الباحثة شذى خليل*
“القانون لايحمي اموال الايتام في العراق ”
شرع صندوق رعاية القاصرين ضمن قانون 1980، بهدف رعاية الصغار ومن في حكمهم والعناية بشؤونهم الاجتماعية والثقافية والمالية ليسهموا في بناء المجتمع العراقي ، ومنذ عام 1980 ولغاية اليوم 2022 ما زال الأيتام في العراق يتصدرون أعلى المؤشرات ارتفاعاً بعد مؤشر الضحايا، فالتقديرات الأخيرة الصادرة عن الأمم المتحدة تؤكد تجاوز عددهم الخمسة ملايين يتيم، وهو ما يعادل نحو ثلث أيتام العالم المسجلين.
استطيع القول إن الدولة العراقية لم تدير بالشكل الصحيح، أموال اليتامى والقاصرين منذ 1980 الى اليوم مما تسبب بإهدار وفشل هذه الإدارة، وانعكس بشكل كبير على حياة الأيتام في العراق، إن “قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنه 1980 شُرّع للحفاظ على شؤون القاصرين من الأطفال وفاقدي الأهلية والمفقودين ومن حددهم القانون وخاصة شؤونهم المالية ومن أجل هذا شكل صندوق تنمية أموال القاصرين وإدارتها لغرض أرباحها وبعد بلوغ القاصر او رجوع الغائب او زوال عوارض الأهلية يتمتع بها هو او أولاده”.
في البداية من الضروري معرفة قيمة الدينار العراقي في 1980 والفترة التي سبقته كي نستطيع المقارنة، حسب مصادر اقتصادية رسمية للبلاد، ان فترة سبعينيات القرن الماضي شهدت انتعاش قيمة الدينار العراقي، إذ كان يساوي 4 دولارات، ويحدد أسباب ذلك الانتعاش باستقرار الحكم وقتها برئاسة أحمد حسن البكر للفترة (1968-1979)، إضافة إلى قرار تأميم المصارف وشركات التأمين في 14 يوليو 1964 الذي أسهم في تعزيز الصيرفة.
واكدت الخبيرة المصرفية الدكتورة سلام سميسم أن “سعر صرف الدينار العراقي الواحد كان يعادل 3.3 دولارات خلال فترة الحرب العراقية – الإيرانية (1980 – 1988)، بسبب قلة مديونية البلاد مع وفرة مالية كبيرة إضافة للدعم النقدي العالمي لبغداد وقتها”.
بمعادلة بسيطة يمكن حساب الفرق ، يعني الشخص الذي لديه 1000 دينار عراقي يساوي 3,300 دولار امريكي.
مما يعني ان الصندوق لم يحافظ على قيمة أموال القاصرين عبر خطة معينة للاستثمار، وهنا تبين ضعف استثمار الدولة من جهة، وضعف وزارة العدل في إعداد خطط لضمان حقوق القاصرين من جهة أخرى، إذ لا توجد تنمية او استثمار او إدخالها في مشاريع تجارية او إعطاء القاصرين نسبة من الفوائد في المصارف العراقية وأصبحت أموال القاصرين من ثروة تركها الأب الى قروش لا تغطي معاملة استلامها وخصوصا بعد عام 1990 حيث تغيرت العملة وانهارت قيمة الدينار ” مما ضيع أموال القاصرين بسبب ضعف في إدارة أموال اليتامى، والعجيب في الأمر، من المفترض البلد مسلم، وأموال اليتيم خط أحمر وإدارتها تعد مسؤولية دينية أخلاقية وقانونية لكنها لم تدار بالشكل السليم لضمان حقوقهم.
إن “القاصر الذي ترك له أبوه ألف دينار عام 1985 وكانت ثروة يمكن ان يشتري بها عقارا أصبحت عام 1991، تشتري سندويش ، حتى بعد 2003 زادت الأمور سوءا ومازالت أموال اليتامى تضيع ولم تعالج بالشكل الصحيح ، وقدم بعض المختصين القانونيين، مقترحين للحل أولا :”ان تُقيّم جميع أموال الأيتام منذ تأسيس هذا الصندوق الى اليوم بالذهب ويعطى اليتيم حقه مُقيّماً بالذهب لأن سعره ثابت في التقديرات المالية، وثانيا ان تُعاد هيكلة هذا الصندوق وتوضع له خطة حقيقية لتنمية أموال القاصرين وضمان نموها والربح منها ويتحمل مدراء وأعضاء هذا الصندوق أي خسارة لأموال اليتامى”.
هذا نص قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 المعدل
أشارت المادة (1) من قانون رعاية القاصرين رقم78 لسنة 1980 المعدل إلى أهداف هذا القانون فنصت: يهدف القانون إلى رعاية الصغار ومن في حكمهم والعناية بشؤونهم الاجتماعية والثقافية والمالية ليسهموا في بناء المجتمع . وقد تم تحديد سريان القانون فنصت المادة 3/ أولاً – يسري هذا القانون على: أ – الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشرة من العمر، ويعتبر من أكمل الخامسة عشرة وتزوج بإذن من المحكمة كامل الأهلية) وبخصوص تنظيم الوصاية نصت المادة (34) على أن : ( الوصي هو من يختاره الأب لرعاية شؤون ولده الصغير أو الجنين ثم من تنصبه المحكمة، على أن تقدم الأم على غيرها وفق مصلحة الصغير فإن لم يوجد أحد منهما فتكون الوصاية لدائرة رعاية القاصرين حتى تنصب المحكمة وصياً) .. كما بينت (المادة 35) شروط الوصي فنصت ( يشترط في الوصي أن يكون عاقلاً بالغاً ذا أهلية كاملة قادراً على ممارسة شؤون الوصاية ولا يجوز بوجه خاص أن يعين وصياً :
أولاً – المحكوم عليه في جريمة من الجرائم المخلة بالآداب والشرف أو التي تمس النزاهة.
ثانياً – من كان مشهوراً بسوء السيرة أو من لم يكن له وسيلة مشروعة للتعيش.
ثالثاً – من كان بينه أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجته وبين القاصر نزاع قضائي أو من كان بينه وبين القاصر أو بين عائلته خصومة إذا كان يخشى على مصلحة القاصر منها) . وبخصوص إثبات الوصاية نصت (المادة 36) (تثبت الوصاية المختارة بمحرر كتابي تقرها المحكمة بعد وفاة الأب، ويعتبر الوصي على الجنين وصياً على المولود .
ختاما البلد والحكومة الجديدة أمام تحديات كبيرة سياسية، اجتماعية واقتصادية، والوضع المادي صعب جدا لكثير من أبناء الشعب و مشلول وحالة الفقر ارتفعت بنسب كبيرة وتدهور الملف الصحي ، ومن الملفات المهمة للغاية هو ملف الأيتام والقاصرين الذين يشكلون جزءا كبيرا من مستقبل العراق ، الذي لم تتضح صورته منذ 2003. وهل سيكون بأيدٍ أمينة في المستقبل القريب لحفظ أموال اليتيم ؟.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستلراتيجية