حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من ضربة روسية حاسمة في الشتاء بهدف زيادة الضغط على إمدادات الغاز إلى أوروبا، فيما قال الاتحاد الأوروبي إن دوله اتخذت إجراءات طارئة للحيلولة دون أزمة غاز خلال الشتاء المقبل.
ودعا الرئيس الأوكراني في رسالته اليومية بالفيديو مساء أمس السبت إلى تغليظ العقوبات الغربية على روسيا لحرمانها من عائدات المحروقات، مضيفا أن موسكو تحاول زيادة الضغط على أوروبا عبر وقف ضخ الغاز بواسطة خط نورد ستريم 1 (1 Nord Stream)، وذلك “لإضعاف وترهيب الدول في أوروبا”.
وقد أثار إغلاق عملاق الغاز الروسي “غاز بروم” خط غاز “نورد ستريم 1” أول أمس الجمعة إلى أجل غير مسمى تساؤلات بشأن الطرق البديلة أمام أوروبا لتجاوز أي نقص في إمدادات الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء.
مبررات موسكو
وكان من المقرر أن يستأنف “نورد ستريم 1” -الذي يمر أسفل بحر البلطيق لتوصيل الإمدادات من روسيا إلى ألمانيا ودول أخرى- العمل أمس السبت بعد توقف لمدة 3 أيام للصيانة.
وألقت موسكو باللوم في عرقلة العمليات الروتينية وصيانة “نورد ستريم 1” على العقوبات التي فرضها الغرب عليها بعد بدء روسيا حربها على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
وتتهم بروكسل وواشنطن روسيا باستخدام الغاز سلاحا اقتصاديا.
وجاء الإجراء الروسي بعد ساعات من إعلان وزراء مالية مجموعة الدول السبع (بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة) أول أمس الجمعة أنهم يخططون لتطبيق حد أقصى لسعر النفط الخام لروسيا ومنتجاتها البترولية.
وقال وزراء مالية مجموعة السبع إن القرار يهدف إلى “تقليل قدرة روسيا على تمويل حربها العدوانية (على أوكرانيا)، إلى جانب الحد من تأثير الحرب الروسية على أسعار الطاقة العالمية”.
وأعلن الكرملين -الذي يصف الحرب في أوكرانيا بأنها “عملية عسكرية خاصة”- أنه سيوقف بيع النفط لأي دولة تطبق الحد الأقصى.
ويستعد الاتحاد الأوروبي (باستثناء 3 من أعضائه) لحظر استيراد النفط الروسي اعتبارا من الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، وأيضا لمنع شركات التأمين الأوروبية من تغطية عمليات نقل النفط الروسي إلى وجهات أخرى خارج الاتحاد الأوروبي.
إجراءات طارئة
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو في مقابلة مع الجزيرة إن دول الاتحاد الأوروبي ستواجه صعوبات في الشتاء المقبل، لكنها بالمقابل اتخذت إجراءات طارئة، والخيارات التي أمامها واضحة جدا.
وأشار بوينو إلى أن دول الاتحاد تلقت في الأشهر الماضية غازا من دول أخرى بلغت كميته نحو 21 مليار متر مكعب.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جينتيلوني أمس السبت إن الاتحاد “على استعداد جيد” في حال الوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي بفضل التخزين وإجراءات اقتصاد الطاقة.
وأوضح المسؤول الأوروبي أن “تخزين الغاز (في الاتحاد الأوروبي) بلغ حاليا قرابة 80% (من الطاقة الاستيعابية) بفضل تنويع مصادر الإمدادات” حتى وإن اختلف الوضع بين دولة وأخرى.
وفي السويد، أعلنت الحكومة أمس السبت أنها ستقدم ضمانات مالية لشركات الطاقة في دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، وذلك بهدف محاولة تجنب أزمة مالية قد تتسبب بها أزمة الطاقة في أوروبا.
وحذرت رئيسة الوزراء السويدية ماغدالينا أندرسون في مؤتمر صحفي من أن بلادها قد تواجه شتاء صعبا، وفق تعبيرها.
ومن المتوقع أن تكون الضمانات السويدية سارية غدا الاثنين قبل إغلاق سوق الأسهم، وستغطي جميع الجهات الفاعلة في بلدان الشمال الأوروبي ودول البلطيق خلال الأسبوعين المقبلين.
وقد قطع البرلمان السويدي إجازته الصيفية للتصويت على اقتراح الحكومة المتعلق بالضمانات يوم غد الاثنين.
ألمانيا وفرنسا
وفي ألمانيا، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الأحزاب الثلاثة المكونة للائتلاف الحاكم وافقت على حزمة إجراءات اقتصادية جديدة لمساعدة المستهلكين على مواجهة الزيادة الحادة الأخيرة في أسعار الطاقة، بسبب جائحة كورونا وأزمة الغاز الروسي حسب ما ذكرت مصادر مطلعة على المحادثات.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية إن ثمة توترا في سوق الغاز، إلا أنها أكدت أن “أمن الإمداد مضمون”.
وأضافت الوزارة أن تقدما ملموسا سجل في تأمين إمدادات للغاز بديلة عن الغاز الروسي، وكشفت أن مستويات تخزين الغاز تجاوزت حاليا 84%.
وفي فرنسا، قالت السلطات إنها ستعمد إلى تشغيل جميع مفاعلاتها النووية الـ56 خلال الشتاء من أجل التغلب على أي أزمة متوقعة في الطاقة، ودعت وزيرة الطاقة الفرنسية أنييس بانييه روناتشر إلى تضامن أوروبي لتجاوز الشتاء المقبل دون نقص في إمدادات الطاقة.
وفي الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي، قال مجلس الأمن القومي الأميركي -في رد على سؤال للجزيرة- إنه ليس من المستغرب أن تستمر روسيا في استخدام الطاقة سلاحا ضد المستهلكين الأوروبيين.
وأضاف المجلس أن الولايات المتحدة تتعاون مع أوروبا لضمان توفر الإمدادات الكافية، موضحة أنه نتيجة لهذه الجهود سيكون مخزون أوروبا من الغاز ممتلئا بحلول موسم الشتاء.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إن استقرار إمدادات الطاقة واستقرار الأسعار أمر مهم جدا ورئيسي.
وفي مقابلة مع وكالة سنغافورة وآسيا للأنباء أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري أن قطر تورد شحنات الغاز إلى أوروبا وآسيا التزاما بعقودها.
وأضاف المسؤول القطري أن بلاده ستواصل الاستثمار في مجال الغاز الطبيعي، مشيرا إلى استثمارها الكثير من الوقت للتأكد من أن طاقتها لا تضر بالبيئة، وأن هذا التوسع في الاستثمار في مجال الغاز الطبيعي سيسهم في تعزيز استقرار سوق الطاقة في المستقبل.
من جانب آخر، قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن بلاده لم تضع منافسة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية هدفا لها.
وأضاف علييف -في مقابلة مع صحيفة إيطالية- أن لبلاده مكانة خاصة بها في السوق، وأنها أبرمت اتفاقيات لتوريد الغاز لثلاث دول أوروبية هي إيطاليا واليونان وبلغاريا.
وأشار إلى أن هناك حاجة للغاز الأذربيجاني في دول أوروبية أخرى، وأن بلاده بصدد تقييم هذه الحاجة.
يشار إلى أن أزمة الطاقة في أوروبا تتزامن هذا العام مع موجة جفاف غير مسبوقة في القارة العجوز منذ قرون، إضافة إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع في الأشهر القليلة الماضية مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
المصدر : الجزيرة + وكالات