سلطان عمان يتخذ من تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي أولوية

سلطان عمان يتخذ من تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي أولوية

مسقط – يولي سلطان عمان هيثم بن طارق أهمية خاصة لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة، وترجم هذا الاهتمام في تعدد المبادرات الاجتماعية الموجهة خصوصا إلى الفئات الهشة والضعيفة.

ويحرص السلطان هيثم منذ توليه العرش في عام 2020 على تعزيز رأس المال البشري في السلطنة، والحد من أوجه عدم المساواة، وتعزيز قدرة المواطن العماني على مواجهة الأزمات والصدمات الاقتصادية والمالية.

وأقر مجلس الوزراء العماني خلال اجتماع عقد برئاسة السلطان هيثم الثلاثاء بقصر البركة العامر حزمة من المبادرات الاجتماعية والإعفاءات بتكلفة مالية تقدر بنحو مئة وثلاثين مليون ريال عماني لفائدة أصحاب الدخول الضعيفة.

وتضمنت هذه المبادرات تعزيز الاعتمادات المالية المُخصصة لبرنامج المساعدات السكنية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني بمبلغ يقدر بسبعين مليون ريال خلال الخطة الخمسية الحالية (2021 – 2025) وإعفـاء كافة المواطنين المستفيدين من برنامج القـروض السكنية، الذي تقدمـه الوزارة المعنية إلى الذين تقل دخولهم الشهرية عن أربع مئة وخمسين ريالًا عُمانيًّا، من باقي المبالغ المستحقة عليهم.

مجلس الوزراء يقر حزمة من المبادرات الاجتماعية والإعفاءات بتكلفة مالية تقدر بنحو مئة وثلاثين مليون ريال عماني

وشملت الحزمة الجديدة تقـديـم دعم إضافي لخفض تكاليف استهلاك الكهرباء للمشتركين بحسابين أو أقل من الفئة السكنية بنسبة 15 في المئة خلال فترة الصيف (مـن مايو إلى أغسطس).

وأقر المجلس الوزاري أيضا تمديد صرف منفعة الأمان الوظيفي حتى نهاية شهر ديسمبر المقبل للمنتهية خدماتهم مـن المواطنين العاملين داخل السلطنة، إلى جانب إعفاء جميع المركبات (الخاصة والتجارية) مـن سداد غرامات ورسوم التجديد للعامین 2020 و2021.

ومن شأن هذه الإجراءات المتخذة أن تخفف من تأثيرات السياسات المالية التي تم تبنيهـا لإدارة ملـف الاستدامة المالية للدولة، في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي التي أعلن عنها سابقا وتستهدف النهوض بالسلطنة وتحقيق تنمية شاملة.

ويرى مراقبون أن الانتعاشة الاقتصادية التي تشهدها عمان بفضل ارتفاع أسعار النفط شكلت حافزا إضافيا لإطلاق هذه المبادرات التي لم تقتصر على الفئات الضعيفة داخل السلطنة بل شملت أيضا المؤسسات الاقتصادية الصغرى والمتوسطة، التي واجهت في السنوات الأخيرة صعوبات كبيرة نتيجة أزمة وباء كورونا.

وتم خلال اجتماع مجلس الوزراء الإعلان عن جملة من الإعفاءات لصالح تلك المؤسسات، ومن بينها إعفاء المقترضـين مـن محفظة القروض الطارئة ببنـك التنمية العُماني، وإعفاء رواد الأعمال حاملي بطاقـة ريادة المستفيدين من القروض الطارئة الإضافية والممنوحـة مـن هيئة تنميـة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

كما تقرر إعفاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة مـن الرسوم والغرامات المترتبة على التأخير في سداد القروض المبرمة مع المحفظة الإقراضية (صندوق الرفد سابقًا) حتى نهاية العام الجاري.

وتضمنت الإجراءات تسديد المبالغ المستحقة على بعض رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة (العُمانيين) الذين صدرت ضدهم أحكام بالحبس في ملفات التنفيذ ومازالت سارية ولم يتم إلغاؤها، أو الذين صدرت ضدهم أحكـام جزائيـة فـي قضايا شيكات دون رصيد.

وقرر المجلس الوزاري تأجيل رفع القضايا ضد غير الملتزمين بأحكام بنود اتفاقيات القروض المبرمة مع المحفظة الإقراضية حتى نهاية هذا العام.

وبتوجيهات من السلطان هيثم ستتولى الجهات المختصة وضع الآليات والضوابط المنظمة لذلك بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف التي تنعكس إيجابًا على المواطنين.

ودعا سلطان عمان إلى توجيه فوائض الموارد المالية المتأتية من ارتفاع عوائد أسعار النفط عما هو معتمد في الموازنة نحو زيادة وتيرة النمو، وتعزيز التعافي الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق على المشروعات التنموية ذات الأولوية وخفض مستوى المديونية العامة للدولة كأولوية مرحلية.

وأتاحت الزيادات المسجلة في إيرادات النفط، بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية جراء ارتدادات الأزمة الروسية – الأوكرانية، أمام مسقط فرصة السيطرة على عجز موازنة العام الجاري وتحقيق فائض نادر في حساباتها.

الانتعاشة الاقتصادية التي تشهدها عُمان بفضل ارتفاع أسعار النفط شكلت حافزا إضافيا لإطلاق هذه المبادرات التي لم تقتصر على الفئات الضعيفة

ومنح هذا الوضع الحكومة إمكانية تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية التي تحظى باهتمام خاص من قبل السلطان هيثم، والتي سبق أن خصص لها اعتمادات مالية هامة للمضي بها قدما.

وكانت النشرة الصادرة عن وزارة المالية الشهر الماضي قد كشفت أن الإيرادات العامة للدولة شهدت حتى نهاية الربع الأول من عام 2022 ارتفاعا بنسبة 66.3 في المئة لتسجل أكثر من 3 مليارات ريال (7.8 مليار دولار) على أساس سنوي.

وذكرت النشرة أن الحكومة حققت فائضا ماليا بلغ نحو 929 مليون دولار في الفترة الفاصلة بين يناير ومارس الماضيين مقارنة بعجز مالي بلغ قرابة الملياري دولار قبل عام.

ويرجح خبراء أن يستمر هذا النسق الإيجابي لناحية ارتفاع عائدات السلطنة من النفط خلال الأشهر المقبلة، لاسيما في غياب أي بوادر لتسوية الأزمة الأوكرانية قريبا، والتوجه الغربي نحو تشديد الضغوط على روسيا، وهو ما سينعكس ارتفاعا في أسعار النفط.

وأبدى السلطان هيثم حرصا على توجيه الحكومة لاستغلال هذا الوضع بالشكل الأمثل من أجل تعزيز التوازنات المالية للدولة وتنفيذ المشاريع التنموية.

وخلال اجتماع المجلس الوزاري أشاد السلطان هيثم بالجهود المبذولة والإجراءات المتخذة من قِبَل الجهات المعنية لتلافي التداعيات المحتملة لتأثر سلاسل توريد السلع الغذائية الرئيسية في ظل الأوضاع السياسية التي يشهدها العالم، موجّهًا بمواصلة تلك الجهود وإعطاء الأولوية لكافة الموضوعات المتعلقة بالأمن الغذائي.

العرب