القضاء التونسي يفتح الملف المالي لحركة النهضة

القضاء التونسي يفتح الملف المالي لحركة النهضة

تونس – فتح القضاء التونسي الأربعاء الملف المالي لحركة النهضة بعد استدعاء زعيمها راشد الغنوشي للتحقيق في شبهات تبييض أموال وقام بتجميد أرصدته وأرصدة مجموعة من القيادات الأخرى والشخصيات المرتبطة بالحركة.

وكان الملف المالي للحركة محل جدل واسع خلال السنوات الماضية إلا أنه لم يتم التعامل معه لعدة أسباب يرى سياسيون ومراقبون أن أبرزها سيطرة الحركة على القضاء.

وكثيرا ما أثار الإنفاق الضخم لحركة النهضة -سواء في الحملات الانتخابية أو خلال المناسبات الاجتماعية- بهدف اختراق الشارع واستمالته، التساؤل عن مصدر الأموال التي تم إنفاقها، وهو ما تبرره الحركة دائما بتبرعات أعضائها، وسط اتهامات لها بتلقي تمويلات خارجية، الأمر الذي يمنعه القانون التونسي.

زهير المغزاوي: القضاء أمام مسؤولية فتح ملفات الاغتيالات والتمويل الخارجي

وقال أمين عام حركة الشعب (قومية) زهير المغزاوي “هناك شبهات فساد كبيرة تحوم حول حركة النهضة، والمتابع بالعين المجردة يرى كيف أن الأموال تتدفّق على تونس من الداخل والخارج، وفتح الملفات المتصلة بذلك مطلب رئيسي، ونحن دائما نساند فكرة فتح الملفات المتعلقة بالنهضة والإسلام السياسي عموما”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تطبيق القانون لم يكن مفعّلا في السنوات الماضية، وهم (النهضة وحلفاؤها) كانوا يسيطرون على القضاء، لذلك تم تأجيل فتح تلك الملفات”، لافتا إلى أن “القضاء الآن أمام مسؤولية كبيرة لفتح ملفات الاغتيالات السياسية والتمويل الخارجي”.

وأفادت تقارير محلية في تونس الأربعاء بأن القضاء المختص في قضايا الإرهاب دعا زعيم حركة النهضة للمثول أمام قاضي التحقيق باعتباره متهما.

وأعلن راديو “موزاييك” الخاص أن الغنوشي تلقى بالفعل إخطارا من السلطات القضائية لاستجوابه بصفته متهما في القضية المرتبطة بالتمويلات المشبوهة لجمعية “نماء” الخيرية مع أكثر من ثلاثين شخصية أخرى.

وأصدرت حركة النهضة بيانا نفت فيه وجود صلة للغنوشي بقضية جمعية “نماء”، لكن اللافت للانتباه أن النفي اقتصر على زعيم الحركة ولم يدافع البيان عن بقية القيادات الملاحقة في الحركة وفي مقدمتها ابن الغنوشي معاذ.

واعتبرت الحركة في بلاغ صادر عنها الأربعاء أن “حشر اسم الغنوشي في ملف جمعية نماء وغيرها من القضايا يتنزل في سياق التشويه وتلفيق التهم الكيدية بغاية خلق حالة استقطاب وتخويف الناس من مغبة فشل الاستفتاء على الدستور والإيهام بعودة حركة النهضة إلى السلطة في هذه الحالة”.

وأصدر البنك المركزي التونسي الثلاثاء مذكرة للبنوك التونسية تقضي بتجميد أرصدة بنكية لسياسيين من بينهم راشد الغنوشي.

ويشمل الإخطار الذي يحمل توقيع محافظ البنك المركزي قائمة بعشرة أسماء، ومن بين هذه الأسماء وزير الخارجية الأسبق صهر الغنوشي رفيق عبدالسلام والأمين العام المستقيل من حركة النهضة رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي وابنتاه. وجاء في القائمة أيضا معاذ ابن زعيم حركة النهضة. ويأتي القرار استجابة لمراسلة من قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وفق ما ورد في مذكرة البنك المركزي.

وفي مايو الماضي صدر قرار من محكمة أريانة (محافظة تقع شمال تونس العاصمة) يقضي بمنع السفر عن جميع المشمولين بالتحقيق في ما يعرف بقضية “الجهاز السري”؛ حيث اُتّهِمَ قياديون من حركة النهضة بإدارة جهاز أمني موازٍ خلال فترة حكمها بعد انتخابات 2011.

وترتبط هذه القضية بالتحقيق في قضايا اغتيال السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد. وتنفي حركة النهضة أي صلة لها بالجهاز السري وقضايا الاغتيال.

وقال ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي، لـ”العرب”، “نُحيّي القضاء التونسي لأنه لم يتعامل بمسألة موازين القوى السياسية واستدعى الغنوشي، وهي خطوة إيجابية، ولا بدّ من تطبيق القانون دون تشفٍّ”.

وأكّد أن “محكمة المحاسبات لها تقرير حول التمويل الأجنبي لعدد من الأحزاب، وإذا ثبت تمويل خارجي لحركة النهضة فلا بدّ من حلّ هذا الحزب”.

وبدورها أفادت نجاة الزموري، عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن “ما يحدث الآن لم نكن نراه في العشرية الماضية، وكان من الأفضل لو تمّ مباشرة بعد قرارات الخامس والعشرين من يوليو لأننا نخشى أن يكون هؤلاء قد أتيح لهم الوقت الكافي لتهريب الأموال وطمس الحقائق”.

وقالت لـ”العرب”، “كانوا يقولون إن من يملك أدلّة على ممارسات الفساد عليه أن يتوجه إلى القضاء، لأنهم كانوا يتحكمون في مفاصل الجهاز القضائي، لكن هذه الخطوة الآن هي مؤشّر على تنقية القضاء في إطار الحملة التي قامت بها وزيرة العدل”. واستطردت الزموري “أرجو أن يتواصل فتح هذه الملفات وتتم ملاحقة هؤلاء قضائيّا”.

العرب