انخفاض أسعار النفط الروسي والإيراني ، وانعكاسه على الاقتصاد العراقي

انخفاض أسعار النفط الروسي والإيراني ، وانعكاسه على الاقتصاد العراقي

الباحثة شذى خليل*

قفزت واردات الصين من النفط الخام من روسيا بـ 55% مقارنة بالعام السابق ، مع زيادة مشتريات الصين من النفط الروسي حيث اشترت 800 ألف برميل يوميا من النفط الروسي في مايو تم تسليمه عن طريق البحر، وارتفع المؤشر ذي الصلة بنسبة 40٪ مقارنة بالأشهر السابقة .
استفادت الصين من هذا الخصم الكبير من خلال تحميل النفط الروسي الرخيص،  في مايو ، تفوقت روسيا على المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر مورد للنفط للصين. استوردت الصين 2.02 مليون برميل من الأورال يوميًا في مايو ، وفقًا للإدارة العامة الصينية للجمارك – بزيادة قدرها 55٪ في الحجم منذ مايو 2021.
وبالمقا رنة ، استحوذت القوة الاقتصادية الآسيوية على ما يزيد قليلاً عن 700 ألف برميل من النفط الإيراني يوميًا في شهري مايو ويونيو ، وفقًا لشركة بيانات السلع الأساسية Kpler.
اما الهند فهي الأخرى تستغل انخفاض الأسعار لصالح تنمية اقتصادها حيث بلغ مستوى مشتريات الهند من هذا المورد في مايو 700 ألف برميل يوميا، على الرغم من أنه لم يتم استيراد مثل هذه الشحنات في يناير.

أسعار النفط تلعب دورا اقتصاديا مهما في تحريك الضغوطات السياسية ، وتغيير مجرى العملية السياسية في كل العالم، اضطرت إيران إلى خفض سعر خامها الرخيص بالفعل للتنافس مع الخصومات الكبيرة التي تقدمها موسكو و قالت مصادر تابعة لوكالة بلومبرج الامريكية ان إيران تخفض سعر نفطها للتنافس مع روسيا، وتخفض الأسعار لتنافس روسيا في السوق الصينية الرئيسية. الولايات المتحدة وأوروبا دعيتا الصين والهند إلى الامتناع عن شراء النفط الروسي ولكن الموارد الروسية بأسعار منخفضة “تؤمن لهما تفوقا اقتصاديا كبيرا على خلفية الزيادة العالمية في أسعار الطاقة”.
وحسب وكالة بلومبرج فإن سعر النفط الإيراني الآن يبلغ 10 دولارات للبرميل دون المعايير العالمية مثل العقود الآجلة لخام برنت. وهذا يمثل تخفيضًا في الأسعار من 5 دولارات إلى 6 دولارات منذ فبراير ، عندما غزت روسيا أوكرانيا، وتخضع طهران للعقوبات الأمريكية والسعي وراء مشتري النفط لخفض أسعار نفطها لتنافس الخام الروسي في الصين.
يتم تداول خام الأورال الروسي القياسي حاليًا بأقل من 90 دولارًا للبرميل. هذا أقل بمقدار 18 دولارًا عن خام غرب تكساس الوسيط و 22 دولارًا أقل من خام برنت ، اللذين يتم تداولهما عند حوالي 108 دولارات للبرميل و 111 دولارًا للبرميل ، على التوالي.
وكردة فعل على العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا لغزوها أوكرانيا بفرض عقوبات على صادرات النفط الروسية ، جعل موسكو تعمل على تسعير صادراتها من الخام بخصم كبير من أجل العثور على مشترين في السوق الدولية.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية. قفزت عائدات صادرات روسيا من النفط على الرغم من التخفيضات على الأسعار ، حيث بلغت 20 مليار دولار في مايو مقارنة بثمانية عشر مليار دولار في أبريل مع ارتفاع أسعار السوق ، وساعدت الصادرات إلى الهند ، التي كثفت مشترياتها من الخام الروسي ، في التخفيف من تأثير العقوبات.
في مارس ، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حظرًا على واردات النفط والغاز الروسية ، كما حظرت المملكة المتحدة الإمدادات الروسية. التزم الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على واردات الطاقة المنقولة بحرا من روسيا في جولته السادسة من العقوبات.

