مؤسسة بيل وميليندا غيتس: العالم بعيد جدا عن بلوغ أهداف التنمية المستدامة

مؤسسة بيل وميليندا غيتس: العالم بعيد جدا عن بلوغ أهداف التنمية المستدامة

كشف تقرير جديد صادر عن “مؤسسة بيل وميليندا غيتس” (Bill & Melinda Gates Foundation) أن دول العالم تشهد تأخرا كبيرا في سيرها نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وأن الطريق -الذي رسمته لها في عام 2015- قد تخلله كثير من العراقيل غير المتوقعة التي حالت دون تحقيق ذلك.

تقرير مؤسسة بيل وميليندا غيتس يصدر سنويا وهو حاليا في طبعته السادسة، وتتكفل بإعداده مبادرة “حراس الأهداف” (Goalkeepers) التي أنشأتها المؤسسة لهذا الغرض، وهو إعداد التقارير السنوية عن مدى تقدم العالم في إحراز أهداف التنمية المستدامة مع تقديم الحلول والمقترحات.

وفي مقدمته، استعرض التقرير الصادر يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري -الذي جاء هذا العام تحت عنوان “مستقبل التقدم”- أهم العراقيل التي واجهت دول العالم في إحراز التقدم، مثل فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا واليمن.

تأخر كبير عن أغلب الأهداف
وحسب ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن مؤسسة غيتس، فإن دول العالم سجلت تأخرا كبيرا في أغلب الأهداف التي تناولها التقرير، وهي الأهداف المرتبطة مباشرة بتنمية الإنسان من الهدف الأول إلى الهدف الثامن.

في ما يخص الهدف الأول، وهو القضاء التام على الفقر في العالم، فإن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أنه لا يزال نحو 8.6% من سكان العالم (أي حوالي 700 مليون فرد) يعيشون تحت خط الفقر، الذي يعادل 1.9 دولار كدخل يومي للفرد الواحد.

وبخصوص الهدف الثاني، وهو القضاء على الجوع وآثاره كالتقزّم وتوقف نمو الأطفال، ما زال أيضا بعيد المنال، لأن هناك -حسب التقديرات العالمية لعام 2021- 23% من أطفال العالم دون سن الخامسة يعانون من توقف النمو، وأن عام 2030 لن يعرف تغييرات كبيرة، لأن التوقعات تشير إلى أن 21% من الأطفال سيعانون أيضا من هذه المشكلة.

أما الهدف الثالث المتعلق بالصحة وتحقيق الرفاهية، فيبدو أنه الهدف الوحيد الذي تحقق منه الشيء الإيجابي في ما يتعلق بتقليص نسب الوفيات، سواء بين الأطفال دون سن الخامسة أو الرضّع أو النساء بعد الوضع، في مقابل تسجيل فشل في مسار القضاء على مرض السلّ.

وحسب البيان، هناك أيضا تأخر كبير في تحقيق الهدف الرابع المتعلق بالتعليم الجيد، ففي البلدان التي تم فيها جمع البيانات، إتقان الرياضيات والقراءة لدى الفتيات والفتيان دون المستويات المطلوبة لتلبية الغاية بحلول عام 2030.

سمة التأخر نجدها أيضا في بلوغ هدف المساواة بين الجنسين، وهو الهدف الخامس، وأيضا في الهدف السادس المتعلق بالمياه للجميع، فإضافة إلى معاناة العديد من الدول من الجفاف وندرة المياه، هناك مجتمعات ما زالت تفتقر لقنوات الصرف الصحي والمراحيض، وتصل نسبتها إلى 34% من تعداد السكان العام.

المساواة بين الجنسين لن تتحقق إلا في القرن القادم
من جهتها، تقول الرئيسة المشاركة للمؤسسة، ميليندا غيتس، في أحد فصول التقرير إن بلوغ المساواة بين الجنسين لن يتحقق حتى عام 2108، أي بعد 3 أجيال كاملة.

وأوضحت أن “العديد من النساء في البلدان ذات الدخل المنخفض يكسبن رزقهن من خلال العمل غير الرسمي، وهذا يعني أنه يتعين عليهن الصمود في وجه الأزمات الاقتصادية من دون راتب منتظم أو إجازة مدفوعة الأجر أو تأمين ضد البطالة، وتلجأ العديد منهن إلى إستراتيجيات بقاء تحبسهن في دائرة الفقر”.

وحسب دراسة أجريت عام 2021 على النساء في القوى العاملة غير الرسمية، فإن 52% منهن استعملن جزءا من المدخرات، و64% اقترضن أموالا، و17% منهن اضطررن إلى بيع أو رهن بعض ممتلكاتهن من أجل الصمود في وجه الجائحة.

وللخروج من الأزمة، تقترح ميليندا غيتس الاستثمار في الهياكل الأساسية لرعاية الأطفال على نطاق واسع، لأن الدراسات التي أجريت في بعض البلدان الأفريقية تؤكد أنه إذا اعتمدت الحكومات سياسات وبرامج تمويل أفضل في مجال رعاية الأطفال، فإن ما يقرب من 15 مليون امرأة قد يدخلن سوق العمل أو يعدن إليها.

أفريقيا أكثر هشاشة إزاء “هدف القضاء على الجوع”
من ناحيته، يقول الرئيس المشارك للمؤسسة، بيل غيتس، في أحد فصول التقرير إنه عندما تعجز منطقة ما عن إنتاج ما يكفيها من طعام سكانها، فما من خيار أمامها إلا استيراد الغذاء، وهو ما تفعله أفريقيا بتكلفة تبلغ نحو 23 مليار دولار سنويا.

وبالإضافة إلى ذلك، تتلقى بعض الدول الأفريقية معونات مادية لشراء القمح، حيث قدرت عام 2015 بحوالي 4 مليارات دولار، وبلغت 6.5 مليارات دولار عام 2020، ومن المتوقع أن تصل إلى 7.5 مليارات دولار بحلول عام 2030.

وهناك 14 دولة أفريقية تعتمد على أوكرانيا وروسيا في الحصول على نصف احتياجاتها من القمح، وقد تأثرت الإمدادات بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وأدت الصدمة إلى ارتفاع سعر القمح البديل ليبلغ أعلى مستوى له منذ 40 عاما، قبل أن ينخفض في نهاية المطاف مايو/أيار الماضي.

لكن تغير المناخ -يضيف غيتس- يمثل مشكلة أكبر بكثير من الحرب، لأنه أكبر تهديد للإنتاج الغذائي وخاصة في أفريقيا، حيث تتدهور البيئة بسرعة أكبر من أي مكان آخر في العالم، ومن المتوقع أن يتعرض 32 مليون شخص في أفريقيا للجوع عام 2030.

وأوضح غيتس أنه على المزارعين اليوم الاعتماد أكثر على بذور القمح والذرة التي تم تحسينها من أجل الصمود أمام الجفاف والحرارة المرتفعة، حيث أثبتت التجارب أنها ناجحة وتعطي محاصيل ضخمة.

ويرى أنه يتعين على الدول الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي التي تعالج التسلسل الجينومي للمحاصيل، إضافة إلى البيانات البيئية التي نحصل عليها بواسطة صور الأقمار الصناعية التي تمكننا من معرفة ما ينبغي أن تكون عليه المزارع في المستقبل، لتحديد صنف النبات الأنسب لمكان معين.

المصدر : مواقع إلكترونية