الرئيس العراقي يرفع درجة الإنذار ويحذر من متاهات خطيرة

الرئيس العراقي يرفع درجة الإنذار ويحذر من متاهات خطيرة

بغداد – حذّر الرئيس العراقي برهم صالح الثلاثاء من “متاهات خطيرة” تترصد العراق في حال استمرار الانسداد السياسي الناجم عن عدم استكمال تشكيل الحكومة الجديدة، فيما دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي القوى السياسية إلى استعادة الثقة والكف عن الاتهام والتخوين بالانتماء إلى الوطن والدين والمذهب.

ومنذ الانتخابات النيابية التي أجراها العراق في العاشر من أكتوبر الماضي، تشهد الساحة السياسية خلافات حادة حول تشكيل الحكومة، فبعد نحو ستة أشهر لم تتمكن القوى السياسية من انتخاب رئيس الجمهورية، والمضي في الإجراءات الأخرى نحو انتخاب رئيس جديد للحكومة.

وقال صالح، في كلمة له خلال الاحتفالية المركزية بمناسبة الذكرى الحادية والأربعين لتأسيس منظمة “بدر”، إن “الانسداد السياسي الراهن في إنجاز الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة بعد خمسة أشهر على إجراء الانتخابات، بات أمرا مقلقا وغير مقبول، ويؤدي، لو استمر، إلى انزلاق البلد في أتون متاهات خطيرة”.

ومنظمة “بدر” أحد فصائل الحشد الشعبي ويقودها زعيم تحالف الفتح هادي العامري المقرب من إيران.

وأضاف أن “هناك من يريد أن ينشغل العراقيون بصراعات داخلية تستنزف قوتهم وتضعف كيانهم. ولا يمكن للعراقيين أن يقبلوا بذلك، ولن يتنازلوا عن حقهم في دولة وطنية، فالعراق المستقل ذو السيادة يمثل مصلحة العراقيين وأساس مشروعهم الوطني”.

وتابع “الانتخابات المبكرة التي أرادها الشعب وقواه الوطنية حلا لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي اصطدمت بعوائق لا ينبغي تجاهلها، ومن الممكن تجاوزها بوحدة الكلمة وتغليب المصلحة الوطنية العليا في هذا الظرف من التحولات الإقليمية والدولية المعقدة”.

ولفت إلى أن “حماية البلد تتطلب وقفة جادة لمعالجة الأخطاء التي تراكمت بفعل ظروف وعوامل أدت إلى تصدع منظومة الحكم، ويستوجب الإقرار بضرورة الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل من خلال عقد سياسي جديد، يمكّن العراقيين من بناء حقيقي لدولة ذات سيادة كاملة”.

ويشهد العراق أزمة سياسية حادة بعد إخفاق البرلمان في ثلاث مناسبات في انتخاب رئيس جديد للبلاد، بعد عرقلة الثلث المعطل لقوى الإطار التنسيقي الشيعية الموالية لإيران الجلسات التي تتطلب حضور ثلثي الأعضاء لاستكمال النصاب القانوني.

ويتمحور الخلاف بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (الفائز في الانتخابات التشريعية) وقادة “الإطار التنسيقي” وقوى متحالفة معه، حول طريقة تشكيل الحكومة الجديدة، إذ ينادي الصدر بحكومة “أغلبية وطنية” من “التحالف الثلاثي” (يضم الكتلة الصدرية وتحالف “السيادة” من المكون السني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، فيما يطالب قادة الإطار بحكومة توافقية تشترك فيها جميع القوى السياسية.

وأكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، في كلمة مماثلة، أن الأزمة السياسية الخاصة بملف تشكيل الحكومة تعرقل الحياة في البلاد.

وقال الكاظمي “نجتهد في إيجاد الحلول، وأحيانا نجتهد للأسف في ابتكار العوائق والانسداد السياسي”.

وتابع الكاظمي “شعبنا مؤمن بالنظام الحالي وبالديمقراطية الحقيقية وبالتداول السلمي للسلطة وبالدولة، وهناك أزمة سياسية في البلاد، ويجب أن نعترف بأن هناك خلافات دستورية وتضاربا في إدارة الدولة”.

وذكر أنه “قبل المضي إلى الحل السياسي علينا أن نفكر باستعادة الثقة وخلق الأجواء الممهدة لذلك، كما يجب على القوى السياسي الكف عن الاتهام والتخوين بالانتماء إلى الوطن والدين والمذهب، فإن العراق لن يعود إلى الفوضى والدكتاتورية والصراعات مرة أخرى”.

ودعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إلى العمل على إكمال الاستحقاقات الدستورية وممارسة البرلمان لدوره التشريعي.

وقال الحلبوسي “علينا العمل من أجل تصفير الأزمات وتطوير مؤسسات الدولة وتجاوز الأزمة السياسية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة”.

وينذر تواصل الانسداد السياسي بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، في حال تكرر فشل انتخاب الرئيس الجديد.

ومطلع أبريل الجاري، أمهل الصدر القوى المنضوية في “الإطار التنسيقي” 40 يوما للتباحث مع الأحزاب البرلمانية، باستثناء قائمته، لتشكيل الحكومة المتعثرة منذ أشهر في البلاد، وذلك عقب فشل الجلسة النيابية الثالثة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

ويقود الإطار التنسيقي منذ نحو أسبوعين جهودا لإقناع القوى السياسية وحلفائها الذين يشكلون الثلث المعطل في البرلمان العراقي، بما في ذلك التيار الصدري، بمبادرة سبق وأن طرحها، دون أن يتم الكشف عن تفاصيلها.

لكن الصدر رفض طلبا لإجراء لقاء جديد مع قادة وممثلي تحالف “الإطار التنسيقي”، في خطوة بدت وكأنه يسعى إلى تسجيل نقاط في سلة الإطار، دون اهتمام بالضرر الذي يلحق بالعراقيين من استمرار الأزمة.

ورفض الإطار التنسيقي المهلة التي حددها الصدر بشأن اختيار رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، مؤكدا أنه غير معنيّ بتحديد مدد زمنية.

وانعكس تأخير تشكيل الحكومة على الواقع الاقتصادي في البلاد، عبر توقف المشاريع الاستثمارية التي تعتمد عليها الطبقة العاملة، بسبب عدم وجود موازنة مالية للعام الحالي 2022، لجهة عدم قدرة الحكومة الحالية على تقديمها للبرلمان باعتبارها حكومة تصريف أمور يومية.

والجمعة الماضي، خرج المئات من العراقيين في تظاهرات حاشدة في العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات أخرى، احتجاجا على الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، مطالبين بحسم تشكيل الحكومة والخروج من الانسداد السياسي.

وتصاعدت التحذيرات خلال الأيام الماضية من موجة احتجاجات، بسبب تماثل الأوضاع التي يعيشها العراقيون حاليا بمثيلتها عام 2019، عندما تفجرت أكبر احتجاجات في تاريخ العراق الحديث.

العرب