنة في البلاد، ومن بين الخيارات المطروحة تغيير النظام الانتخابي، وهذا يتطلب معالجة مختلفة يتولاها أهل الاختصاص مع إشراك القوى الحية والفاعلة في المجتمع، أما أن يتولى أصحاب المصالح هذه المهمة، فذلك لن يقود إلا إلى المزيد من الأزمات.

الكويت- تعيش الكويت على وقع أزمة مركبة في ظل انسداد سياسي وشلل اقتصادي أثر بشكل كبير على باقي مناحي الحياة داخل الإمارة، الأمر الذي دفع البعض مؤخرا إلى إعلاء الصوت مطالبا بتغيير يشمل النظام الانتخابي لإعادة تصويب المسار ومعالجة الخلل الكامن خلف توالد الأزمات السياسية.

وتقول أوساط سياسية كويتية إن مساعي تجري حاليا للبحث عن حلول من خارج الصندوق، لافتة إلى أن مسألة تغيير النظام الانتخابي أحد الخيارات المطروحة، ذلك أن النظام الراهن أثبت عقمه، ولم يعد يتوافق والمرحلة الراهنة.

وتشير الأوساط إلى أن بعض الدوائر المرتبطة بالحكم باتت تروج بقوة لهذا الخيار، في محاولة لجس نبض القوى الحية لكن الأمر لا يخلو من تحديات لاسيما في حال تم تعديل النظام الانتخابي كما حصل في السابق، أي أن يتولى أصحاب المصالح هذه المهمة، وبالتالي إنتاج نظام انتخابي جديد على مقاسهم، يكرس الأزمة بدل حلها.

عبدالكريم الكندري: يريدونها عشر دوائر بتقسيمات فئوية وطائفية وقبلية

وقدمت الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح مطلع الشهر الجاري استقالتها بعد نحو ثلاثة أشهر من أدائها اليمين، وهي ثالث حكومة تستقيل خلال أقل من عامين، بسبب مواجهات مع مجلس الأمة (البرلمان).

ولا تزال القيادة السياسية، الممثلة في أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، لم يحسما بعد في هذه الاستقالة بانتظار التوصل إلى رؤية شاملة بشأن سبل معالجة الوضع السياسي.

وتدرك القيادة الكويتية أن الاقتصار على قبول الاستقالة وتكليف رئيس وزراء جديد لن يحل المعضلة، كما أن الدعوة إلى حل مجلس الأمة، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة لن يغير الكثير في التركيبة النيابية الحالية، وبالتالي البقاء في ذات الحلقة المفرغة.

ورشحت أنباء بأن أيّا من شيوخ الأسرة الحاكمة المرشحين لتولي رئاسة الوزراء لا يبدون حماسة لتكليفهم بهذا المنصب في ظل الوضع الراهن، حيث يخشون أن يجدوا أنفسهم في صراع عبثي مع نواب مجلس الأمة.

وتقول الأوساط إن حديث البعض عن تغيير جزئي للنظام الانتخابي يقتصر على عدد الدوائر الانتخابية لن يكون هو أيضا الخيار الأمثل، ذلك أنه ووفق ما تنص عليه المادة الحادية والثمانين من الدستور الكويتي فإن مجلس الأمة هو من يملك صلاحية التشريع في هذه المسألة، وبالنظر إلى التجارب السابقة فإن النواب والقوى النافذة المرتبطين بهم سيحرصون على إعادة النظر في عدد الدوائر حسب ما تقتضيه مصالحهم.

وقد برزت أصوات تطالب بزيادة عدد الدوائر الانتخابية إلى عشر دوائر، ووفق النظام الانتخابي الحالي، تنقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، وتنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس فيما لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لمرشح واحد في الدائرة المسجل بها.

وتلفت الأوساط إلى أن الحل الأمثل يكمن في أن يتم إطلاق استشارة واسعة يشارك بها أهل الاختصاص من خبراء قانونيين ودستوريين، بالإضافة إلى المجتمع المدني وباقي القوى الحية لوضع أسس جديدة للنظام الانتخابي، بما يشمل الدوائر وكيفية التصويت، خلاف ذلك فإنه لا أمل حقيقيا في أن يفضي أي تحوير في النظام القائم إلى حل للأزمة.

