أبوظبي – تعمل الإمارات وإسرائيل والهند على إنشاء ممر غذائي بين الهند والشرق الأوسط من أجل أن يكون قوة جديدة لتوفير الغذاء للمنطقة وتلافي وقوعها تحت تأثير الأزمة العالمية التي باتت تهدد مناطق كثيرة من العالم بالجوع.
وينظر خبراء إلى هذا الممر الغذائي الجديد، الذي يبدأ من ساحل بحر العرب في الهند مرورا بموانئ إماراتية كحلقة وصل رئيسية وصولا إلى ساحل البحر المتوسط في إسرائيل، كممر منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية وبديل أكثر واقعية بالنسبة إلى الشرق الأوسط.
وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن للحصول على ثقل جيواستراتيجي يوازي توسيع الوجود التجاري الصيني عبر المحيطين الهندي والهادئ إلى الشرق الأوسط، يقول خبراء إن ممر الغذاء الثلاثي ليس مناهضا للصين وليس مبادرة مدعومة من واشنطن أو بطلب منها، وإنه تم الاشتغال عليه لسنوات ماضية كخيار مستقل، ولم يتم التركيز عليه إلا بعد القمة الافتراضية التي عقدها زعماء الإمارات والهند وإسرائيل بمشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته الأخيرة في الشرق الأوسط.
القادة ناقشوا طرقًا مبتكرة لضمان إنتاج أغذية أطول أجلاً وأكثر تنوعًا ويوفر فرصة لإدارة أزمات الغذاء العالمية
ويقول الخبراء إن وجود ممر الغذاء بين الهند والشرق الأوسط هو مزيج من حاجة دول الخليج العربي الإستراتيجية إلى ضمان أمنها الغذائي وحاجة الهند إلى زيادة قيمة إنتاجها الغذائي، معتبرين أن وجود هذا الممر يمكن أن يوفر حاجيات المنطقة من المواد الغذائية ويجنبها الوقوع تحت تأثيرات الأزمة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، كما يعطيها فرصة تنويع المصادر التي توفر حاجياتها في المستقبل.
وجاء في بيان القمة الرباعية لما يعرف بـ”مجموعة أي2 يو2″ (الإمارات، الهند، إسرائيل، الولايات المتحدة)، التي عقدت في الرابع عشر من يوليو الماضي، أنه سيتم “التركيز بشكل خاص على الاستثمارات المشتركة والمبادرات الجديدة في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والغذاء”.
وذكر البيان أن القادة “ناقشوا طرقًا مبتكرة لضمان إنتاج أغذية أطول أجلاً وأكثر تنوعًا وأنظمة لتوصيل الطعام يمكنها إدارة أزمات الغذاء العالمية بشكل أفضل”.
وتشترك كل دولة من الدول المعنية بما تمتلكه من خبرات وإمكانيات، حيث تخطط الإمارات لاستثمار ملياري دولار لتطوير سلسلة من مجمعات الطعام في جميع أنحاء الهند توظف تقنيات خضراء للحد من هدر الطعام والحفاظ على المياه العذبة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
وبالتوازي مع ذلك ستقوم الهند بتوفير الأرض ودمج مزارعيها في المشروع العملاق، وستشجع الولايات المتحدة وإسرائيل القطاعين الخاصين على تقديم خبراتهما للمبادرة، مما سيساعد في معالجة الأمن الغذائي في جنوب آسيا والشرق الأوسط.
وتعدّ الهند ثاني أكبر منتج للأغذية في العالم عند قياسها بمحتوى السعرات الحرارية ولكنها تحتل المرتبة الرابعة عند قياسها من خلال القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي.
وفي 2019، أي قبل أزمة الإمدادات الغذائية الناجمة عن فايروس كورونا، وقبل فترة طويلة من صدمات الإمدادات الغذائية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، أشركت الإمارات الهند في إنشاء مشروع ضخم بقيمة 7 مليارات دولار يتمثل في إنشاء ممر غذائي بين البلدين لضمان الأمن الغذائي للإمارات ودول الشرق الأوسط الأخرى، وبالتالي تحقيق العديد من التزامات اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية الشاملة، وهو ما يظهر أن التفكير في خلق الممر لم يكن تحت ضغط تراجع الإمدادات وإنما ضمن رؤية استباقية.
واتخذت مبادرة الممر شكلها الحالي عندما تولّت مجموعة إعمار العقارية العملاقة التي تتخذ من دبي مقرا لها في سبتمبر 2019 مهمة تنسيق استثمارات مختلف الكيانات الإماراتية التي تصل إلى 7 مليارات دولار في الممر.
ويخصص ما يقرب من 70 في المئة من هذه الأموال للاستثمار في مراكز الأغذية الضخمة في مختلف المدن الهندية. ويبدو أن الاستثمار الإماراتي الذي تبلغ قيمته 2 مليار دولار في مجمعات الغذاء والذي جاء الإعلان عنه في بيان الرباعي المشترك هو إعادة تغليف لجزء من مبادرة 2019. وقد يُخصّص ما تبقى من 7 مليارات دولار من المبادرة للزراعة التعاقدية وتوريد السلع الزراعية ودعم البنية التحتية ذات الصلة.
ومع احتمال مضاعفة تجارة المواد الغذائية بين الإمارات والهند بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول 2025، يسعى الممر إلى ربط مزارع الهند بموانئ الإمارات، وذلك من خلال سلسلة قيّمة لإنتاج الغذاء.
العرب