كيف يتخلص العراق من غبن الجغرافيا؟

كيف يتخلص العراق من غبن الجغرافيا؟

irq_291072787_1428678157

وضع الموقع الاستراتيجي للعراق، من حيث عمقه في التاريخ، ودوره كلاعب مهم ومؤثر في مسار الأحداث بالإقليم الذي يحيط به من جهاته الست، في قلب دائرة الصراع على المنطقة. وقد دفع من أجل ذلك الكثير ليتجنب ارتدادات هذا الصراع وتأثيراته على كيانه ووحدته.
وما أضاف إلى هذا الدور والموقع الذي يتمتع به العراق أهمية وتأثيرا، ثروته وحضارته وعقوله النيرة. إلا أن العراق ظل يعاني من انكفائه على اليابسة من دون إطلالة على البحر مثل دول الجوار المنفتحة على البحار والخلجان.
وبسبب هذا الانكفاء خسر العراق نافذة الانفتاح على العالم، وأصبح ذلك هاجس ساسته منذ تأسيس الدولة العراقية العام 1921 وحتى الآن. وأصبحت دول الجوار العراقي، وهي إيران وتركيا وسورية والسعودية والكويت، كمصدات الرياح تحول دون إطلالته على البحار إلا من خلالها حسب قوانين الجغرافيا والتاريخ،
ودفع العراق جراء غبن الجغرافيا الكثير من دون تصحيح هذه المعادلة رغم أنه يطل على الخليج بأفق محدود. غير أن هذا الأفق ظل على مدى التاريخ مثار خلاف مع جيرانه. وبسبب هذا الخلاف خاض العراق حربا مع إيران دامت ثماني سنوات، وكلفت البلدين خسائر جسيمة بالأرواح والأموال من دون حل لهذه المعضلة رغم تبدل الأنظمة والحكام.
وبفعل الإحساس بغبن الجغرافيا التي حرمت العراق من منفذ على البحر، وتدني معدلات المياه التي تصب في أراضيه عبر نهري دجلة والفرات، فإن واقع الحال يشير إلى أن العراق مقبل على أزمة مائية ربما ستحوله إلى بلد يعاني من التصحر ويشكو الظمأ.
هذه التحديات التي تواجه العراق، يضاف إليها تحديات الأمن والأزمة المالية، والانقسام السياسي بين المكونات العراقية، تضع العراق على طريق المجهول بعد أن أخفقت الطبقة السياسية التي ورثت مرحلة الاحتلال في التصدي لهذه التحديات، وتلبية حاجات العراقيين بوطن آمن وموحد، تسوده العدالة والعيش المشترك. غير أنها (الطبقة السياسية) نهجت طريق الإقصاء وكرست الكراهية بين المكونات العراقية، الأمر الذي فتح الأبواب مشرعة أمام دعوات التقسيم واللجوء إلى خيارات قد تضع العراق على حافة المجهول.
ومهما كانت الظروف والتحديات لاسيما غبن الجغرافيا التي يواجهها العراق، فإن قدره هو في وحدته وعمق ارتباطه بمحيطه العربي وأمنه القومي؛ لأن هذا الخيار رغم دعوات تغييبه والقفز عليه من قبل بعض الأطراف، يبقى الخيار الذي يقربه من نافذة إطلاله على البحار والخلجان عندما يتوحد مع أقطار أمته، ويصبح جزءا من الأمن القومي وهدفا لجميع أقطاره.

  أحمد صبري

صحيفة الغد الأردنية