الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني يغادران منطقة الحياد “المزعومة” ويصطفان مجددا مع الصدر

الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني يغادران منطقة الحياد “المزعومة” ويصطفان مجددا مع الصدر

تشهد الساحة السياسية في العراق حالة من الاستقطابات الحدية، التي تزيد من إذكاء الأزمة التي يشهدها العراق منذ أكتوبر الماضي والتي اتخذت نسقا تصاعديا في الفترة الأخيرة. ويقول مراقبون إنه إثر عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني إلى الاصطفاف بشكل صريح مع التيار الصدري بعد فترة مراوحة، انساقت الأزمة في العراق نحو المزيد من التعقيد.

بغداد – تأجلت الجلسة الثانية من الحوار الوطني التي كان من المفترض أن تنعقد الخميس، بدعوة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لبحث سبل إنهاء الأزمة السياسية في العراق؛ وذلك على خلفية رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني المشاركة دون حضور التيار الصدري.

ويرى مراقبون أن الموقف المستجد لكل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني لا يخلو من رسائل سياسية في علاقة بقرار الجانبين مغادرة منطقة الحياد “المزعومة” وإعلان التمترس مجددا خلف التيار الصدري الذي سبق وأن شكلا معه تحالف إنقاذ وطن، خلال إدارة الأخير للعملية السياسية قبل أن ينسحب منها في يونيو الماضي.

واحتضن قصر الحكومة في بغداد الأربعاء الماضي جلسة حوار شاركت فيها الرئاسات الثلاث وقادة من الإطار التنسيقي من بينهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.

ومثل الحزب الديمقراطي الكردستاني وزير الخارجية فؤاد حسين، فيما مثل تحالف السيادة السني رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، كما شارك الاتحاد الوطني الكردستاني ممثلا في رئيسه بافل طالباني. في المقابل قاطع التيار الصدري الجلسة التي قال لاحقا عن التوصيات التي خرجت بها “إنها لا تسمن ولا تغني من جوع”.

وكان الكاظمي يأمل في البناء على تلك الجلسة وإقناع التيار الصدري بالمشاركة. وقد أكدت الرئاسات الأربع في العراق، ممثلة في رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، في لقاء جمعهم الأربعاء على “ضرورة اتخاذ كل الخطوات لاستئناف الحوار الفاعل المُلتزم بأسس المصلحة الوطنية العليا وحماية السلم الأهلي والاجتماعي وطمأنة المواطنين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتدارك الأزمة الراهنة”.

لكن المراقبين يرون أن كل المؤشرات تصب في سياق تأجيل هذ الحوار إلى أجل غير مسمى مع التطورات المستجدة على الساحة، ومنها موقف المكونين السني والكردي اللذين حسما على ما يبدو موقفهما لناحية إعلان الاصطفاف الكامل مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

ويشير المراقبون إلى أن موقف الحزب الديمقراطي وتحالف السيادة كان متوقعا؛ فرغم أن انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية قد أربك خططهما، خصوصا وأن الخطوة لم تجر بالتنسيق مع كليهما، حرص الجانبان منذ البداية على إبداء مواقف تميل إلى مسايرة التيار، سواء فيما يتعلق بالتصعيد في الشارع أو بخصوص مطالبه التي أعلنا القبول بها بعد فترة من الصمت.

ويوضح المراقبون أن من الدوافع التي تقود الطرفين السني والكردي إلى التماهي مع أجندة التيار الصدري، أن الأخير يبدو حاليا الطرف الأقوى في الصراع الجاري مع خصومه من الإطار التنسيقي.

ويقول هؤلاء إن من الأسباب الأخرى، التي تجعل على سبيل المثال الحزب الديمقراطي الكردستاني حريصا على الحفاظ على تحالفه مع الصدر، التحالف القائم بين الإطار التنسيقي وخصمه الكردي الاتحاد الوطني الكردستاني.

ويريد الحزب الديمقراطي الكردستاني الاستئثار بكامل الحصة الكردية من السلطة المركزية في العراق بما يشمل رئاسة الجمهورية، وهو ما يحاول التصدي له الاتحاد الوطني.

ويشير المراقبون إلى أنه لا يمكن تجاهل توتر العلاقة بين الحزب الكردي وإيران التي تؤثر بالواضح على العلاقة مع قادة الإطار.

وفيما يتعلق بتحالف السيادة، هناك عدة دوافع تقوده إلى إعلان الاصطفاف الكامل مع التيار الصدري ومن أهمها تحركات بعض القوى المنتمية إلى الإطار التنسيقي وعلى رأسها المالكي وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، لدعم تشكيل تحالف سني بغرض كسر هيمنة تحالف السيادة على الساحة السنية.

واجتمعت مؤخرا شخصيات سياسية وعشائرية من محافظة الأنبار غرب العراق، للتشاور بشأن تأسيس مشروع سياسي سني جديد. وكان من أبرز الحاضرين في الاجتماع زعيم حزب الحل جمال الكربولي، ورئيس المشروع الوطني جمال الضاري، والقيادي في الحزب الإسلامي نوري الدليمي، والقيادي في تحالف العزم قاسم الفهداوي، ووزير التخطيط السابق سلمان الجميلي، ومحافظ الأنبار السابق صهيب الراوي.

وقال الكربولي في تغريدة على حسابه في تويتر “لقد وضعنا خلال هذا الاجتماع المهم الخطوط العامة لمشروع سياسي يحترم كرامة الإنسان ويمنع الاستغلال السياسي للمناصب العامة أو يكمم الأفواه أو يصادر الحريات”، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع ينبئ بـ”عهد جديد”.

ويقول المراقبون إن تأسيس هذا التحالف يرمي بالأساس إلى إنهاء احتكار تحالف السيادة للساحة السنية، وفي المقابل ضمن كتلة سنية وازنة تدعم الإطار في مشروع تشكيل حكومة جديدة.

ويلفت المراقبون إلى أن مقاربة أطراف الصراع في العراق للتسوية تصب في سياق إذكائه، الأمر الذي يهدد البلاد بالدخول في منزلق لا يمكن التكهن بمآلاته، مشيرين إلى أن أنظار هذه الأطراف تنصب حاليا على قرار المحكمة الاتحادية الأسبوع المقبل بشأن دعوى حل البرلمان، حيث أن ما قبل هذ القرار لن يكون كما بعده.

العرب