ارتفعت أسعار النفط الخام بأكثر من 50% هذا العام، إلى ما يقرب من 120 دولارًا للبرميل، بدعم من الغزو الروسي لأوكرانيا.
وترى فيتول -أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم- أن إطلاق واشنطن للاحتياطيات الإستراتيجية يساعد بتحقيق التوازن في السوق، على الرغم من قلّة الإمدادات.
ويشهد الطلب على النفط تباينًا بين الدول الغنية والفقيرة، فبينما تشهد بعض دول آسيا مثل ماليزيا وسنغافورة انتعاشًا في استهلاك الوقود مع تخفيف عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا، تشهد دول أخرى مثل باكستان وسريلانكا -والتي عجزت عن سداد السندات التي تتعامل بالدولار الأمريكي وتكافح لدفع ثمن واردات الوقود- عجزًا في الطلب.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب على النفط في العام الجاري بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 99.4 مليون برميل يوميًا.
في حين توقعت الوكالة تراجع الطلب على الخام خلال الربع الثاني من هذا العام، بنسبة 56.8%، ليصل إلى 1.9 مليون برميل يوميًا، مقابل 4.4 مليونًا خلال الربع الأول من 2022.
تقديم كل من روسيا وإيران عروضا للصين والهند وخصومات على النفط الخام، أدت إلى تزايد المخاوف بشأن مستقبل صادرات النفط العراقية، والتي يعتمد عليها بنسبة 95% في تمويل موازنته.
خسارة العراق
تؤكد بعض الدراسات ان العراق من أكبر الخاسرين في هذه المضاربات، مع تراجع الطلب على النفط العراقي بكل أنواعه، بعد أن كانت الصين والهند من أكبر المشترين له، بينما يرى آخرون أن ذلك يفتح أسواقا جديدة تزيد من أرباح العراق حيث اكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد صدام، إنه من الطبيعي أن يقود قرار روسيا بتخفيض سعر برميل النفط المصدر إلى الهند والصين إلى تغير اتجاه الطلب الذي ارتفع بحدود 15.5%
هذا التغير في مستوى الطلب لا يعني التخلي عن باقي الأسواق النفطية لا سيما السوق العراقية التي تعد المصدر الثاني للهند بعد السعودية، ورغم تخفيض أسعار النفط فإن الحصة المستوردة من روسيا لا تمثل سوى 19% من حجم الطلب الهندي الكلي المقدر بنحو 5 ملايين برميل يوميا، إذ تستورد الهند ما يقارب 950 ألف برميل يوميا من روسيا، وتستورد الصين منها 860 ألف برميل يوميا و700 ألف برميل يوميا من إيران

لا يوجد أمام العراق خيار آخر سوى تنويع منافذ التصدير وخاصة نحو القارتين الأوروبية والأميركية، إذ تشير التقديرات إلى أن الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة ارتفعت بحدود 11% على إثر ذلك خبراء اقتصاد اخرون قالوا ان أسعار النفط بشكل عام ارتفعت في البداية بسبب الحظر على روسيا، ثم انخفضت أسعارها بسبب الركود الاقتصادي في أوروبا والعالم إلا أن أسواق النفط ما تزال غير مستقرة لوجود عوامل سلبية وإيجابية مؤثرة، ولهذا لا يمكن التنبؤ بما سيؤول إليه سوق النفط المرتبط بالحرب في أوكرانيا وتداعياتهاويشيرون إلى أن التنافس بين المنتجين يقود لتخفيض الأسعار، وكذلك الضغوط الأميركية على أوبك قد تترك أثرا بسيطا رغم رفض السعودية والإمارات لضغوط الرئيس الأميركي جو بايدن.
ختاما تبين المؤشرات للوضع الحالي وجود إرباك في السوق سواء بخفض روسا أسعار النفط او ايران ووصول سعر البرميل الى 10 $ ، هذ ينذر بأزمة قادمة للعراق ، مثل أي ازمة سابقة وكما قلنا في مقالات سابقة بان الاقتصاد الريعي لا يخدم قيام دولة رصينة اقتصادية اقوى بمواجهة الازمات سواء لأساب داخلية او خارجية .

العراق قد يكون واحد من أكبر الخاسرين من تدفق براميل النفط الروسية الرخيصة إلى آسيا. مع تراجع الطلب على النفط العراقي بكل درجاته، ولم تكن هناك عمليات شراء فورية لخام البصرة المتوسط أو خام البصرة الثقيل حتى الآن في دورة التداول الآسيوية الحالية بينما لم يتم ترسية مناقصة لبيع النفط الثقيل.
وتعتبر الهند والصين من المشترين الرئيسيين للنفط العراقي، إلا أنهما عززتا مشترياتهما من النفط الروسي المخفض بعد غزو أوكرانيا.
وخاما البصرة المتوسط والثقيل هما النوعان الرئيسيان اللذان يصدرهما العراق إلى الأسواق الدولية، لذا فإن أي خفض في الأحجام أو الأسعار سيكون بمثابة ضربة لثاني أكبر منتج في منظمة أوبك.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية