توقع مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية في مقال بعنوان ( العراق بين الانسداد السياسي ومصالح الأحزاب ) والذي نشر بتاريخ 13 نيسان 2022 زيارة السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي إلى العاصمة الإيرانية طهران في محاولة جادة لفتح حوارات مع الجارة إيران ، وهذا ما تحقق في يوم الأربعاء 27 نيسان والتقى خلال زيارته بعدد من المسؤولين الإيرانيين أبرزهم(محمد باقر قالبيان) رئيس مجلس الشورى الإيراني والرئيس ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان ،وأبرز اللقاءات كانت مع الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني وإسماعيل قاأني قائد فيلق القدس والذي كان بشكل منفرد على مائدة الإفطار. ويمكن قراءة أبعاد الزيارة انها تأتي مع قرب انتهاء المهلة التي حددها السيد مقتدى الصدر الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة وتأكيدا لصيغة التحالف الثلاثي ودوره في العملية السياسية بعد تغريدة السيد الحلبوسي في 26 نيسان 2022 واشارته إلى الأساليب والعمليات التي تقوم بها الفصائل المسلحة مستهدفة الأمن والاستقرار في البادية الغربية ومحافظة الانبار ولغة التهديد التي احتوتها التغريدة وأكدت على مواجهة العناصر المسلحة والتصدي إليهم وان العمل السياسي تحكمه ثوابت ولا يمكن الاستهتار بحياة المواطنين وامنهم والعبث بمقدرات الدولة واضعافها على حساب المصالح والمنافع التي تسعى إليها هذه الفصائل.
جاءت الزيارة لتناقش الحفاظ على الأمن الإقليمي والتعاون في مجال تبادل الخبرات والمعلومات الأمنية التي تخص الأمن الوطني والقومي للعراق وإيران خاصة وأن الرئيس الاير اني أكد على أن أمن إيران من العراق ، مع الأخذ بالاعتبار الدور الإيراني في موضوعة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وعلاقة الأجهزة الأمنية والتنفيذية الإيرانية ببعض الحركات والأحزاب السياسية وتحديدا في الإطار التنسيقي الذي أبدى انزعاجه من هذه الزيارة وطبيعة توقيتها ويرى انها تؤثر على تحركاته ولقاءاته مع بعض الأطراف السياسية في بغداد والسعي إلى تفكيك حالة التوافق داخل التحالف الثلاثي بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة والذي لا يزال متماسكا ومتوافقا حول أهدافه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية رغم جميع المحاولات التي تستهدف وحدته وعلاقته واتهام الإطار التنسيقي للحكومة البريطانية وبعض الأطراف العربية بالتدخل ومساندة توجهات التحالف الثلاثي.
ان الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من تشرين الاول عام 2021 أكدت على وجود حالة من الخلافات والمناكفات بين الأحزاب العراقية المشتركة في العملية السياسية والتي تحولت بعد النتائج المعلنة إلى صراع ارادات حول اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة القادمة وتمحور الصراع حول أدوات دولية وإقليمية تتمثل بالمحور الإيراني والمحور العربي الدعوم والقريب من تركيا والذي بدأ مؤخرا في إيجاد حالة من التفاهات السياسية لمعالجة الخلافات بين أقطاب العملية السياسية للخروج برؤية ميدانية لتحقيق وتنفيذ الاستحقاقات العراقية والاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا ما سيؤدي إلى حدوث العديد من حالات الصراع والاختلاف في الرؤى بعد أن أكد السيد مقتدى الصدر مواقفه في عدم اللقاء مع أطراف الإطار التنسيقي وتمسكه بتشكيل حكومة الأغلبية ومساندة تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني لهذا التوجه ، ورغم التطورات والأحداث السياسية إلا أن النظام الإيراني لا يزال متمسكا برؤيته في تعزيز الجانب السياسي لحلفائه في بغداد والسعي لتوحيد الرؤى السياسية الشيعية ومحاولة استعادة الدور الإيراني المؤثر على حركة وتوجهات الأحزاب العراقية.
وهذا ما أكده مسؤول الملف العراقي في إيران (حسن دانائي فر ) في 29 نيسان 2022 بقوله أن بإمكان طهران التدخل لمساندة التيارات السياسية العراقية للخروج من مأزق تشكيل الحكومة، وبهذا الحال فإن مركز الروابط للدراسات يرى أن حالة الافتراق السياسي ستبقى قائمة بين جميع أطراف العملية السياسية وسوف لا يكون هناك أفق قادم لتشكيل الحكومة العراقية واختيار رئيسا الدولة وستبقى حالة التازم مستمرة لفقدان حالة التوافق والتفاهم حول مديات العمل السياسي العراقي.
أن أي خطوات ميدانية على مستوى الزيارات او الحوارات سوف لا تحقق نتائج كبيرة وتتصف بالشكلية وعدم الفعالية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية