التخويف من الفراغ ورقة الضغط لدى برهم صالح والكاظمي للخروج من الأزمة

التخويف من الفراغ ورقة الضغط لدى برهم صالح والكاظمي للخروج من الأزمة

بغداد- صار التخويف من الفراغ عنوانا مشتركا بين الصوتين العاقلين في الأزمة العراقية الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من أجل قطع الطريق على الجميع ودفع مختلف الأطراف إلى البحث عن مخرج سياسي بدلا من التصعيد الذي لن يقود إلّا إلى حرب أهلية.

وقال مراقبون عراقيون إن التخويف من المجهول كان عنصرا مشتركا بين مختلف الفرقاء؛ ففيما يرى برهم صالح أن إجراء الانتخابات المبكرة هو ضمانة وقف هذا المجهول واستعادة الحل السياسي، يخوّف الكاظمي من الفراغ أسوة بتخويف الصدر بالانسحاب وتخويف الإطار التنسيقي باستعراض القوة.

وأشار المراقبون إلى أن التخويف من الفراغ يهدف إلى إيقاظ المسؤولين عن الأزمة من التيار الصدري وخصومه في الإطار على حقيقة الوضع الذي يقودون العراق إليه، وهو وضع إن استمر فلن ينتصر فيه أحد، بل بالعكس ستعصف الفوضى بمكاسب الجميع.

وقال رئيس الجمهورية برهم صالح في خطاب متلفز مساء الثلاثاء إن “إجراء انتخابات جديدة مُبكرة وفق تفاهمٍ وطني، يُمثل مخرجاً للأزمة الخانقة في البلاد عوضًا عن السجال السياسي أو التصادم والتناحر”.

وأضاف صالح أن “انتهاء أحداث العنف والصدامات وإطلاق الرصاص أمر ضروري ومهم لحقن دماء العراقيين، لكنه لا يعني انتهاء الأزمة السياسية المستحكمة”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

واعتبر صالح أن “الانتخابات الأخيرة (في 10 أكتوبر 2021) لم تحقق ما يأمله المواطن، وواجهت الكثير من الإشكالات والتحديات”.

وأشار إلى “التأخير في تلبية التوقيتات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة، وقضية استقالة الكتلة الصدرية الفائزة في الانتخابات، وما لها من آثار سياسية واجتماعية جسيمة”.

ولإجراء انتخابات مبكرة يجب حلّ البرلمان، الأمر الذي لا يتمّ إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضائه، وفقًا للدستور. ويمكن أن يتم ذلك بناءً على طلبٍ ثلث أعضائه، أو طلب رئيس مجلس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية. ولا تملك أي قوة أغلبية واضحة في البرلمان.

وفشل إلى حد الآن مسعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر باللجوء إلى القضاء لحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وتأجلت جلسة الثلاثاء إلى اليوم الخميس بسبب المواجهات التي شهدتها العاصمة بغداد.

وهدّد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد الأحداث الأخيرة بالاستقالة في حال استمرار الشلل السياسي الذي يضرب البلاد.

وقال الكاظمي في خطاب مساء الثلاثاء “أحذّر من أنّهم إذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى، والصراع، والخلاف، والتناحر، وعدم الاستماع لصوت العقل، فسأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلوّ المنصب في الوقت المناسب، حسب المادة 81 من الدستور، وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين، وأمام التاريخ”.

ومن الواضح أن الكاظمي يسعى إلى تبرئة ذمته من مخلفات التصعيد، وفي الوقت نفسه وضع مختلف الخصوم أمام مسؤولياتهم حتى يعرفوا أن التصعيد لن يقود إلا إلى الفراغ السياسي والفوضى الأمنية التي لا غالب فيها ولا مغلوب.

سجاد جياد: الدولة هي الخاسر الأكبر لأنها تراقب (فقط) فريقين مسلحين قويين يتقاتلان على السلطة

وتنص المادة 81 الفقرة الأولى من الدستور العراقي لعام 2005 على أن ” يقوم رئيس الجمهورية مقام رئيس مجلس الوزراء عند خلو المنصب لأي سبب”.

وأضاف الكاظمي أن “الدم العراقي الطاهر الذي سقط يطلق الإنذار لكل عراقي صادق وأصيل بأننا اليوم يجب أن نواجه الحقائق المرة، وأن يوضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلاً وليس شعارًا وادعاءً”.

وأوضح أن القوات الأمنية التي أُريد لها أن تكون طرفاً في نزاع السلاح المنفلت مع السلاح المنفلت أبت إلا أن تصطف مع الوطن، و”ترفض وضع فوهات البنادق أمام صدور العراقيين مهما بلغ انفعالهم”.

ورأى المحلل العراقي سجاد جياد أن “الدولة هي الخاسر الأكبر لأنها تراقب (فقط) فريقين مسلحين قويين يتقاتلان على السلطة”. وكتب “إلى أن يتم إيجاد حلّ مناسب، من الممكن حدوث المزيد من الاحتجاجات والعنف”.

وبدأت المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية الاثنين بعد نزول أنصار الصدر إلى الشوارع غاضبين، إثر إعلانه اعتزاله السياسة “نهائيا”. وتلت ذلك فوضى عارمة تطورت إلى اشتباكات.

وقال الصدر في مؤتمر صحافي عقده في النجف “إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال ستين دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام، أنا أتبرأ منهم”.

وأضاف “أنا أنتقد ثورة التيار الصدري… بئس الثورة هذه… بغض النظر عمن هو البادئ. هذه الثورة ما دام شابها العنف، ليست بثورة”.

وغرد القيادي صالح محمد العراقي المعروف بقربه من الصدر، عبر حسابه “وزير القائد”، متهجما على الإطار التنسيقي الذي يضم أيضا ممثلين عن فصائل شيعية منضوية في الحشد الشعبي وموالية لإيران. ودعا إيران إلى أن “تكبح جماح بعيرها في العراق وإلا فلات حين مندم”.

ودعا الإطار التنسيقي، الذي يضم ممثلين عن فصائل في الحشد الشعبي وأحزاب أخرى بينها ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، “مجلسَ النوابِ وباقي المؤسسات الدستوريةِ للعودةِ إلى ممارسةِ مهامها الدستورية”، وذلك بعد تنديده بـ”مهاجمةِ عناوين الدولةِ المختلفة”.

العرب