تميزت السنة المنتهية بتغيرات جذرية في السياسة الخارجية لروسيا، إذ شهدت أعمق أزمة مع الدول الغربية بعد اندلاع الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، والتي فجرت كل التناقضات المتراكمة بين موسكو والغرب.
ونشرت صحيفة بروفايل الروسية تقريراللكاتب إيفان تيموفيف قال فيه إن العقوبات الاقتصادية على روسيا كانت إحدى نتائج تلك الأزمة، ففي وقت قصير تم إخراجها من دائرة العولمة الغربية، فيما نجح الاقتصاد المحلي في التعامل مع العقوبات، وعلى الرغم من أن العام ينتهي بركود للاقتصاد الروسي فإن الأمر ليس كارثيا.
وتساءل تيموفيف عما يمكن توقعه من العقوبات ضد روسيا في 2023، مبينا أن العقوبات تعتبر الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية ضد إحدى الدول الكبرى، حيث شملت حظر التعاملات المالية والاستثمار، ووقف التصدير إلى روسيا، وفرض قيود على الواردات الروسية وعلى النقل والتأشيرات، ووضع سقف لسعر النفط الروسي.
حذر الأصدقاء
ولفت الكاتب إلى أن الخوف من العقوبات الثانوية والتدابير الجزائية لانتهاك نظام العقوبات يشمل حتى البلدان الصديقة التي تظهر شركاتها حذرا مفرطا في العمل مع روسيا، إذ أصبح التأخير أو إلغاء المدفوعات المصرفية واضحا في كل مكان، فضلا عن فقدان الأسواق الأجنبية، وحدوث تعطيل لافت في سلسلة التوريد المألوفة.
وأوضح تيموفيف أن ما يثير الدهشة هو استقرار الاقتصاد المحلي الروسي على المدى القصير، فرغم أن التضخم وسعر صرف الروبل والأسعار والبطالة وغيرها من المؤشرات قد أدت إلى اتخاذ قرارات غير سارة فإن التداعيات ظلت عموما تحت السيطرة، كما أن هناك انخفاضا ملحوظا في عدد من الصناعات، لكنه غير لافت وليس له تأثير تراكمي بعد.
عام 2023
وبشأن ما هو متوقع خلال العام الجديد، أشار الكاتب إلى أن الجواب الأول والواضح هو أن العقوبات سوف تتعمق أكثر، إذ يتوقع أن تعزز الجزاءات في إطار الآليات القائمة، أو بعبارة أخرى فإن العقوبات لن تزداد اتساعا ولكنها ستزداد عمقا.
ويرى تيموفيف أن السيناريو الأكثر توقعا هو تجديد قوائم الأشخاص المحظورين، وكذلك مجموعة السلع المحظورة للتصدير والاستيراد من روسيا، معتبرا أن تجديد “القوائم السوداء” لتشمل جميع الشخصيات السياسية والعامة الروسية الجديدة لن يؤثر على الاقتصاد بأي شكل من الأشكال.
وبيّن أن العقوبات المفروضة حاليا أكثر خطورة، وسوف تتراكم تأثيراتها، فرغم أن روسيا تمكنت من نقل كميات كبيرة من نفطها إلى الأسواق الآسيوية فإنها تبيعه بسعر أرخص، ولأنه سيكون من الصعب استبدال أسواق المنتجات البترولية فإن إعادة التوجيه إلى آسيا أمر لا مفر منه، لكن التكاليف ستكون أعلى والعائد أقل، ولهذا يتوقع حدوث انخفاض في إنتاج وتصدير النفط والغاز والمنتجات البترولية والفحم ومنتجات المعادن الحديدية في السنوات القليلة المقبلة.
وأشار الكاتب إلى ما اعتبرها مشكلة خطيرة أخرى، وهي النقص في السلع والمكونات الصناعية وعالية التقنية.
محيط مواز
ووفق الكاتب، فمن أجل التغلب على هذه المشاكل سيتم تشكيل “محيط مواز” للتعاون مع روسيا في الصين والهند وتركيا وبلدان أخرى مع الأخذ في الاعتبار خطر العقوبات التي تشمل من يتعامل مع موسكو، وستبدأ المجموعات الصناعية والمالية التي تركز حصريا على التعاون مع الاتحاد الروسي في الظهور، ولن توقفها العقوبات الثانوية.
وأكد أن الغرب لن يقدر على عزل روسيا، لكن بالمقابل بإمكان العقوبات زيادة التكاليف وتعقيد التجارة الخارجية.