لامبالاة بايدن تجعل إيران صاحبة اليد العليا في العراق

لامبالاة بايدن تجعل إيران صاحبة اليد العليا في العراق

واشنطن – وجه ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق انتقادات شديدة لطريقة اللامبالاة التي تعتمدها إدارة الرئيس جو بايدن في العراق مما مهد الطريق أمام إيران لتكون لها ولحلفائها من الميليشيات اليد العليا في بغداد.

ولم ترسل الولايات المتحدة أيّ إشارات إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يرغب في كسر السيطرة الإيرانية على العراق، ويتحمس لفتح قنوات التواصل مع محيطه العربي خاصة مع حلفاء واشنطن مثل السعودية، متمسكة بالحياد السلبي الذي سيمكن إيران من فرصة الانتصار مجددا في العراق.

ولم تتدخل واشنطن في الانتخابات العراقية التي نجح من خلالها التيار الصدري في الفوز بالأغلبية في البرلمان، لكن حلفاء إيران يتجهون الآن لوضع أيديهم على المشهد السياسي من جديد.

كان من الممكن أن تساهم الانتخابات في إضعاف قبضة إيران لكن سلبية واشنطن تركت فراغا ملأته طهران

ويرى المراقبون أن طهران تقف وراء المناورات التي يقوم بها الإطار التنسيقي بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهي التي تحركت لبناء تحالف شيعي – شيعي ضد الصدر، وحرصت على استقطاب الأكراد والسنة إلى صفها، بهدف ترك الصدر وحيدا في المشهد ليسهل تحييده وتكون هي صاحبة اليد العليا.

وليس من الواضح ما إذا كان بإمكان واشنطن منع سيطرة إيران مجددا على المشهد منذ 2003، ولا يبدو أن إدارة جو بايدن بذلت أيّ جهود لإحباط هذا السيناريو.

وفي ما يقرب من تسعة أشهر، بين الانتخابات وانسحاب نواب الصدر من البرلمان ونزول أنصاره للاعتصام في المنطقة الخضراء، زار كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي العراق مرتين فقط، وأجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن عددا قليلا من المكالمات مع صناع القرار العراقيين في محاولة للتأثير على التطورات على الأرض.

وربما تكون سفيرة الولايات المتحدة الجديدة في العراق ألينا رومانوسكي قد مارست بعض الضغط بعد وصولها إلى بغداد في يونيو أيضا. لكن يبدو أنها فعلت ذلك دون دعم كافٍ من إدارة بايدن.

واعتبر شينكر في مقال بمجلة “فورين بوليسي” أن غياب التأثير الأميركي في الحراك العراقي حول المناورات والضغوط والتحالفات بشأن تشكيل الحكومة لم يكن سهوا بل قرارا مقصودا، مستشهدا بقول مسؤول بارز في إدارة بايدن في ديسمبر بأن خطتهم كانت ترك الأمر للعراقيين.

ولا تدرس واشنطن عادة نتائج الانتخابات في الدول الأجنبية، وتفضل بدلا من ذلك التركيز على دعم المؤسسات. وليس العراق حالة نموذجية للأسف نظرا إلى أن ديمقراطيته الوليدة كانت تكافح من أجل البقاء تحت ضغط ذراع إيران الطويلة في العراق، ميليشيا الحشد الشعبي التي يبلغ قوامها 100 ألف فرد.

وكان من الممكن في العراق أن تساهم الانتخابات، في نهاية المطاف، في إضعاف قبضة إيران الخانقة، لكن فك الارتباط الأميركي أثناء عملية تشكيل الحكومة ترك فراغا ملأته طهران.

وفي الآن نفسه زار قائد الحرس الثوري إسماعيل قاآني ومسؤولون إيرانيون كبار آخرون العراق ما لا يقل عن 10 مرات في الأشهر الأخيرة لتهديد خصومهم، وإقناع شركائهم المحليين بكيفية تنظيم الحكومة المقبلة.

ورغم أن عدد الزيارات وحده لا يقيس اهتمام الولايات المتحدة، فإن التباين يشير إلى أن واشنطن قررت اتباع سياسة عدم التدخل. ولم تستخدم الإدارة النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي لحماية العملية السياسية التي تتعرض إلى هجوم إيراني.

ويعتبر كل هذا أساسيا لأن العراق مهم للولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، حيث خسر الآلاف من الأميركيين أرواحهم للمساعدة في بناء عراق ما بعد صدام حسين. ويتمتع العراق، على عكس أفغانستان، بفرصة حقيقية ليصبح دولة ديمقراطية كاملة. وتقف الدولة على منطقة جيوستراتيجية حيوية، ولديها خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، وهي في خط المواجهة ضد خطط إيران لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ويرى مراقبون أنه مع اقتراب واشنطن من التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، تصبح مواجهة التدخل الإيراني في بغداد أكثر إلحاحا بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين.

ويقول هؤلاء إنه بعد أن صوّت العراقيون بشجاعة للأحزاب المعارضة للهيمنة الإيرانية، سمح نهج عدم التدخل الذي تبنته إدارة بايدن في عملية تشكيل الحكومة لحلفاء إيران بسرقة النصر من فكي الهزيمة. ولسبب غير مفهوم يبدو أن العراق، حيث خاضت الولايات المتحدة حربين رئيسيتين في العقود الأخيرة، لم يعد أولوية بالنسبة إلى واشنطن

العرب