الدبيبة يستفز خصومه باتفاقيتين عسكريتين مع أنقرة

الدبيبة يستفز خصومه باتفاقيتين عسكريتين مع أنقرة

يواصل رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة في استفزاز خصومه في الداخل الليبي عبر توقيع اتفاقيتين عسكريتين مع تركيا، ضاربا عرض الحائط بالجهود التي يقودها المبعوث الأممي الجديد للتوصل إلى مخرج لإنهاء الانسداد الحالي.

طرابلس – يصر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبدالحميد الدبيبة على سياسة الهروب إلى الأمام، في مواجهة الأزمة السياسية التي تحاصره في الداخل الليبي، عبر عقد صفقات مع تركيا آخرها اتفاقيتين عسكريتين، يأمل من خلالهما في المزيد من دعم أنقرة للحفاظ على موقعه في السلطة.

ويقول مراقبون إن الدبيبة الذي رفض مؤخرا مخرجات الاجتماع الذي عقد في المغرب بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بشأن توحيد المؤسسات السيادية تمهيدا لإجراء انتخابات، يراهن على الغطاء الذي توفره له أنقرة، في مواجهة تلك الضغوط المتصاعدة تجاهه، دون الالتفات إلى الثمن الباهظ الذي ستدفعه ليبيا جراء هذه الاندفاعة صوب أنقرة.

وحذر المراقبون من أن النهج الذي يتخذه الدبيبة من شأنه أن يستفز خصومه، الذين اتسعت دائرتهم في الفترة الأخيرة بعد انضمام رئيس مجلس الدولة الذي شن مؤخرا هجوما لاذعا على الدبيبة واتهمه بالتمسك بالسلطة والسعي لتكريس “حكم العائلة”.

ووقّع الدبيبة الذي يتولى أيضا وزارة الدفاع في حكومة الوحدة مع وزير الدفاع التركي خلوصي آكار الثلاثاء اتفاقيتين عسكريتين للتعاون الثنائي، وذلك ضمن فعاليات زيارة الدبيبة إلى تركيا، والتي لم تعلن عنها مسبقا الحكومة الليبية.

وقالت حكومة الوحدة، إن الاتفاقية الأولى التي وُقّعت في إسطنبول، بحضور رئيس هيئة الأركان التركية يشار غولر وقائد القوات الجوية أتيلا غولان، تنص على رفع كفاءة قدرات الطيران الحربي في ليبيا بالاستعانة بالخبرات التركية في هذا المجال.

وتضمنت الاتفاقية الثانية، بحسب البيان الليبي، “بروتوكولات تنفيذية للاتفاقية الأمنية الموقعة من قبل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عام 2019”.

وعن تلك البروتوكولات، أوضح المتحدث باسم الحكومة المنتهية، محمد حمودة، أنها تنصّ على “تشكيل لجنة الدفاع العليا للتعاون الليبي التركي، ولجنة التعاون العسكرية، وكيفية عملها ومهامها وتكوين وحداتها، بإلإضافة إلى تحديد مجالات التعاون بين البلدين”.

وتضمنت البروتوكولات في بنودها “تبادل التدريب والاستشارات والخبرات والمعلومات من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وأمن الحدود، ودعم القطاعات العسكرية بالمعدات والأجهزة المتطورة”، هذا بالإضافة إلى “الدعم في مجال الخدمات الطبية العسكرية بتوفير أحدث المعدات، وكذلك التعاون في مجال رسم الخرائط”.

وأفصح المتحدث عن التوقيع على بروتوكول يتعلق بالاتفاقية الأولى يعنى بـ”تدريبات الطيران الحديثة، وتحديد المبادئ والمسؤوليات المتعلقة بتدريبات الطيران، وأيضاً الضوابط والشروط والالتزامات الواقعة على الطرفين والمتعلقة بمترشحي ومنتسبي هذه التدريبات”، واشتمل أيضا على “ملحق لبرامج تدريبات الطيران، مثل التدريب على الطائرات النفاثة والنقل والمروحيات”.

ويرى مراقبون أن توقيع الدبيبة على مثل هذه الاتفاقيات الخطيرة التي تكرس عمق التدخل المباشر لتركيا من شأنه أن يثير ردود فعل ليس فقط داخليا وأيضا خارجيا لاسيما من قوى أوروبية وعربية، تعترض على هذا الحضور التركي الطاغي في المشهد الليبي.

وفي الثالث من أكتوبر الحالي وقعت حكومة الوحدة مع تركيا مذكرتي تفاهم أثارتا جدلا واسعا، وتخصان تعاونا مشتركا خاصا بالطاقة والغاز، بالإضافة إلى التعاون الأمني.

ووقعت المذكرتان في العاصمة الليبية طرابلس من قبل وزيري الخارجية والطاقة في البلدين أثناء زيارة وفد تركي رفيع المستوى لطرابلس، ولقائه الدبيبة.

ولاقت مذكرة التفاهم الخاصة بمجال الطاقة والهيدروكربونات رفضا من الكثير من الجهات، تصدرها داخليا مجلس النواب، والحكومة المكلفة من قبله، بدعوى أن حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه وزيرا خارجية مصر واليونان، في إعلان رفض بلديهما للمذكرة.

وتتيح المذكرة للبلدين التنقيب عن النفط والغاز ضمن الحدود البحرية بينهما، والتي جرى ترسيمها في اتفاقية جرت في العام 2019 خلال عهد حكومة الوفاق التي قادها فايز السراج.

ويرى المراقبون أن تركيا المستفيد الوحيد من الوضع الراهن في ليبيا، مشيرين إلى أن النهج الذي يتبناه الدبيبة من شأنه أن يعمق الصراع في هذا البلد، ويقوض جهود المبعوث الأممي الجديد عبدالله باتيلي، في إيجاد أرضية توافقية لإجرء انتخابات عامة.

واستقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة الأربعاء، رفقة نائبيه ناجي مختار وعمر بوشاح، المبعوث الأممي في مقر المجلس بالعاصمة طرابلس.

وأطلع المشري المبعوث الأممي على مخرجات اجتماعات المغرب مع رئيس مجلس النواب، وما تم الاتفاق عليه، حيث عبر المبعوث الأممي عن دعمه لتلك الجهود التي من شأنها تحقيق الاستقرار وتمهد للانتخابات بالبلاد.

وهاجم المشري قبل أيام الدبيبة، فيما اعتبر ردا منه على رفض رئيس حكومة الوحدة مخرجات الحوار الذي جرى في المغرب، والذي أطلق عليه تسمية “مسارات موازية”.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة في لقاء تلفزيوني “إن إجراء الانتخابات ليس من أولويات حكومة طرابلس الحالية، لافتا إلى استشراء الفساد داخل أجهزتها”. وأضاف المشري أن “صور زيارات الدبيبة الخارجية تبيّن وجود أفراد من عائلته فيها، ونحن نرفض حكم العائلة وحالات الفساد في الحكومة”.

ولم يستبعد المشري في تصريحات أخرى العمل مع مجلس النواب والبعثة الأممية لتحقيق سيناريو “تشكيل حكومة ثالثة”، مشيرا إلى مشاكل سياسية وقانونية تعتري الحكومتين الحاليتين.

وتتنازع حكومتان على السلطة في البلد النفطي الغارق في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، واحدة مقرها طرابلس (غرب) تشكلت بقيادة الدبيبة بداية عام 2021 إثر حوار رعته الأمم المتحدة، والأخرى تشكلت في مارس الماضي ويقودها فتحي باشاغا وتحظى بدعم مجلس النواب الموجود في طبرق.

العرب