صادق مجلس النواب العراقي يوم الخميس بالأغلبية على الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، لينهي بذلك جمودا سياسيا تجاوز العام، وأقر المجلس اختيارات السوداني لأعضاء حكومته، التي تضم 21 وزيرا، في حين تأجل التصويت على وزارتين إلى وقت لاحق، وعقب التصويت بالثقة على الحكومة الجديد قال رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي إن يسلم السوداني البلاد وهي في حال أفضل. وحضر الجلسة الخاصة بالتصويت للحكومة، 253 نائبا، ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، بالإضافة إلى قادة قوى سياسية، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت.
وقبيل بدء جلسة مجلس النواب العراقي -أمس-، قال رئيس الحكومة الجديد في كلمة أمام النواب “سيتصدى فريقنا الوزاري للمسؤولية في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تحولات وصراعات سياسية واقتصادية كبيرة جدا”، وتعهد السوداني بمكافحة الفساد الذي كان “السبب وراء العديد من المشاكل الاقتصادية، وإضعاف هيبة الدولة وزيادة الفقر والبطالة وسوء الخدمات”.
وخلال عرضه للتركيبة الحكومية قطع رئيس الوزراء العراقي جملة من التعهدات، من بينها “زيادة قدرة وفعالية الحكومات المحلية، كما هو معمول به في النُظم الاتحادية، وإيجاد حلول مستدامة للملفات مع حكومة إقليم كردستان العراق، من خلال شراكة حقيقية تقوم على الحقوق والواجبات، وضمان وحفظ استقلال القضاء كما نصَّ على ذلك الدستور”.
وتعهد رئيس الوزراء بـ”العمل مع مجلسِ النواب ومجلس القضاء لتشريع وتطوير وتحديث القوانين الساندة للاستثمار بما يتلاءم مع متطلبات الاقتصاد الحديث، إضافة إلى الاستفادة من التجارب الناجحة حول العالم التي اختبرت ظروف العراق نفسها”.
وقال السوداني إن حكومته ستعمل أيضاً على “خلقُ طفرة نوعية في بناء الخبرات ورأس المال البشري والقدرات المؤسساتية لمواكبة التحولات التكنولوجية الهائلة في جميع المجالات والمؤثرة في الاقتصاد والطاقة والبيئة”.
وتضم حكومة السوداني 12 وزيرا من الطائفة الشيعية، غالبيتهم مرشحون من قبل الإطار التنسيقي، و6 وزراء من طائفة السنة، ووزيرين كرديين، ووزيرة واحدة للأقليات، في حين لا تزال وزارتان من حصة المكون الكردي قيد التفاوض، هما وزارتا البيئة والإسكان والإعمار.
ويشكل هذا الضوء الأخضر للحكومة الجديدة محطة حاسمة في مسار الخروج البطيء من أزمة سياسية عانى منها العراق على مدى أكثر من عام، أي منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/ أكتوبر 2021م.
تتحدث السيرة الذاتية عن محمد شياع السوداني، أنه ولد رئيس الحكومة المكلف محمد شياع صبار حاتم السوداني ببغداد عام 1970، وهو متزوج ولديه 4 أبناء، وحصل على درجات علمية منها البكالوريوس من كلية الزراعة بجامعة بغداد عام 1992 والماجستير في إدارة المشاريع عام 1997.
ينتمي إلى حزب الدعوة ـ تنظيم العراق، وهو تنظيم انشق في نهاية التسعينيات عن حزب الدعوة الإسلامي. وبعد 2003 شغل السوداني مناصب حكومية هامة، فانتُخب عضواً بمجلس محافظة ميسان (جنوب) عن قائمة حزب الدعوة الإسلامية عام 2005 وأُعيد انتخابه في 2009، وبأبريل/نيسان من العام نفسه اختير محافظاً لميسان. ثم انضم إلى تحالف دولة القانون برئاسة المالكي في انتخابات العام 2010 و 2014 و2018. وقد تولى وزارة حقوق الإنسان في وزارة المالكي الثانية في العام 2010 .
ثم أصبح وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية في الوزارة التي شكلها الدكتور حيدر العبادي في العام 2014.وفي مناصبه خارج العراق انتُخب رئيساً لمجلس إدارة منظمة العمل العربية بالإجماع في القاهرة بين عامَي 2017 و2018. ونهاية 2019 أعلن استقالته من حزب الدعوة وأسس “تيار الفراتين” الذي يرأس أمانته العامة وله ثلاثة مقاعد من أصل 329 في مجلس النواب الحالي. ومما لاشك فيه أن هذه المناصب أضافت إلى السوداني الكثير من الخبرة في العمل السياسي.
يعرف عن محمد شياع السوداني بحيويته الإستثنائية ولعل مرد هذه الحيوية الصفات القيادية التي يتمتع بها كونه يتصف بالنزاهة وأنه غير ملوث بملفات فساد وقادر على التمييز بين العلاقات والعمل والوضع السياسي والأحزاب السياسية والاستحقاقات، إلى جانب كونه شخصية قوية وغير جدلية.
فالعراق في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه السياسي المعاصر إذ يعاني العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمائية، فهو بأمس الحاجة إلى رئيس وزراء على غرار محمد شياع السوداني بما يتمتلكه صفات أخلاقية ومؤهلات قيادية لكي يخرج العراق من أزماته التي أصبحت عبئًا على الدولة والمجتمع العراقي ويقود العراق داخليًا إلى التعافي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لكي يصبح للعراق خارجيا حضورًا سياسيًا واقتصاذيًا ذو ثقل عربي وإقليمي ودولي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية