إجراءات أمنية بمحيط المنطقة الخضراء قبيل جلسة البرلمان العراقي

إجراءات أمنية بمحيط المنطقة الخضراء قبيل جلسة البرلمان العراقي

بغداد – قبيل يوم واحد على جلسة مقررة للبرلمان العراقي بعد نحو شهرين من قرار تعليق جلساته، إثر اقتحام أنصار التيار الصدري وسيطرتهم على مبنى البرلمان الواقع داخل المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، تتخذ قوات الأمن العراقية إجراءات أمنية جديدة بمحيط المنطقة الخضراء، تضمنت إنزال كتل خرسانية جديدة ونشر وحدات من قوات الأمن، فيما أعرب تحالف “الإطار التنسيقي”، المظلة الجامعة للقوى الحليفة لإيران في العراق، عن ترحيبه بقرار استئناف جلسات البرلمان، داعيا القوى الكردية إلى الاتفاق على مرشحها لرئاسة الجمهورية.

وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد أعلن في الثلاثين من يوليو الماضي، تعليق عمل البرلمان حتى إشعار آخر، بعد اقتحام أنصار الصدر المنطقة الخضراء، وسيطرتهم على المبنى الواقع وسط المنطقة الدولية المحصنة في بغداد.

والجلسة المزمع عقدها ظهر غدا الأربعاء، التي سيطرح فيها الحلبوسي استقالته على نواب المجلس، في خطوة مفاجئة وغير محسوبة النتائج حتى الآن، تتزامن أيضا مع جلسة مرتقبة للمحكمة الاتحادية العليا غدا أيضا، للنظر بدعوى دستورية قبول استقالة نواب التيار الصدري الـ73 من البرلمان في يونيو الماضي، من قبل رئاسة البرلمان من دون عرضها على التصويت، وسط تكهنات عن طبيعة القرار الذي ستتخذه المحكمة.

ومن المقرّر أيضا أن ينتخب البرلمان نائبا أول له بعد استقالة حاكم الزاملي عن كتلة التيار الصدري.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” عن مصدر أمني قوله الثلاثاء إن “تعزيزات من الكتل الكونكريتية جرى صفها أمام بوابة التشريع والتخطيط المؤدية إلى المنطقة الخضراء”، لافتا إلى “إغلاق بوابة وزارة التخطيط بالكامل”.

وأضاف أن “وضع الكتل بشكل طولي عند بوابة التخطيط يعني خروج هذا المدخل عن الخدمة بدءا من الثلاثاء”، مشيرا إلى احتمالية “المباشرة غدا (الأربعاء) بإجراء مشابه عند بوابة الجسر المعلق”.

ورحب تحالف “الإطار التنسيقي” بقرار رئيس البرلمان محمد الحلبوسي استئناف عمل البرلمان، وتحديد الأربعاء موعدا لعقد جلسة.

وجاء ذلك خلال اجتماع انتهى في ساعة متأخرة من ليل الاثنين، ضم قيادات وممثلين عن قوى التحالف في بغداد، قال إنه لمناقشة التطورات والوضع السياسي في البلاد، واستحقاقات المرحلة المقبلة.

وجدد التحالف، بحسب البيان، استعداده لـ”الذهاب إلى انتخابات مبكرة بعد استكمال مقدماتها من حكومة مكتملة الصلاحيات، وإقرار موازنة اتحادية، وتعديل قانون الانتخابات، وتنظيم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”.

ودعا القوى السياسية الكردية إلى “حسم مرشحها لرئاسة الجمهورية”، مرحبا في الوقت نفسه بـ”مشاركة كل القوى الوطنية، وخصوصا التيار الصدري، في الحوارات وتشكيل الحكومة وإدارة الدولة”.

وأكد الإطار التنسيقي حرصه على “استكمال بناء الدولة بإرادة وطنية مستقلة”، رافضا ما وصفه بـ”المحاولات والضغوطات والتدخلات الخارجية من أي طرف كان”.

ويعقد البرلمان العراقي الأربعاء جلسته الأولى، منذ أحداث العنف الدامية التي هزت البلاد في التاسع والعشرين من أغسطس، والاعتصام الذي أقامه مناصرو مقتدى الصدر لفترة وجيزة في محيط المجلس قبل شهرين، بحسب بيان صدر الاثنين.

