تونس – تسعى الحكومة التونسية إلى تحقيق نسبة نمو اقتصادي تبلغ 1.8 في المئة لسنة 2023. ورغم أنها تعكس تراجعا عن تلك التي حققها البلد في السنة الحالية، والمقدرة بحوالي 2.5 في المئة، تواجه الحكومة عراقيل في مسعاها لبلوغ هذه النسبة.
وقالت وزارة الاقتصاد التونسية إن ميزانية البلاد سترتفع بـ14.5 في المئة عام 2023 إلى 69.6 مليار دينار (22.3 مليار دولار)، كما سيبلغ النمو الاقتصادي 1.8 في المئة.
وتتوقع تونس خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المئة خلال العام المقبل من حوالي 7 في المئة متوقعة للعام الحالي، بدعم من إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ.
وأفاد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان بأن ” السعي إلى خفض عجز الميزانية هدف إستراتيجي، ويأخذ من ميزانية الدولة نسبة مهمة جراء الاتفاقات التي أبرمتها الحكومات السابقة”.
وقال لـ”العرب”، “ارتفعت ديون البلد بشكل لافت خلال العشرية الأخيرة حيث كانت تبلغ في 2011 قرابة 30 مليون دينار (9.8 مليار دولار) والآن هي في حدود 120 مليار دينار (38.30 مليار دولار)” لافتا إلى أن هذه القروض تم إنفاقها لا استثمارها بهدف خلق الثروة وبناء المشاريع.
وتحتاج البلاد بشكل عاجل إلى مساعدة دولية منذ أشهر، إذ تواجه أزمة في المالية العامة أثارت مخاوف من عجزها عن سداد الديون وأسهمت في نقص الغذاء والوقود، وفقا لما ذكره معارضون للحكومة.
وستزداد احتياجات البلاد من الاقتراض الخارجي العام المقبل بنسبة 34 في المئة إلى 16 مليار دينار (حوالي 5 مليارات دولار).
وأضافت الوزارة الجمعة أنها تتوقع استمرار الضغوط التضخمية مع بدء إصلاح نظام الدعم، الذي تعتزم الحكومة إطلاقه من أجل الحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
وتوصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام. وتسعى تونس للتوصل إلى اتفاق نهائي خلال أسابيع.
ووقع الرئيس التونسي قيس سعيد الخميس على قانون المالية، وهي خطوة قد تسهل حصول البلد على القرض المتفق عليه مع الصندوق، والذي تم تأجيله بسبب عدم إصدار الميزانية.
وبحسب الترجمان فإن “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو تأكيد من الحكومة على أن الاقتصاد بدأ يتعافى، وهذا مهم جدا على الأقل لاستعادة الثقة بالاقتصاد التونسي وخروج البلاد من التصنيف السلبي”.
ومن المتوقع أن تواجه الحكومة ضغوطا من قبل المعارضة سواء المتمثلة في الأحزاب (جبهة الخلاص) أو اتحاد الشغل الذي لا تتوقف قيادته عن الإدلاء بتصريحات وخطابات متشنجة تلوّح بالتصعيد، إلا أنه لم يتقدم بأي خطة واضحة حتى الآن.
وفيما يرى مراقبون أن تعامل السلطة الحالي مع الاتحاد وحصر دوره في الجانب النقابي يعد الخيار المناسب لتحجيم دوره الذي تضاعف منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، يدعو البعض إلى ضرورة الإصغاء لمقترحاته التي لم يصدرها بعد.
من جهته قال الناشط السياسي المنذر ثابت “لا نعلم إلى حدّ الآن تفاصيل وجزئيات قانون المالية، وهذا إشكال حقيقي بخصوص معرفة الاستثمار وشروطه والضرائب وغيرها”.
وتابع ثابت “الملف الاقتصادي أولوية مطلقة وإذا أسيئت إدارته سيقود إلى انفجار اجتماعي وبالتالي سقوط النظام السياسي، وهذا يقتضي تنظيم حوار وطني مع الأطراف الاجتماعية (اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحة) والاتفاق على وجوب حلحلة الملف الاقتصادي”.
وأردف “الملف السياسي هو موضوع صراع، لأن الرئيس سعيد قطع أشواطا في أجندته الخاصة بالجمهورية الثالثة، وهناك حقيقة أن الأزمة تحتدّ جراء ترحيل الملفات من قبل حكومات ما قبل مسار 25 يوليو”.
واستطرد قائلا “الوضع سيتجه نحو حلول جزئية وتقليدية ولن يكون هناك حل جذري، كما ستكون هناك مواجهة بين السلطة والمعارضة (اتحاد الشغل، جبهة الخلاص، الدستوري الحر…).
العرب