وتستدرك الأوساط بالقول إن السير في هذا المقترح لن يكون سهلا ويحتاج إلى إرادة سياسية قوية، لا تبدو متاحة حاليا في ظل هيمنة المنظومة التقليدية، وأصحاب النفوذ الذين يخشون فقدان مصالحهم، مشيرة إلى أنه وإن كان جزء منهم يؤيد تغيير النظام الانتخابي بل ويدفع باتجاهه، لكنه يريد أن يكون له بصمته في النظام الجديد بما يحفظ مكاسبه.

مهند الساير: حتى لو عدّلت الحكومة الدوائر، فإن الشعب سينتخب الإصلاحيين

ومع تواتر الحديث عن تغيير النظام الانتخابي الحالي تصاعدت أصوات بعض النواب محذرين من مغبة البحث في هذا الخيار، معتبرين أن إسقاط مثل هكذا سيناريوهات أمر واجب.

وقال النائب أسامة الشاهين إن “نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور، وهذا ما نصت عليه ‏المادة السادسة من الدستور”. وأضاف الشاهين “خياراتنا ومساراتنا يجب أن تكون دوما ديمقراطية شعبية دستورية، بعيدا عن هرطقات المرفوضين شعبيا”.

وقال العضو في مجلس الأمة عبدالكريم الكندري “بعد أن أبطل الشعب مفعول الصوت الواحد بانتخابات ديسمبر 2020 بدأوا التخطيط لمشروع جديد يزيد من الفرقة”، مضيفا ‏”يريدونها عشر دوائر بصوت واحد بتقسيمات فئوية وطائفية وقبلية وفق أهواء نوابهم الذين يعلمون أنهم في خطر، وإسقاط هذا المشروع العبثي واجب”.

وأكد النائب مهند الساير، أن “كل نظام انتخابي تدافع السلطة عنه، وعندما ترى أن الناس تجاوزوا عقبته، تسعى إلى تغييره، حتى تعود الفئة المحسوبة عليها”، معربا عن أمله
“في تغيير المشهد، وأن تقرأ السلطة الشارع وردة فعل الناس، وحالة الإحباط التي وصلوا إليها. وسنتصدى لهم، وأبشرهم حتى لو الحكومة عدّلت الدوائر الانتخابية، فإن الشعب سينتخب الإصلاحيين”.

ويرجح مراقبون أن تطول الأزمة في الكويت في غياب اتفاق حتى الآن بشأن تغيير النظام الانتخابي، أو الذهاب باتجاه حل البرلمان الحالي، فيما الحكومة معلقة والبرلمان القائم مشلول، وعاجز عن إقرار تشريعات وقوانين، لا تحتمل المزيد من التأجيل.

وتقدم أحد عشر نائبا بطلب عقد جلسة خاصة الأربعاء، لمناقشة والتصويت على منحة المتقاعدين، ولا يعرف بعد ما إذا كانت حكومة الشيخ صباح الخالد ستحضر هذه الجلسة.

القيادة الكويتية تدرك أن الاقتصار على قبول الاستقالة وتكليف رئيس وزراء جديد لن يحل المعضلة

وقال النائب عبدالكريم الكندري إنه “باكتمال طلب جلسة المتقاعدين فإما أن تحضر الحكومة باعتبارها مستقيلة لتصريف العاجل، ‏وإما أن تحضر بصفتها الدستورية، وهذا يستوجب أن يدعو رئيس المجلس لجلسة التصويت على عدم التعاون”. وأضاف “لن نقبل بتعطيل الدستور، ولن نقبل بوقف مصالح المواطنين بإطالة مدة شلّ البرلمان”.

وأبدى النائب حمدان العازمي تأييده لدعوة الكندري لعقد الجلسة الخاصة. وقال “من يدعي أن الحكومة مستقيلة فهناك سابقة في المجلس الماضي بحضور حكومة تصريف العاجل جلسة خاصة لإقرار قانون الرياضة؛ لذا نؤكد أنه لا يوجد عذر لعدم حضور الأخيرة وعقد الجلسة”.

العرب