ووضع المجلس على رأس جدول أعمال الجلسة المقررة في الثامن والعشرين من سبتمبر الساعة العاشرة صباحا (13:00 ت.غ)، إجراء عملية تصويت على “استقالة رئيس مجلس النواب” محمد الحلبوسي، الحليف الكبير للتيار الصدري واللاعب السياسي البارز.

وبحسب مراقبين سياسيين، فإن هذا التصويت لا يتعدى كونه إجراء شكليا، وبمثابة إعادة منح الثقة للحلبوسي على خلفية المساومات السياسية وراء الكواليس.

وتأتي خطوة استئناف عمل البرلمان على عكس ما ينادي به زعيم التيار الصدري، الذي يطالب بحلّ هذه المؤسسة والذهاب إلى انتخابات مبكرة.

وليس ذلك فحسب، بل إن خصوم الصدر يبدون في موقف المتقدم عليه، في ظل ما برز في الساعات الماضية من حديث عن تشكيل ائتلاف تحت اسم “إدارة الدولة”، يضم “الإطار التنسيقي”، وحلفاء الصدر قبل انسحابه من المشهد، على الرغم من أن الغموض لا يزال يلف هذا التحالف ولا معلومات رسمية بشأن تشكيله فعلا.

وأثار توقيت الاستقالة وسمات صاحبها توقعات برغبة الحلبوسي في إعادة تجديد ثقة النواب به، بعد استقالة حلفائه منهم وصعود خصومهم.

وقال السياسي السني البارز مشعان الجبوري في تغريدة إن هذه الاستقالة “تهدف إلى الحصول على تجديد الثقة”، وتأكيد الدعم له “عندما يتم رفض الاستقالة”.

وقال المحلل السياسي سجاد جياد إن “الحلبوسي لا يخطط للاستقالة، لكن من خلال السماح بتصويت محتمل بالثقة، يتوقع من شركائه منحه دعما قويا يضع حدا لكل محاولة لإقالته مستقبلا”.

وأضاف الباحث في مركز أبحاث “سنتوري إنترناشونال” أن هذه طريقة “لترسيخ مكانته كزعيم سياسي للسنة، والضغط على الأحزاب الشيعية والكردية للتسريع في تشكيل الحكومة”.

في المقابل، قال القيادي في الإطار محمود الحياني في تصريحات إعلامية إن “استقالة الحلبوسي من منصبه لها عدة أسباب، أولها رفع الحرج عنه أمام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وإظهار أنه ليس مع ائتلاف إدارة الدولة، وكذلك الهروب من تشكيل أي حكومة من قبل الإطار التنسيقي”.

وأوضح أن “من أسباب استقالة الحلبوسي من منصبه هو خشية إقالته من المنصب مع عودة جلسات البرلمان قريبا، خصوصا أنه أثبت فشله بإدارة هذا المنصب وكان جزءا من الأزمة، وأي حديث عن اتفاق مسبق على الاستقالة مع الإطار هو غير صحيح”.

وأضاف الحياني أن “قوى الإطار التنسيقي حتى اللحظة لم تحدد موقفها من قبول الاستقالة أو رفضها، لكن قبولها أمر وارد جدا لإخفاق الحلبوسي بمهامه خلال الفترة السابقة، وخلال الساعات المقبلة، سيكون هناك موقف رسمي للإطار بهذه القضية”.

ويشهد العراق مأزقا سياسيا شاملا منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، مع عجز التيارات السياسية الكبرى عن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء المقبل وطريقة تعيينه.

وانعقد البرلمان آخر مرة في الثالث والعشرين من يوليو. وبعد أيام قليلة من ذلك، اقتحم أنصار الصدر مجلس النواب قبل أن يعتصموا لمدة شهر في حدائقه.

وبلغ التوتر ذروته أواخر أغسطس عندما وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر وعناصر من الجيش والحشد الشعبي (تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في أجهزة الدولة وتعارض التيار الصدري سياسيا). وقتل في هذه المعارك أكثر من ثلاثين من مناصري التيار الصدري.

ويتصاعد الخلاف اليوم في العراق بين معسكرين، الأول بزعامة مقتدى الصدر الذي يطالب بحل فوري لمجلس النواب المكون من 329 نائبا، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعدما سحب 73 نائبا. أما الآخر، فيتمثل بالإطار التنسيقي، وهو تحالف من الفصائل الشيعية الموالية لإيران، ويسعى إلى تشكيل حكومة قبل إجراء أي انتخابات.

العرب