قرار صعب كمن يتجرع “السم”.. ضربة موجعة لإحراج بوتين وأعلام أوكرانية وأغان تصدح في خيرسون

قرار صعب كمن يتجرع “السم”.. ضربة موجعة لإحراج بوتين وأعلام أوكرانية وأغان تصدح في خيرسون

يبدو أن التقدم الميداني الذي أحرزته كييف في خيرسون غيّر موازين القوى من جديد، إذ وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعادة قوات بلاده مدينة خيرسون بـ”التاريخي”، داعيا الجنود الروس في مناطق جنوب أوكرانيا إلى الاستسلام.

وفي حين أعلن الجيش الأوكراني اكتشاف دبابات ومعدات عسكرية أخرى خلفتها القوات الروسية، أعلن الروس اكتمال عمليات نقل قواتهم من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، متخذين مدينة غينيتشيسك عاصمة مؤقتة للإقليم.

ولم يترك زيلينسكي هذا الحدث يمر من دون أن يعبّر عن زهوه بالتأكيد أن الوحدات الخاصة في الجيش الأوكراني موجودة حاليا وسط المدينة، حيث شهدت العاصمة كييف احتفالات إثر إعلان دخول قواتها المسلحة مدينة خيرسون بعد انسحاب القوات الروسية من الضفة الغربية من نهر دنيبرو.

كما ردد المحتفلون هتافات التأييد لوحدة الأراضي الأوكرانية ودعم القوات المسلحة التي قالوا إنها تحقق انتصارات متتالية في جبهات القتال.

وضع محرج
وفي تحليله التقدم الأوكراني، أوضح الباحث في العلاقات الدولية ستانيسلاف ميتراخوفيتش -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2022/11/12)- أنه وضع محرج كان متوقعا من قبل الخبراء الروس، إذ كان الدفاع عن خيرسون أمرا صعبا، نظرا للمشاكل اللوجيستية.

وبرر هذه الخطوة بأن الحرب تتجه نحو توازن عسكري ونوع من المفاوضات السلمية التي يمكن أن تبدأ مباشرة بعد الوصول إلى توازن سياسي، ومن المنطقي أن تحقق روسيا نوعا من الهدنة، ولم يعد -حسب رأيه- التقدم الميداني الأوكراني أمرا سهلا في المستقبل.

وعن تداعيات التقدم الأوكراني، شكلت الهتافات والأغاني والأعلام الأوكرانية المرفوعة في خيرسون حرجا للجيش الروسي وعملياته، لأن أهالي خيرسون بذلك يؤكدون رغبتهم في أن يكونوا جزءا من كييف، وهي ضربة سياسية لبوتين والكرملين، حسب ما ذكر الدبلوماسي الأميركي السابق لدى موسكو دونالد جنسن في حلقة البرنامج.

وبخصوص المفاوضات، لا توجد -برأي جنسن- ضغوطات من الإدارة الأميركية على أوكرانيا للتفاوض، لأنها مستقلة في قرارها، وهو أمر مستبعد حاليا، ولن يتعدى الأمر مرحلة توازن عسكري، رغم أن إيقاع التقدم الأوكراني قد يتباطأ بسبب العوامل البيئية واقترابها من المناطق السكانية، ولكنها لن تجمد تحركاتها حسب توقعات الدبلوماسي الأميركي.

لعبة تدمير الإمدادات
وبشأن أسباب تقدم كييف، كان الواقع العملياتي يميل لصالح القوات الأوكرانية التي أجادت لعبة تدمير خطوط الإمداد ومنع أي تعزيزات عسكرية، فبدأت قدرات القوات الروسية تتآكل، وكانت الخطة تعتمد على تنفيذ اختراقات ومحاولة لمحاصرة الجيش إلى حين استسلامه أو تدميره، وقرار الانسحاب كان صعبا على روسيا “كمن يتجرع السم، لأن الواقع العملياتي فرض عليها خطوة الانسحاب”، وفق الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري.

وفي تحليلاتهم أبعاد هذا التقدم، تحدث الخبراء عن جمود ميداني قادم بحكم الأمر الواقع، مما قد يفسح المجال لحراك سياسي ما ينتهي -أو ربما يبدأ- بالتفاوض، وسط تساؤلات إن كان ذلك سيكون مقصد واشنطن من حديثها عن تداعيات أوسع لاستعادة خيرسون من الروس.

غنيمة الحرب
أما عن غنيمة الحرب، فقالت المتحدثة باسم قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية، ناتاليا هومينيوك، إن قوات بلادها اكتشفت دبابات ومدافع ومعدات روسية أخرى في الأراضي المحررة في الجنوب بعد فشل الروس في عبور نهر دنيبرو بها في أثناء الانسحاب.

وأضافت هومينيوك أن المعدات هناك متروكة بشكل فوضوي، وأن الجيش الأوكراني يجمع ما يناسبه منها لاستخدامه في الهجوم المضاد، مؤكدة أن الروس زرعوا مساحات كبيرة من الأراضي التي غادروها بالألغام، ومن ثمّ فإن العودة إلى الأراضي المحررة لا تزال محفوفة بالمخاطر.

ومن جهة الجانب الأميركي، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الأوكرانيين حققوا انتصارا كبيرا، مضيفا أن الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها لتقديم المساعدة الأمنية لأوكرانيا، لتكون في أفضل وضع ممكن في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.

وأوضح أن روسيا تضاعف جهودها لضم الأراضي الأوكرانية، وهذا ليس علامة على الجدية في التفاوض، حسب تعبيره. وشدد على أن الأمر متروك لأوكرانيا لتقرر “متى وكيف تريد التفاوض مع روسيا”، مضيفا أن بلاده لن تضغط على الأوكرانيين ولن تملي عليهم ما يجب أن يفعلوه.

المصدر : الجزيرة