ضغوط السوداني تجبر رئيس هيئة النزاهة العراقية على الاستقالة

ضغوط السوداني تجبر رئيس هيئة النزاهة العراقية على الاستقالة

بغداد- أجبرت الضغوط التي مارستها حكومة محمد شياع السوداني على هيئة النزاهة العراقية رئيسها علاء جواد الساعدي على الاستقالة من منصبه الأحد “على خلفية حملات التشويه والتشهير التي تعرضت لها الهيئة”، وهو ما يبدو أنه اتهامات بالتقصير طالت الهيئة على خلفية الكشف عن سرقة 2.5 مليار دولار التي وصفت بأكبر عملية اختلاس في تاريخ البلاد، قبل نحو شهر. لكن تكليف حيدر حنون زاير المتهم بالفساد رئيسا جديدا للهيئة يعمق شكوك العراقيين في جدية الحكومة في محاربة الفساد.

وتداولت تقارير إعلامية ما مفاده أن استقالة الساعدي جاءت بناء على طلب رئيس الوزراء نفسه.

وفي الأسبوع الماضي قام رئيس الحكومة العراقي بنقل مدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة كريم الغزي إلى خارج الهيئة، متهما إياه بالتقصير في أداء مهامه في ملف الفساد المتعلق بالأمانات الضريبية أو ما عرف بـ”سرقة القرن”، فيما بدت إقالة الغزي ضغطا على الهيئة، بالإضافة إلى الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.

◘ المجلس الأعلى للقضاء العراقي سبق أن أعلن في أغسطس 2016 عن إعفاء زاير من منصبه بسبب تهم فساد

ويؤكد السوداني في مختلف تصريحاته على أولوية مكافحة الفساد فيما يتهمه معارضوه، وخاصة التيار الصدري، بأنه سيعمل على التغطية على الفاسدين الحقيقيين، في إشارة إلى القوى الداعمة له والمنضوية في الإطار التنسيقي، مقللا من أهمية تعهده بمكافحة هذه الظاهرة التي كان سلفه مصطفى الكاظمي قد رفع شعار محاربتها أيضا.

وبسبب فشل كل الحكومات السابقة في محاربة ظاهرة الفساد فقد العراقيون الأمل وأصبحوا ينظرون إلى تحركات السوداني المتعلقة بمحاربة الفساد على أنها ذات أغراض سياسية الهدف منها إضفاء الجدية على جهود الحكومة في محاربة الفساد المستشري، والظهور في صورة مخلّص البلد من هذه الآفة.

وزادت حدة هذه المخاوف إثر الإعلان عن قبول استقالة الساعدي وتعيين القاضي زاير الذي اتُّهم بالفساد قبل ست سنوات، ما أثار غضبا شعبيا في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان المجلس الأعلى للقضاء العراقي قد أعلن في أغسطس 2016 عن إعفاء زاير من منصبه بسبب تهم فساد، وهو قيادي في تحالف الفتح الموالي لإيران برئاسة هادي العامري.

غراف

وأكد المجلس في قراره أن إعفاء زاير جاء على خلفية تهم فساد، مشيرا في الوقت نفسه إلى إحالة القاضي على اللجنة الانضباطية الخاصة بمحاكمة القضاة التي ستقرر مصيره، لكن لم يعلن الإعلام والسلطات الرسمية خضوعه للمحاكمة، وهو ما يؤشّر على حدوث تسوية مّا.

وبعد انقضاء عامين على الإعفاء ظهر زاير من جديد مرشحًا لانتخابات 2018 عن تحالف الفتح برئاسة هادي العامري.

وفي يوليو العام الماضي أعلن مجلس القضاء الأعلى تعيين زاير رئيسا لمحكمة استئناف محافظة ميسان الجنوبية بمرسوم جمهوري، وقال المجلس في بيان إنّ القاضي زاير أدى اليمين القانونية أمام رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بمناسبة صدور المرسوم الجمهوري الخاص بتعيينه في منصب رئيس محكمة استئناف ميسان الاتحادية.

وذكر بيان أصدرته الحكومة العراقية الأحد أن السوداني أنهى تكليف الساعدي من رئاسة هيئة النزاهة بناءً على طلبه، وثمّن جهوده في المرحلة السابقة وكلّف بدلاً عنه زاير للقيام بمهام رئاسة الهيئة وكالة.

وأكد السوداني أن الحكومة مستمرة في جهود مكافحة الفساد واسترداد الأموال العراقية المنهوبة ومحاسبة المتورطين في قضايا النزاهة، حيث يحظى هذا الملف بالأولوية في المنهاج الوزاري.

وكان الساعدي أعلن الأحد الاستقالة من منصبه على خلفية “حملات التشويه والتشهير التي تعرضت لها الهيئة”.

وقال الساعدي في بيان صحفي “من منطلق المسؤوليَّـة الوطنيَّـة المُلقاة على عاتقنا ولعدم تشبُّثنا بالمنصب بل والزهد فيه ولعدم تمكُّننا من الاستمرار في موقعنا، بعد حملات التشويه والتشهير الذي تعرَّضت له مُؤسَّستنا، نتقدَّم إلى رئيس مجلس الوزراء بطلب الإعفاء من المنصب”.

وأضاف “إنَّ تسنُّم منصبٍ مهمٍّ في الأجهزة الرقابيَّة الوطنيَّة ليس مسألة تشريفٍ ونزهةٍ يمكن أن يتمتَّع به الشخص المُكلَّف، بل هو تكليفٌ ومسؤوليَّـةٌ وطنيَّـةٌ كبيرةٌ ذات مصاعب ومتاعب تثقل كاهل المُكلَّف، وإنَّ التخلِّي عن هذا الموقع لهو راحةٌ لصاحبه وانعتاق وتحرُّر من تلك المسؤوليَّات الجسام المحفوفة بالمخاطر والمصاعب والمشاكل مع أطراف عدَّةٍ داخل السلطة التنفيذيَّـة أو الكتل الساندة لأعضائها في السلطة التشريعيَّـة”.

العرب