بغداد- توصل قادة الإطار التنسيقي الاثنين إلى اتفاق بشأن ترشيح وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، وذلك بعد أسابيع من التجاذبات كادت أن تعصف بالتحالف الذي يضم القوى العراقية الموالية لإيران.
ويقول مراقبون إن اختيار السوداني لرئاسة الحكومة ليس مفاجئا، لاسيما بعد تلاشي حظوظ رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي على خلفية فضيحة التسجيلات الصوتية المسربة، والتي جعلت من غير الممكن حتى بالنسبة إلى أقرب حلفائه السير في دعمه لاقتناص المنصب.
قيس الخزعلي: شخص رئيس الوزراء مهم، والأخ شياع السوداني نتوسم فيه الخير
وكان المالكي يطمح لتولي رئاسة الحكومة مجددا، بعد أن أضحت كتلته النيابية الأكبر على إثر انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، لكن تسجيلات صوتية منسوبة إليه هاجم فيها زعيم التيار مقتدى الصدر وأيضا قيادات الحشد الشعبي، أدت إلى نسف طموحاته، وجعلته ينزع إلى حل وسط مع حلفائه في الإطار وهو ترشيح شخصية قريبة منه ومقبولة نسبيا من باقي الأوساط السياسية.
وأعلن الإطار، في بيان مقتضب عقب اجتماع عقد في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري في العاصمة بغداد “بأجواء إيجابية اتفق قادة الإطار التنسيقي وبالإجماع على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء”.
وجرى خلال الاجتماع الذي استمر لساعات التصويت على مرشحين اثنين وهما السوداني والمستشار بديوان الرئاسة العراقية علي شكري، بعد انسحاب مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي.
والسوداني البالغ من العمر اثنين وخمسون عاما من قيادات حزب الدعوة الإسلامية، وتم ترشيحه من قبل المالكي لرئاسة الحكومة الجديدة.
ويقول المراقبون إن اختيار السوداني شكّل حلا وسطا لاسيما للذين يرفضون دعم المالكي في الترشح لرئاسة الوزراء، ويعتبرونه في الآن ذاته شخصية غير استفزازية للخصوم السياسيين ولاسيما للتيار الصدري، الذي لم يصدر إلى الآن أي موقف بشأن مرشح الإطار.
وصرح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي عقب إعلان ترشيح السوداني قائلا “شخص رئيس الوزراء مهم، والأخ شياع السوداني نتوسم فيه الخير، ولكن الأهـم أننا اتفقنا بالإجماع وننتظر أن يتفق الآخرون”، في إشارة إلى الحزبين الكرديين الرئيسين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بخصوص مرشح رئاسة الجمهورية.
وأضاف الخزعلي “نبارك الاختيار، ونتأمل مـن الجميع إعطاء الفرصة، بـل تقديـم المساعدة للحكومة القادمة”.
وسارع تحالف العزم السني برئاسة مثنى السامرائي إلى إعلان دعمه وتأييده لترشيح السوداني وعدّه “الخيار الأمثل”.
توصل الإطار التنسيقي لاتفاق حول رئيس الوزراء المقبل من شأنه أن يخلط حسابات التيار الصدري
وقال التحالف في بيان إنه “تابع القرار الذي اتخذته قـوى الإطار التنسيقي باختيار مـحمد شياع السـوداني لمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، معربا عن دعمه وتأييده لهذا الترشيح”. وأضاف “نجد في شخصية السوداني المتزنة والوطنية والنزيهة الخيار الأمثـل لهذه المرحلة الصعبة والحساسة من تاريخ الوطن”.
وشكّل الإطار التنسيقي الثلاثاء الماضي لجنة لاختيار المرشحين لمنصب رئيس الحكومة. وضمت اللجنة الأمين العام لعصائب أهل الحق، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس المجلس الأعلى همام حمودي، وممثل حزب الفضيلة عبدالسادة الفريجي.
وكان مستشار الأمن القومي الأعرجي أعلن الأحد اعتذاره عن قبول ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة العراقية، وفق بيان صدر عن مكتبه ونقلته وكالة الأنباء العراقية.
وأعرب الأعرجي عن أمله في أن يعمل الإطار التنسيقي على “حسم خياراته” لما فيه مصلحة البلاد.
ويقول المراقبون إن تجاوز عقدة رئاسة الوزراء خطوة مهمة في سياق إنهاء الأزمة السياسية في العراق، مشيرين إلى أن الخطوة الموالية ستكون تحديد موعد انعقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، المتوقعة الأسبوع المقبل، والمرجح أن تكون لصالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس برهم صالح.
وتجري مفاوضات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني للتوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة العراق، لكن جميع المؤشرات توحي بفشل الطرفين في تحقيق هذا الهدف، وأن سيناريو العام 2018 سيكون الأقرب حيث سيذهب كل طرف بمرشح.
ويدعم الحزب الديمقراطي ترشيح وزير داخلية إقليم كردستان ريبير أحمد، وذكرت أوساط قريبة من الإطار التنسيقي بأنه في حال لم يتفق الحزبان الكرديان، فإنه سيجري الاختيار على مرشح الاتحاد بحكم التحالف الضمني القائم معه.
وكان الاتحاد الوطني اختار الاصطفاف ضمنيا مع الإطار التنسيقي منذ تفجر الأزمة السياسية في البلاد في أكتوبر الماضي بين الأخير والتيار الصدري، الذي قام في حركة مفاجئة بإعلان انسحابه واستقالة كتلته النيابية من البرلمان في يونيو الماضي.
ويشير متابعون إلى أن توصل الإطار التنسيقي لاتفاق حول رئيس الوزراء المقبل من شأنه أن يخلط حسابات التيار الصدري الذي كان يراهن على فشل الإطار، معتبرين أن الأخير يبدو أنه ارتكب خطيئة كبرى في مشواره السياسي حينما قرر الانسحاب من العملية السياسية.
ويلفت هؤلاء إلى أن الجزم بذلك يبقى متروكا لما سيحصل خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأن هناك العديد من المطبات التي يجب على الإطار تجاوزها سواء كان في علاقة باختيار الفريق الحكومي، وأيضا بالاتفاق على منصب نائب رئيس مجلس النواب بعد استقالة حاكم الزاملي القيادي في التيار الصدري.
وقبل ذلك فإنه يجب انتخاب رئيس للجمهورية، الذي يعد ممرا إلزاميا لتكليف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة.
وبموجب عرف سياسي متبع في العراق منذ 2006، أعطي منصب رئيس الجمهورية للأكراد، ورئاسة البرلمان للسنّة، فيما حظي الشيعة بمنصب رئاسة الحكومة.
العرب