السعوديون يسارعون الخطى بحثا عن الوظائف في القطاع الخاص

السعوديون يسارعون الخطى بحثا عن الوظائف في القطاع الخاص

الرياض – يتنافس السعوديون بشكل متزايد على وظائف القطاع الخاص بعد “الإصلاحات السريعة” لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المملكة الخليجية الثرية بالنفط.

وتسعى الرياض لإصلاح اقتصاد البلاد بحلول عام 2030 لتقليل اعتمادها على النفط وتوسيع القطاع الخاص وتقليل الدعم الحكومي الذي كان الناس يعتمدون عليه تقليديا، بحسب صحيفة “فاينانشل تايمز”.

وقالت الصحيفة البريطانية إن “الرهان عالٍ” بالنسبة إلى الأمير محمد بن سلمان الذي يعتبر السعوديين الشباب الذين يريدون وظائف وإسكان قاعدته الشعبية.

ويكمن الخطر في أن الأشخاص الأكثر فقرا والأقل تعليما هم أولئك الذين يعيشون خارج المدن الكبرى ويتخلفون عن ركب المنافسة على وظائف ذات رواتب جيدة تتوفر غالبا في العاصمة الرياض والمدن الكبرى الأخرى.

الطلب كبير على ذوي المؤهلات والخبرة، لكن العديد من الوظائف الأخرى تتجمع حول الحد الأدنى للرواتب

وفي كل مساء بمدينة حائل شمال المملكة، تضع منى كشكا للشاي على جانب الطريق وتضيء الأنوار، حيث تنتظر وصول زبائنها.

وتحتفظ منى بسيرة ذاتية مطبوعة في متناول اليد على أمل أن يقدم لها أحدهم وظيفة أفضل في مدينة توفر وظائف قليلة.

وقالت منى التي طلبت عدم نشر اسمها الحقيقي إن جهود الحكومة لزيادة نسبة الموظفين السعوديين وتوظيف الإناث على وجه الخصوص جديرة بالثناء، لكنها فشلت. وأضافت “لقد دعموا النساء. لكن كل هذه الوظائف تم شغلها بسرعة”.

وترافقت الإصلاحات الاقتصادية مع إصلاحات اجتماعية واسعة، بما في ذلك السماح للمرأة بقيادة السيارة وإنهاء دور الشرطة الدينية وإعادة فتح دور السينما.

وأثرت الإصلاحات على كثير من السكان، إذ خفضت الحكومة دعم الكهرباء والوقود. كما أدخلت ضريبة القيمة المضافة في 2018 وضاعفتها ثلاث مرات لتصل إلى 15 في المئة خلال جائحة فايروس كورونا مما رفع تكاليف المعيشة.

وقال نائب مدير تشاتام هاوس للشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنام وكيل إن الإصلاحات “تعيد توازن العقد الاجتماعي. إنها مبادرة ضرورية تسبب بعض الألم”.

وانخفضت البطالة إلى 10.1 في المئة هذا العام، وهو أدنى مستوى منذ عام 2008. وبلغت 15 في المئة بين الشباب في الربع الأول من هذا العام.

ودخل أكثر من 400 ألف مواطن إلى سوق العمل العام الماضي حيث تدفع الحكومة لمزيد من المواطنين للانضمام إلى القطاع الخاص. كما ارتفعت مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بنسبة 35 في المئة.

وقالت باحثة أولى بمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا كارين يونغ إن “قضية التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحفيز الاستثمار في جميع أنحاء البلاد هي القضية الرئيسية لولي العهد السعودي، وهذا يعني أنه يجب على جميع المواطنين أن يكونوا في طريق ما (…) متأثرين بالتحول”.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 3.2 في المئة عام 2021 بعد الوباء. وبفضل الطفرة النفطية، من المتوقع أن يصل إلى 7.6 في المئة هذا العام.

وفي حين أن المكاسب النفطية السابقة أعقبتها زيادة في الإنفاق الحكومي، تخطط السعودية هذه المرة لاستخدام المكاسب غير المتوقعة لدعم احتياطياتها والاستثمار في صندوق الثروة السيادي الذي يشرف على مشروعات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات في المملكة.

وكان التضخم هذا العام من بين أدنى المعدلات في دول مجموعة العشرين، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك إلى حوالي 3 في المئة الشهر الماضي.

وهناك طلب كبير على السعوديين من ذوي المؤهلات والخبرة المطلوبة، لكن العديد من الوظائف الأخرى تتجمع حول الحد الأدنى للأجور البالغ 4000 ريال (1000 دولار) في الشهر، وفقا لورقة عمل نشرها مركز هارفارد للتنمية الدولية.

وعلى الرغم من أن الرواتب أعلى بكثير من تلك المدفوعة للأجانب في نفس الوظائف، إلا أن بعض السعوديين يشكون من أنها لا تكفي، وبعضهم يشغل وظيفتين.

ويمكن رؤية الآثار المختلطة للإصلاحات في حائل، حيث انتشرت مبانٍ جديدة في جميع أنحاء المدينة بعد أن اشترى المزيد من السعوديين منازل برهن عقاري مدعوم من الحكومة في حملة إسكان أدت إلى زيادة معدلات ملكية المنازل من 47 في المئة عام 2016 إلى أكثر من 60 في المئة هذا العام، وفقا للصحيفة.

في غضون ذلك، يسافر الكثيرون في حائل إلى العاصمة الرياض بغية الحصول على فرص وظيفية أفضل.

ومع ذلك، عاد البعض غير راضين عن الفرص المتاحة هناك. وقال شاب يبيع سجائر بطريقة غير مشروعة من صندوق سيارة في حائل، إنه عاد من الرياض بعد أن وجد وظائف في مطعم فقط. وأضاف “لم أكن محظوظا”.

العرب