حزب “العمل والإنجاز” ذراع سياسية جديدة لحركة النهضة

حزب “العمل والإنجاز” ذراع سياسية جديدة لحركة النهضة

أعلنت القيادات المنشقة عن حركة النهضة الإسلامية في تونس الثلاثاء عن تأسيس حزب سياسي جديد في محاولة على ما يبدو لإيجاد بديل عن الحزب الذي اهتزت صورته بشكل كبير بعد سنوات قضاها في الحكم قادت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي، وذلك في وقت يشكك فيه مراقبون وسياسيون في قطع هذه القيادات لعلاقتها بالنهضة.

تونس – كشفت قيادات منشقة عن حركة النهضة الإسلامية الثلاثاء عن تأسيس حزب أسمته “العمل والإنجاز” وذلك بعد فترة من المشاورات والرد أيضا على خصوم الحركة الذين يقولون إن الحزب سيكون بمثابة ذراع سياسية جديدة للنهضة التي فقدت شعبيتها وتلقت نكسات سياسية في الأشهر الأخيرة.

وسيكون وزير الصحة السابق والقيادي المستقيل من حركة النهضة الإسلامية عبداللطيف المكي أمينا عاما للحزب الجديد الذي حدد موقعه السياسي بأن يكون معارضا لتوجهات الرئيس قيس سعيد الذي يقود المسار الانتقالي في تونس، وهو ما يعطي الانطباع بأن الحزب المذكور سيكون “النهضة 2”.

وقال المكي في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية إن “تأسيس حزب العمل والإنجاز يأتي كرد استراتيجي على الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم من انقلاب (في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو)”، معتبرا أن “الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية هي أحزاب على الورق”.

وأضاف “نحتاج إلى أحزاب مناضلة وفاعلة.. حزب العمل والإنجاز هو حزب محافظ ديمقراطي اجتماعي ووطني ونعني بكلمة محافظ المحافظة على مكتسبات الأجيال التي سبقتنا بما يخلق فكرا تراكميا ضد فكر القطيع الذي يسود اليوم والمحافظة على القيم التي تبني هوية المجتمع”.

محمد صالح العبيدي: من الصعب على هذه القيادات أن تقطع مع المرجعية الإخوانية
وتابع المكي “لسنا ضد الأيديولوجيا لكننا ضد استعمالها للتعسف على الشعب (..) يجب إبعاد السياسة عن الصراعات الأيديولوجية والصراع حول قضايا تاريخية (..) يجب أن نسير نحو منطق الإنجاز والعمل وهذا الاسم ليس بالبسيط (..) إنه يعكس فلسفة (..) ومن أخلاقيات حزبنا أنه سيمنع نفسه من الخوض في صراعات أيديولوجية ولن نخوض إلا في برامج من أجل الإنجاز والتنمية”.

وشدد المكي على أن “العدالة الاجتماعية ليست عدالة في الفقر وإنما عدالة اجتماعية للرفاه، والرفاه يقتضي خلق الثروة وكل المؤشرات تدل على تدني مستوى خلق الثروة”، مفسرا “المشكلة ليست في ارتفاع كتلة الأجور أو في قيمة التعويض بل في انخفاض إنتاج الثروة وسيعمل حزبنا على تقديم رؤى وسياسات لكيفية إنتاجها”.

وقال “سنعمل على أخلقة العمل السياسي لأنها ضرورة لكي يكون هناك تعاون بين الأحزاب وليس الصراع (..) ويصبح النقاش حول البرامج لأننا نعيش انهيارا أخلاقيا وسيادة للكذب للتأثير في الحياة السياسية”.

ويشكك متابعون لمجريات الأحداث السياسية في تونس في قطع القيادات المنشقة عن النهضة مع الحركة خاصة وأن أغلب هذه القيادات لم تقم بأي مراجعات تذكر حيث تنكر أي دور للحركة في الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد رغم أنها قادت أغلب الحكومات منذ العام 2011.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إنه “من الصعب على هذه القيادات حتى وإن صرحت بأنها قطعت مع الحركة أن تقطع مع النهضة والمرجعية الإخوانية التي تمثلها”.

وتابع العبيدي في تصريح لـ”العرب”، “نحن نعرف مثلا أن المكي كان في خلاف كبير مع الغنوشي لخلافته في النهضة، ما الذي تغير؟ أعتقد أن هذه مناورة جديدة من الحركة في ظل المستقبل المجهول الذي تواجهه خاصة بعد فتح بعض الملفات المتعلقة بها على غرار ما يعرف بالجهاز السري”.

وأكد أنه “لذلك يبدو أن الحركة كما الشق الكبير من قياداتها البارزة بدأت تبحث عن بديل يمثل طوق نجاة سياسي لها في المرحلة المقبلة، لا أعتقد أن هؤلاء قطعوا مع المرجعية الإخوانية، كما لا أعتقد أنهم سينجحون في إقناع التونسيين بأي شيء”.

ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه النهضة نزيفا من الاستقالات كان آخرها استقالة 113 قياديا في سبتمبر الماضي مرجعين سببها إلى الخيارات السياسية الخاطئة التي اتبعتها قيادة الحركة. ومن بين المستقيلين وقتها المكي ووزير الفلاحة الأسبق محمد بن سالم والقيادي سمير ديلو والنائبة جميلة الكسيكسي.

وأرجع المستقيلون قرارهم إلى “تعطل الديمقراطية الداخلية في الحركة وانفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها، ما أفرز قرارات وخيارات خاطئة أدت إلى تحالفات سياسية لا منطق فيها ولا مصلحة ومتناقضة مع التعهدات المقدمة للناخبين”.

◙ متابعون لمجريات الأحداث السياسية في تونس يشككون في قطع القيادات المنشقة عن النهضة مع الحركة خاصة وأن أغلب هذه القيادات لم تقم بأي مراجعات تذكر

وأكدوا أنهم “يغلبون التزامهم الوطني بالدفاع عن الديمقراطية التي ضحت من أجلها أجيال من المناضلات والمناضلين واستشهد من أجلها المئات في ملحمة الثورة متحررين من الإكراهات الملكية التي أصبح يمثلها الانتماء لحركة النهضة”.

وتشهد تونس مسارا سياسيا انتقاليا دشنه الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021 عندما اتخذ سلسلة من الإجراءات التي أطاحت بالبرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون والحكومة كذلك برئاسة هشام المشيشي قبل أن يعلن في ديسمبر الماضي عن خارطة طريق لإدارة المرحلة الانتقالية.

ومن المقرر إجراء استفتاء شعبي على دستور جديد في الخامس والعشرين من يوليو المقبل تمهيدا لإرساء نظام حكم جديد في البلد الذي يشهد تدهورا اقتصاديا مستمرا.

وسيكون هذا الدستور ثمرة حوار وطني انطلق في الرابع من يونيو الجاري بعد أن دعا إليه الرئيس سعيد واستثنى منه أحزاب النهضة والدستوري الحر، فيما رفض اتحاد الشغل المشاركة.

ومنذ توليه الرئاسة عام 2019، انتقد سعيد، أستاذ القانون الدستوري، عدة مرات النظام السياسي ودستور 2014. وأظهرت نتائج الاستشارة الإلكترونية الوطنية التي أجرتها رئاسة الجمهورية في الفترة بين يناير ومارس الماضيين أن حوالي 86 في المئة من المشاركين يريدون تغيير النظام السياسي في البلاد إلى نظام رئاسي.

العرب